500 مليار دولار كلفة إعمار سوريا: تركيا تصدّر نفسها «حاميةً للأقليات»
500 مليار دولار كلفة إعمار سوريا: تركيا تصدّر نفسها «حاميةً للأقليات»
يقدّر المسؤولون الأتراك كلفة إعادة إعمار سوريا بنحو 500 مليار دولار، وفق ما أفاد به الرئيس رجب طيب إردوغان، الذي رأى أنه سيكون على الدول العربية والإسلامية والأوروبية أن تساعد في إعادة إعمار سوريا. وقال إردوغان: «الثورة السورية فتحت أمامنا نوافذ تاريخية. لن يكون هناك مكان للإرهاب، وسنزيل عن كاهلنا إرهاب 40 عاماً»، ورأى أن دعوة زعيم المعارضة، أوزغور أوزيل، اللاجئين السوريين إلى مغادرة تركيا، بعدما رحل الرئيس السابق، بشار الأسد، «مفتقرة إلى المشاعر الإنسانية»، مجدّداً التأكيد أن بلاده «لن تجبر أحداً على العودة إلّا بإرادته».
وبعدما كان وزير الخارجية التركي، حاقان فيدان، قد «طمأن»، في تصريحات أدلى بها الأسبوع الماضي، الأقليات السورية إلى أن «تركيا، كما حمت التركمان الذين تركوا سوريا واستضافتهم، ستحمي العلويّين والنصيريين والأيزيديين والمسيحيين»، رأى الوزير، في حوار تلفزيوني، أن «تعيين الوزراء السوريين أمر مهمّ حتى يجد الوزراء الأتراك لدى ذهابهم إلى سوريا نظراء لهم هناك. والعديد من الوزراء يجب أن يبقوا في الحكومة الدائمة التي ستتشكّل لاحقاً». وقال فيدان إن أحمد الشرع أخبره أن اسم سوريا الجديدة سيبقى كما هو: «الجمهورية العربية السورية»، إذ يبدو واضحاً أن إلغاء صفة «العربية» عن اسم سوريا، كان سيسبّب حرجاً لتركيا، كونه سيعني أن الخيارات مفتوحة أمام وضع قانوني خاص بالأكراد وغيرهم، وهو ما تخشاه أنقرة. كذلك، ذكّر وزير الخارجية التركي بأن الأسد «اضطهد الأكراد ولم يعطِ الكثير منهم الجنسية، الأمر الذي اضطرّ تركيا إلى التدخل ومنح جنسيتها لعدد كبير منهم»، مضيفاً: «(أنّنا) ضدّ سياسة الدومينو، أي أن تكون إيران وتحلّ محلّها تركيا، بل تركيا ستكون مع الجميع». وتحدّث فيدان في الاتجاه نفسه الذي ذهب إليه الشرع سابقاً، مقترحاً أن يصار إلى طرح دستور جديد على الاستفتاء، تُجرى على أساسه انتخابات نيابية. ولكن هذا، وفق ما أضاف، «يتطلّب عودة أكثر من 10 ملايين سوري إلى بلادهم»، معتبراً أن «مشكلة الوحدات الكردية يجب أن تحلّها الدولة السورية الجديدة، وأمام الأكراد فرصة لأن يكونوا مواطنين متساوين مع السوريين الآخرين وأن يتركوا السلاح. وإذا لم يفعلوا ذلك، فإن تركيا لن تتردّد في القيام بعملية عسكرية لتجريدهم من السلاح».
النظام الجديد في دمشق لن يوافق على صيغة امتيازات للأقليات المذهبية أو العرقية
في هذا الإطار، كتب عبد القادر سيلفي، في صحيفة «حرييات»، أن «حزب العمال الكردستاني والوحدات لم يتركا باباً إلّا طرقاه لحماية وجودهما العسكري في شرق الفرات»، وأن قائد «قسد»، مظلوم عبدي، عرض خلال لقائه مع الشرع، «إنشاء فصيل كردي في الجيش السوري وتقاسم النفط السوري مناصفةً. لكن إدارة الشرع رفضت كل هذا، وأبلغتهم أن لا حلّ إلّا بتسليم السلاح». وقال سيلفي إن «(الرئيس الأميركي المنتخب دونالد) ترامب وحده قرأ التطوّرات في سوريا بشكل صحيح، بقوله إن مفتاح سوريا بيد تركيا»، مضيفاً أن الأخيرة «تصبر على حلّ المشكلة من دون حرب، ولكنّ لصبرها حدوداً. تهديد إردوغان بدخول شرق الفرات «فجأة ذات ليلة»، هو رسالة إلى إيران والدول الغربية التي تحمي الأكراد هناك وكل دولة أو قوّة أخرى تجري حسابات على الأرض السورية». وربط الكاتب مجريات الوضع في سوريا بعملية التواصل مع أوجالان في سجنه، قائلاً إن زعيم «الكردستاني» لم يقدّم أيّ طلب في شأن إقامة كونفدرالية أو فدرالية أو حتى حكم ذاتي في سوريا، بل أراد أن يتم الاعتراف بحقّ الجميع في فرص متساوية. كما رأى الكاتب أن أوجالان سيوجّه نداءً بترك السلاح، و«حزب العمال لن يخالفه، ولكن بعد زيارتين أو ثلاث أخرى يقوم بها «حزب الديموقراطية والمساواة» الكردي في تركيا إليه في سجنه». وباختصار، شدّد سيلفي على أن الخط الأحمر لتركيا هو أنه «لن تكون هناك أيّ خطوة تركية تجاه الأكراد قبل أن يسلّم حزب العمال الكردستاني سلاحه»، سواء في تركيا أو في سوريا.
وفي «يني شفق»، رأى ياسين آقتاي أن «النظام الجديد في دمشق لن يوافق على صيغة امتيازات للأقليات المذهبية أو العرقية. وسوريا لن تكون لبنان أو عراقاً آخر يعتمد نظاماً طائفيّاً وضعه القناصل من أجل التحكّم به والتدخّل في شؤونه من الخارج. إن نظام المحاصصة والفدرالية، كما في العراق ولبنان، كانت نتيجته التوتّرات التي لا تنتهي في هذين البلدَين والتي جعلت من الإصلاح فيهما غير ممكن». ولفت أيضاً ما كتبته «يني أوزغور بوليتيكا» الكردية حول التطوّرات في سوريا، إذ ربطت الصحيفة بين وضع العلويين ومستقبل «الوحدات» في «روجافا»، لافتةً، نقلاً عن مصادر علوية في الداخل السوري، إلى أن «العلويين في سوريا يعيشون في ظلّ خوف على حياتهم ومصيرهم»، وأن «حكم أحمد الشرع يهدّد العلويين، ومَن لا يسلّم سلاحه منهم يبادرون إلى قتله». ونسبت الصحيفة إلى هذه المصادر أنه «إذا لم تتحقّق الديموقراطية، فإن العلويين سيكونون أمام مجازر كبيرة. فهم يربطون مستقبلهم بنجاح قوات سوريا الديموقراطية. والعلويون يتابعون باهتمام مسار الحرب بين الجيش التركي وقوات قسد. وإذا كان من أمل لنا في سوريا، فهو بفضل هذه القوات».