يديعوت أحرونوت: بعد “هيروشيما غزة وتكرار المبررات”.. للمعارضة في إسرائيل: كلكم جبناء
يديعوت أحرونوت: بعد “هيروشيما غزة وتكرار المبررات”.. للمعارضة في إسرائيل: كلكم جبناء
ناحوم برنياع
في 7 آب 1970، في منتصف الليل، انتهت حرب الاستنزاف. أوقف المصريون النار أولاً؛ تبعناهم. تواصلت الحرب ألف يوم؛ قتل فيها نحو ألف إسرائيلي، أكثر من ثلثهم في الجبهة المصرية. قتل فيها عشرات آلاف المصريين، جنوداً ومدنيين. نحن، في الجانب الإسرائيلي من قناة السويس، أنهينا الليلة بـإحساس من الراحة. مرت سنوات حتى فهمنا مدى غبائنا، كيف قتل وجرح رفاقنا في حرب لم يكن فيها أي عقل أو غاية، كيف تركنا حكومتنا تحبط كل مبادرة سلام، وكيف أغمضنا عيوننا عن مشاهد الحرب الحقيقية التي ستقع علينا، بعد ثلاث سنوات من ذلك.
كانت حرب الاستنزاف تمريناً قبيل حرب يوم الغفران. حملات عسكرية لامعة، إنجازات تكتيكية، أفعال بطولة مجيدة، صفر استراتيجية، كارثة متواصلة – تماماً مثل حرب الاستنزاف التي تدور رحاها في غزة الآن.
الإسرائيليون الذين دخلوا القطاع في الأشهر الأخيرة من مقاتلين وقادة ووزراء وصحافيين، ينقسمون إلى مجموعتين: أولئك الذين يسعدون لمشهد المدن المدمرة والسكان المطرودين الجيبات التي تندفع في الرمال، وأولئك الذين يتذكرون المخطوفين الذين لم يعودوا، والمقاتلين الذين قتلوا، بتنقيط يومي، هذا غير المشاركين الغزيين الذين يقتلون بأرقام وحشية، والفشل في القضاء على حماس وطرح بديل سلطوي مكانها.
بخلاف حرب الاستنزاف إياها، كل شيء كان واضحاً ومعروفاً فوراً في هذه الحرب منذ البداية. القارئ رون غارلتس بعث لي باقتباس من مقال لي نشر في الصحيفة قبل سنة بالضبط: “نتنياهو خلق توقعات لا سبيل لتحقيقها. وهكذا قضى علينا بحرب لا نهاية لها”، كتبت في حينه.
يجب أن ينتهي القتال في غزة. لا حاجة لتكرار المبررات؛ فهي معروفة للجميع: المخطوفون، عائلاتهم، ضحايا الجيش الإسرائيلي، العبء على الجيش، المقاطعة في العالم. أحدثنا فيهم هيروشيما أخرى. ماذا سنفعل أكثر؟ ناغازاكي، ثأرنا بما يكفي؛ أبدنا بما يكفي. لا يهم كم سنقتل، ما لم يكن هناك بديل فستواصل حماس التجنيد، وتواصل الإطلاق، والحكم. الحرب عادلة. فهل هي حكيمة أيضاً؟
أطرح سؤالاً: أين المعارضة؟ أين لبيد، غانتس، غولان؟ هم يعرفون ما أعرفه أنا وأكثر. أين حركة الاحتجاج؟ أين هرتسوع؟ إن خوفهم من الظهور كانهزاميين، وخونة، ونخبة، والأخطر كيساريين، أمر يشلهم. كل منهم يتطلع للوصول إلى رئاسة الوزراء من الوسط، محمولاً على هتافات الحرب؛ كل منهم يسعى لنفخ صدره والهجوم على العدو. بينيت أيضاً، بطل الاستطلاعات في هذه اللحظة، لا يتجرأ على الانفصال عن القطيع.
هم لا يفهمون بأنه لا يوجد وسط، فالوسط هو تسعينيات القرن الماضي، قبل الشبكة الاجتماعية، قبل نتنياهو. من يدعي أنه زعيم عليه أن يختار طرفاً. هذا صحيح حين تناقش المسألة ما الصحيح الذي على إسرائيل أن تبحث عنه اليوم في غزة. لا يسار ولا يمين، بل عقل سليم. بعد سنتين من صعود نتنياهو وائتلافه، حين تشير الاستطلاعات إلى أزمة ثقة عميقة ومتواصلة تجاه الحكومة وتجاه رئيسها، حين يثير قانون التملص الحفيظة ويشق مصوتي اليمين، تتفكك المعارضة. لبيد يخطب خطابات لامعة في هيئة الكنيست، لكنه يضمحل بين الجمهور؛ وانسحاب عيدان رول من الحزب يدل على أن البنيان الذي بناه طوال سنين يتشقق. غانتس غارق في تجريداته: النوايا الطيبة والمزاج المريح والمظهر المبهر أمور غير كافية، ثمة حاجة إلى الفكر أيضاً. غولان أكثر حدة من غانتس لأنه يخشى خسارة مظهره القتالي. هو لم ينزع بعد البزة التي لبسها في 7 أكتوبر.
أما هرتسوغ فيقول كل الأقوال الصحيحة عندما يفوت الأوان. هذه طبيعته؛ هكذا يرى منصب الرئيس. مثل محام خبير يؤمن بوجود حل وسط يرضي الجميع في نهاية كل صراع. لشدة الأسف، لا يوجد حل وسط يرضي الجميع في الانقلاب النظامي، ولا يوجد حل وسط يرضي الجميع في غزة. أحياناً، ينبغي اتخاذ موقف والقتال عليه.
يديعوت أحرونوت 13/1/2025