رئيسيالافتتاحيه

زهران ممداني يتحدى إمبراطورية المال والإيباك في نيويورك: معركة الديمقراطية ضد نفوذ المليارديرات

زهران ممداني يتحدى إمبراطورية المال والإيباك في نيويورك: معركة الديمقراطية ضد نفوذ المليارديرات

إعداد: رئيس التحرير

في مشهد يعكس صراعًا محتدمًا على هوية الديمقراطية الأمريكية، فجّر ترشح السياسي التقدمي زهران ممداني لانتخابات نيويورك عاصفة من الجدل، بعد أن تحول من مرشح يمثل صوت الأقليات والمهمشين إلى هدف لحملة منظمة تقودها ستة وعشرون مليارديرًا أمريكيًا، بدعم مباشر من اللوبي الصهيوني “الإيباك”.

الحملة ضد ممداني، الذي اشتهر بمواقفه الجريئة تجاه العدالة الاجتماعية وحقوق الفلسطينيين، اتخذت طابعًا سياسيًا حادًا، إذ وصفه خصومه بأنه “إرهابي ومعادٍ للصهيونية”، في محاولة لتجريمه سياسيًا وتشويه صورته أمام الرأي العام الأمريكي. لكن ما جعل القضية أكثر خطورة هو تهديد خصمه السياسي بـ”نزول الدبابات”، في تعبير غير مسبوق في الساحة الانتخابية الأمريكية، اعتبره مراقبون تحريضًا خطيرًا يهدد جوهر الديمقراطية.

البعد السياسي: المال يختبر الديمقراطية الأمريكية

ترشح ممداني كشف هشاشة المعادلة بين المال والسياسة في الولايات المتحدة. فبينما يفترض أن تكون الانتخابات ساحة تنافس على البرامج والرؤى، تحولت في كثير من الحالات إلى ساحة تأثير للأثرياء ولوبيات الضغط.

الحملة التي جُيّشت ضده تشير إلى أن المواقف السياسية الداعمة لحقوق الشعوب، وخاصة الموقف من القضية الفلسطينية، أصبحت محددًا رئيسيًا في قبول أو رفض المرشحين من قبل اللوبيات الصهيونية.

البعد القانوني: حرية التعبير في مواجهة التحريض

من منظور قانوني، لا يشكل دعم ممداني للحقوق الفلسطينية أو انتقاده لسياسات إسرائيل مخالفة قانونية، بل يدخل في إطار حرية التعبير التي يكفلها التعديل الأول للدستور الأمريكي.

لكن الاتهامات التي وُجهت إليه تمثل تشهيرًا سياسيًا منظّمًا، يخضع في بعض الحالات للمساءلة القانونية إذا ثبت تعمد نشر ادعاءات باطلة تمس سمعة المرشح. أما التهديد باستخدام القوة، فهو يدخل ضمن التحريض بالعنف السياسي، وهو فعل تجرّمه القوانين الفيدرالية الأمريكية بوضوح.

البعد الاستراتيجي والإعلامي: معركة السردية

المعركة ضد ممداني لا تُخاض فقط في صناديق الاقتراع، بل في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، حيث تتسابق الجهات الممولة لتشويه صورته، في محاولة لتوجيه وعي الناخب الأمريكي.

وتشير دراسات حديثة إلى أن مثل هذه الحملات تؤثر في نسب التصويت، وتخلق رأيًا عامًا منحازًا قبل أن تبدأ الانتخابات فعليًا. ما يعني أن التحكم في السردية الإعلامية أصبح أداة مركزية لتصفية الخصوم السياسيين.

خاتمة: ديمقراطية على المحك

قضية زهران ممداني تجاوزت حدود التنافس الانتخابي لتصبح اختبارًا أخلاقيًا وقانونيًا للديمقراطية الأمريكية. فبين المال والإعلام، تقف إرادة الناخب على المحك، ومعها مستقبل المشاركة السياسية للأقليات والمهاجرين في الولايات المتحدة.

يبقى السؤال الجوهري: هل تستطيع الديمقراطية الأمريكية أن تحمي نفسها من نفوذ المال واللوبيات؟ أم أننا أمام مرحلة جديدة يتحول فيها الصوت الحر إلى استثناء، والموقف المستقل إلى جريمة سياسية؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب