مقالات

حتى الحرب لها أخلاق وقوانين وآداب وأعراف بقلم أ. أحمد مختار البيت

بقلم أ. أحمد مختار البيت

دروب الحقيقة
بقلم أ. أحمد مختار البيت
حتى الحرب لها أخلاق وقوانين وآداب وأعراف
أي حرب لها نهاية مهما طالت، وتبقى منها في ذاكرة التاريخ، المواقف العظيمة وأخلاق الفرسان ونبل الطباع، واليوم يمتحن الشعب السوداني في القيم التي عرف بها في كل المجتمعات التي عاشرت أو عاشت مع السودانيين ردحا من الزمان أو زارته ولمست عن قرب خلال لا توجد في الآخرين.
إنها الحرب إذن
500 تلميذ وتلميذة محاصرون في فصولهم مع معلميهم وإدارتهم، ولم يتمكن ذويهم من الوصول إليهم بسبب ضراوة المعارك، وانعدام مسارات آمنة لخروجهم بالهلال أو الصليب الأحمر 22 قتيل ضحايا مدينة نيالا وحدها أمس، و11قتيل وقتيلة ضحايا مدينة أمدرمان، وهناك أعداد لم يتم حصرها حتى اللحظة، وتتحدث تقارير موثوقة عن طالبات محتجزات في داخليات، وموظفين باتوا في مقار عملهم وهم صائمون ومازالوا وعن إعلاميين وصحفيين عالقين في مكاتبهم لم يتمكنوا من الحركة وعشرات من الحالات الإنسانية الحرجة، نساء في حالة ولادة، ومرضى في حاجة ماسة لأكسجين أو إسعاف، أومقابلة أطبائهم رغم ظروف المستشفيات التي تفتقر للمعينات والمستلزمات الطبية، أطفال ناموا تحت الأسرة، وأسئلة حيرى في عقولهم ماذا يجري في وطنهم، ولماذا تأجلت الإمتحانات.
هل من حق هؤلاء الأبرياء ان يحلموا بسلام دائم على جثة الحرب كما يقرر المبدع عبدالعزيز بركة ساكن، متى نقضي على الحرب وتصوراتها في الأذهان والعقول كما تعتقد اليونسكو؟
ومتى نعرف أن حتى الحرب لها قوانين وآداب وأعراف، يجب التقيد الصارم بها وفي كل الظروف، لأن الحرب ليست هى الأصل في الحياة، بل هى فعل طارىء في حياة الناس، واليوم يفيض بالسودانيين والسودانيات الحزن القاتل، والألم الممض، لأن العالم لأول مرة يشاهد ومعه الأصدقاء والأعداء، على شاشات الفضائيات حروبهم المخجلة بالصورة والصوت ويعرف الوجه الآخر لهم، حتى لا ينخدع بأخلاقهم وقيمهم وحماقاتهم، فقد كانت كل الحروب الأهلية السابقة، وجرائمها تتم في الظلام والغابات والأدغال، أما فاجعة الحرب اليوم، فهى موثقة أمام الجميع، ولا مجال لنكران فظائعها وأهوالها.. ماذا يقول السودانيون في المهاجر ومطارات الغربة لآخرين، رسموا في مخيلاتهم صور زاهية عن الشعب السوداني، وقيمه وأخلاقه وحسن تعامله هل يقولوا لهم إن الذين يتقاتلون في شوارع الخرطوم من كوكب آخر، هل بإستطاعتهم أن يقولوا لأي جهة أو لدولة شقيقة أو صديقة بعد الآن أدعموا بلدنا، وقدموا له الخدمات ومشروعات التنمية ونحن نرى الوطن يذوب بين أيدينا بأفعال لا علاقة لها بالعقل، ومن أناس يزعمون حرصهم على الوطن وشعبه وترابه.
كم نحتاج من الزمن لأزالة الصورة الشائهة التي رسمتها حروبنا الأهلية في أذهان الآخرين، لماذا عجزنا عن التعبير عن قضايانا، بصورة تشبه ما يعتقده الآخرون عنا من صدق وإخلاص، إم كنا نخادع ونمثل.
الجنة والخلود للأبرياء الذين غادرت أرواحهم هذا الواقع المر في هذا الشهر الكريم. والاعتذار واجب لكل الذين تعلقوا بنا وبحب وطننا، نزار قباني و محمود درويش و صدام حسين و أحلام مستغانمي ونلسون مانديلا والملك حسين إلى آخر طفل سعودي تعلم غناء الطمبور.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب