شدّ وجذب بين الحكومة والمعارضة اثر ملاحقة الجنود الإسرائيليين بتهم الاباده
شدّ وجذب بين الحكومة والمعارضة اثر ملاحقة الجنود الإسرائيليين بتهم الاباده
بقلم رئيس التحرير
العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزه يتسبب في مشكلات دوليه للكيان الإسرائيلي وخاصة في البعد القانوني ، فبعد إصدار ” المحكمة الجنائية الدولية ” مذكرتَي اعتقال بحقّ كل من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ووزير أمنه السابق يوآف غالانت، أواخر العام الماضي، ومع التداعيات الكارثية عن ملاحقة الجنود الإسرائيليين في العديد من الدول ، انشغلت الأوساط السياسية والإعلامية في إسرائيل نهاية الأسبوع الماضي بالشكاوى القضائية المرفوعة ضدّ جنود الاحتلال في الخارج من جانب جهات حقوقية متعددة، من أبرزها ” مؤسسة هند رجب” ، التي تأسّست من قبل ناشطين فلسطينيين في بروكسل تكريماً لذكرى الطفلة هند رجب التي قتلها الجيش الإسرائيلي مع جميع أفراد أسرتها في حيّ تل الهوى جنوب غرب قطاع غزة، في كانون الثاني 2024.
تتخذ مؤسسة “هند رجب” من العاصمة البلجيكية بروكسل مقرا رئيسيا لها، وتبرز منذ فترة في تغطيات الإعلام للإبادة الجماعية الإسرائيلية المتواصلة بحق الفلسطينيين في قطاع غزة للشهر الـ16.
وتقول المؤسسة إنها “مكرسة بشكل أساسي للسعي إلى تحقيق العدالة، ردا على الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها إسرائيل ضد الفلسطينيين” وفي ضوء ملاحقة منظمات حقوقية تُعنى خصوصاً بالدفاع عن حقوق الفلسطينيين، وقامت بجمع معلومات عن جنود إسرائيليين نشروا مقاطع مصوّرة لأنفسهم وهم يرتكبون جرائم حرب في غزة، ذكرت صحيفة ” يديعوت أحر ونوت ” العبريّة أنّ” مؤسسة هند رجب ” وحدها تقدّمت بطلبات اعتقال لألف جندي إسرائيلي من مزدوجي الجنسية في ثماني دول، بينها إسبانيا وإيرلندا وجنوب أفريقيا. ولفتت إلى أنّ المؤسسة المذكورة جمعت معلومات وأدلّة على الاتهامات الموجّهة إلى الجندي الاحتياط التابع للواء ” جفعاتي”، والذي تم التستّر على هويته في وسائل الإعلام، وأُعطي الرمز ” ي”. وأوضحت أن تلك الأدلة شملت مقاطع فيديو، وبيانات تحديد الموقع الجغرافي، وصوراً تُظهر المشتبه فيه شخصياً وهو يزرع متفجرات ويشارك في تدمير أحياء كاملة في غزة. وبحسب بيان صادر عن المؤسسة، فإّن الشكوى تتّهم المشتبه فيه بـ”المشاركة في أفعال تنطبق عليها قرائن الإبادة الجماعية والجرائم ضدّ الإنسانية بموجب القانون الدولي ” .
ويُظهر أكثر من 120 صورة ومقطع فيديو التُقطت بمعظمها من قِبَل جنود إسرائيليين في فترة الحرب على غزة، مشاركة هؤلاء في تدمير المباني المدنية، والاستهزاء بأرواح الفلسطينيين، وكذلك الدعوة إلى إبادتهم وتهجيرهم واحتلال أرضهم، بحسب صحيفة ” واشنطن بوست ” . وفي مقابل امتناع العديد من الجنود عن الحديث أو التعليق على الفيديوهات التي نشروها، أوردت الصحيفة الأميركية إفادات عدد منهم، ممَّن دافعوا عن تلك الممارسات، على غرار شمعون زوكيرمان الذي قال إنّ هذه الأفعال ” الانتقامية والشرسة”، تهدف إلى التشفّي من الفلسطينيين ورفع معنويات المجتمع الإسرائيلي، فيما أكد جندي آخر، رفض الكشف عن اسمه، أن حرْق المنازل كان سياسة ممنهجة ” منذ بداية الحرب”، كاشفاً أنّه شهد، خلال خمسة أشهر من خدمته في غزة، حرق ما لا يقل عن 20 منزلاً، مع تأكيده أنّه وزملاءه «كانوا يستمتعون بفعل ذلك” ما يقوم به جنود الاحتلال في غزه يُعدّ ” خرقاً واضحاً وفاضحا للقانون الدولي ” ووفق شهادة خبراء قانونيين تأكيدهم أنّ ما وثّقه الجنود الإسرائيليون من ممارسات في القطاع يحمل دلالات على ” انتهاكات محتملة للقانون الدولي الإنساني” ، ويشير هؤلاء إلى أنّ هذا الأمر يفسّر اضطرار الجيش الإسرائيلي إلى الطلب من عناصره الحدّ من انتشار هذه المواد بسبب المخاوف من تأثيرها على التحقيقات الدولية، وخصوصاً أمام ” المحكمة الجنائية الدولية” و” محكمة العدل الدولية ” .
وفي ظلّ وصول عدد الشكاوى المقامة ضدّ جنود إسرائيليين في الخارج إلى نحو 50، وإنْ كانت حتى الساعة لم تسفر عن حالة اعتقال واحدة، يلفت محللون إسرائيليون إلى أنّ الخطر على الجنود إنّما ينبع من مبدأ ” الولاية القضائية الدولية الشاملة” ، والذي يجيز لبعض الدول اعتقال الأفراد المشتبه في ارتكابهم جرائم خطيرة، بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية، والتحقيق معهم ومحاكمتهم.
وكمؤشر إلى تحوّل ملف الملاحقة القضائية لجنود الاحتلال إلى نقطة شدّ وجذب بين الحكومة والمعارضة ، استنكر زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، عبر حسابه على منصة ” إكس”، مذكّرة الاعتقال البرازيلية بحقّ أحد جنود الاحتلال، واضعاً إيّاها في خانة ” الفشل السياسي الهائل لحكومة غير مسئولة”، قبل أن يتساءل: ” كيف وصلنا إلى أن الفلسطينيين أفضل من الحكومة الإسرائيلية على الساحة الدولية؟”. وشدّد لابيد على أنّ الجنود لا يجب أن يخافوا من السفر إلى الخارج خوفاً من الاعتقال، مؤكداً أنّ الحادث كان يمكن تجنّبه لو تم ” تشكيل لجنة تحقيق رسمية تحمينا قانونياً من جهة، وتفعّل نظام دعاية فعّالاً ومنسّقاً من جهة أخرى”.