مقالات
قراءة جديدة لأطروحة الجيل العربي الجديد بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق -سوريا –
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق -سوريا -
قراءة جديدة لأطروحة الجيل العربي الجديد
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق -سوريا –
كانت أطروحة الجيل العربي الجديد،بالنسبه للجيل الأول والثاني من أبناء البعث العربي الاشتراكي،أن حزب الأمة العربية،ولد ولادة جديدة،وأن الأمة العربية وجدت نفسها في هذا الجيل.وكيف لا وقد قال فكر البعث،بأن “تحقيق الفرد لشخصيّته،تتحقق شخصية أنت.-في سبيل البعث-ج1-ص163″ولكن أي شخصية يريدها البعث؟
بعد أن يفصح الجيل العربي الجديد عن نفسه،بانه،يظهر حال الأمة العربية بما هي عليه،هي أمة “مسيرة منفعله،خاضعة لسلسلة من العوامل والظروف البعيد والقريبة،الداخلية والخارجية.فبين ظروف الأمة ومصلحتها،وبين إرادتها تضارب وتتاقض،أي عملها عكس نفعها.-المرجع السابق-ص163-164″.
وأ مة بهذا الحال،وهذا الواقع ماذا تحتاج،وماذا تريد،ويجيب الجيل الجديد الباحث عن مخارج لأمّته ؟
“لابد إذن من جيل بكامله مهيأ أن يمتهن النضال ويستمر فيه إلى نهايته.-نفس المرجع -ص164”
ولكن الجيل العربي الجديد الذي تجد فيه الأمة العربية موحدة،تخوض معركة مصيرها باقتدار مسلح بفكر يشكل لها دليل عمل،وسلاحاً يتأبطه باقتدار ،حتى لا يفقد دربه نحو مستقبله.ويجيبنا أستاذنا،والجيل يبحث عن كلمة السر في وجوده،بأنّ “إنّنا إذ نذكر الجيل العربي الجديد،نعني به جيلاً لم يتحقق،وأن تكون له في واقعه ممكنات.-نفس الصفحة”ويجيبنا،”ومن العبث أن ننتظر ظهور هذا الجيل،إذا لم تظهر فكرته[….]فإذا لم تكن،لم يكن-نفس الصفحة “وكانت قرائتنا في أطروحة الجيل العربي الجديد،ووقوفنا أمام الفكرة،وجيل الفكرة،أسئلة وأسئلة شغلت تفكيرنا ،من أين لأستاذنا هذه الأطروحة،هل هي من بنات أفكاره،أم أنّه عثر عليها في بطون الكتب،وكان علينا أن ننتظر ..أن نحيب عليها من أنفسنا،أو بما سيقدمه أستاذنا في قادم الأيام.
والحقيقة كانت هذه الأسئلة مؤجلة في جوانيتنا،بانتظار الأيام القادمة،أو قل الزمن القادم،وتحديات الأمة العربية تتكاثر وتتكاثر معها همومنا.وتحديات الأمة العربية بتكاثرها،كانت تقًول لنا على لسان الجيل العربي الجديد الفكرة،أن هذه التحديات تجابه بموقف فكري،يضع الأولويات بمكانها الصحيح،وزمنها الحقيقي،يمكن
تحديده بالآتي:
-الجيل العربي الجديد سيخرج من الواقع الفاسد،ولكنه سيكون نقيضه.
-ولابد لهذه الأمة في جيلها العربي الجديد أن تعيش آلامها،بعين بصيرة،وإرادة قوية.
-وعلى الجيل العربي الجديد،أن يقول حكمه على هذه التحديات،وأن يكون هذا القول في مستوى وضع هذه المسائل وعرضها بمستوى يوصل “إلى تكوين عقيدة ومثل ومفاهيم تمكن الجيل الجديد من القيام بمهمته التاريخية.”-ص166-نفس المرجع”
-ولكن حكم الجيل العربي الجديد على ما يواجهه من تحديات،يظل بحاجة “إلا إذا كان له في فكره ونفسه مجتمع مثالي يستمد منه قيمه،ويسأله الحكم على تفكيره وعمله -نفس الصفحة”– “الجيل الجديد لن يكون إلاّ بانفصاله عن الجيل القديم ،لا في الزمن الاصطلاحي،بل في الزمن النفسي والجوهر-ص167″
-ويأتي لنا أستاذنا من تاريخنا أنموذجا عن الجيل العربي الجديد،فيأخذنا معه إلى هذا الأنموذج،الذي يراه بقوله” في وقت آخر عند البعثة كانت الأمة رجلاً واحداً،وكان هذا الواحد كافياً ليمثلها في ذلك الحين،وإلى ألوف السنين.-ص167″
ونعود لسؤالنا المؤجل،من أين لأستاذنا أطروحة ومقولة الجيل العربي الجديد لنتبين سلامة هذه الأطروحة بفكرتها،فهناك من وجهة نظرنا،فارق كبير أن تكون الأطروحة آتية له من الفكر أم من التجربة العربية في ماضيها وحاضرها ومستقبلها،وفي الحالة الثانية تكون الأطروحة استجابه لتحديات الأمة العربية،
وهي في هذه الحالة تمثل إجابة صحيحة لسؤال التاريخ العربي الراهن،وما للراهن من حضور وتواجد في الماضي والمستقبل في التجربة الاجتماعية العربية التاريخية،فأخبرنا الأستاذ وهو ينظر للجيل العربي الجديد ومهامه وفكرته،بأنه قد قرأ التاريخ العربي،ووجد في تجربة الرسول العربي ،يوم بدأ يكون الجيل العربي المسلم الجديد،على أساس فكرته المسكونة في القرآن الكريم وتعاليمه،جيل الرسالة الخالدة،وجيل المهمة التاريخية الممثلة بدوره الحضاري.وفي هذه الحالة العربية للجيل العربي الجديد،يظل الأستاذ يدعونا إلى استلهام التاريخ بحثاً وتنقيبا عن أجوبة لتحدياتتا الراهنة والمستقبلية،انطلاقا من الحضور غير المتوقف للماضي في قلب الحاضر،وحضور الماضي والحاضر في مستقبلنا العربي .
فهل لنا في حاضرنا الراهن أن نقرأ أطروحة الجيل العربي الجديد،في ماضيها،حتى نبلغها في حاضرنا الراهن،فاستلهامها على هذا النحو يخرجنا من ركودنا الذي نعيش فيه ركوداً يشكل تحديا حاضراً ومستقبلا للتيار القومي العربي.
د- عزالدين حسن الدياب