عربي دولي

عودة الاشتباكات إلى اللاذقية: الشيباني في أنقرة… وموسكو راغبة في «دور بنّاء»

عودة الاشتباكات إلى اللاذقية: الشيباني في أنقرة… وموسكو راغبة في «دور بنّاء»

يزور وزير الخارجية في الحكومة السورية المؤقتة، أسعد الشيباني، اليوم، أنقرة، في أول زيارة رسمية يجريها إلى الجارة الشمالية التي لعبت دوراً حاسماً في إسقاط النظام السوري ودعم الفصائل التي تحكم البلاد حالياً، وعلى رأسها «هيئة تحرير الشام». ويأتي ذلك في وقت أبدت فيه روسيا تفاؤلها بمستقبل العلاقات مع الإدارة السورية الجديدة، وبدور «بنّاء بعد المنعطف النوعي»، وفق تعبير مبعوث الرئاسة الروسية إلى الشرق الأوسط وأفريقيا، ميخائيل بوغدانوف.

وتأتي زيارة الشيباني اليوم بعدما أجرى خلال الأسبوعين الماضيين جولة عربية شملت السعودية والإمارات والأردن وقطر، وسبقت الاجتماع الموسّع الذي احتضنته الرياض لمناقشة مستقبل سوريا. وعبر حسابه على موقع «أكس»، قال الشيباني إنه سيزور أنقرة على رأس وفد يضم وزير الدفاع في الحكومة المؤقتة مرهف أبو قصرة، ورئيس جهاز الاستخبارات أنس خطاب، وسيجري لقاءات مع مسؤولين أتراك، بينهم وزير الخارجية حاقان فيدان، ومسؤولون أمنيون وعسكريون.

وبينما كان من المقرر إجراء هذه الزيارة منذ نحو عشرة أيام، تمّ تأخيرها، وفق مصادر دبلوماسية، بسبب ازدحام جدول أعمال فيدان، المنشغل بإدارة الملف السوري، والاجتماعات العربية – السورية التي تمّت أخيراً وشارك فيها الشيباني، الذي التقى الوزير التركي في الرياض واتفق معه على موعد الزيارة. وتأتي هذه الخطوة بعد سلسلة زيارات أجراها مسؤولون أتراك، أبرزهم وزير الخارجية، الذي كان من أوائل المسؤولين الذين زاروا دمشق، حيث صعد إلى قمة جبل قاسيون واحتفل بسقوط السلطة السابقة. كذلك، زارت وفود حكومية تركية، ولا تزال، محافظات سورية عديدة لإجراء مسح للأوضاع في البلاد، تمهيداً لبدء سلسلة طويلة من النشاطات الاقتصادية في إطار عملية إعادة البناء، والتي باتت تمتلك فيها تركيا حصة الأسد.

من جهتها، أبدت روسيا، الحليف الاستراتيجي لنظام الأسد، تفاؤلاً حيال مستقبل الأوضاع في سوريا في الفترة المقبلة، وسط آمال بلعب دور «ذي فائدة في الأوضاع الراهنة، في ما يتعلق بإقامة حوار شامل بمشاركة كل القوى القومية والسياسية والطائفية، وبمشاركة جميع الأطراف الخارجية المعنية»، على حد تعبير وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف. وأكّد الأخير، في مؤتمر صحافي عقده في موسكو، أمس، لاستعراض نتائج عمل الدبلوماسية الروسية في عام 2024، أن سفارة بلاده لم تغادر دمشق، قائلاً إنه «لدينا اتصالات يومية مع السلطات هناك، ونريد أن نكون مفيدين في الجهود الرامية إلى تطبيع الوضع». كما أشار إلى إجراء اتصالات مع تركيا ودول الخليج بشأن سوريا ونتائج اجتماع الرياض، وتابع: «محادثاتنا تظهر أن الجميع ينطلق من قناعة بأن عملية التسوية يجب أن تشارك فيها روسيا وإيران إذا كانت هناك رغبة حقيقية في الوصول إلى نتائج مستدامة وملموسة، وليس فقط تصفية الحسابات بين المتنافسين على الأراضي السورية». وإذ اعتبر الوزير الروسي أن تعنّت رئيس النظام السابق، بشار الأسد، ورفضه تقديم أي تنازلات للمعارضة كان ذلك أحد أهم أسباب سقوطه، فقد أشار إلى أنه بعد التدخل الروسي في سوريا، وانطلاق مسار «أستانا»، ودعم الدول العربية، أبدى النظام مماطلة في العملية السياسية ورغبة في إبقاء الوضع على ما هو عليه. وتابع أن بلاده كانت تدعو النظام إلى التفاعل مع مسار اللجنة الدستورية، إلا أنه لم يُبدِ أي استعداد لتقاسم السلطة مع المعارضة. وأضاف: «رافقت هذه المماطلة مشكلات ناتجة من العقوبات الاقتصادية التي خنقت الاقتصاد السوري، بينما تعرّض الجزء الشرقي من سوريا والغني بالنفط للاحتلال من قِبل الولايات المتحدة، وتم استغلال الموارد المستخرجة هناك لدعم النزعات الانفصالية في شمال شرق سوريا».

ثمة مخاوف من عمليات انتقامية تشعل فتنة طائفية في الساحل السوري، الذي يجهد وجهاؤه لإخمادها

وفي السياق ذاته، رأى مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا، ميخائيل بوغدانوف، أنّ «العلاقات بين روسيا الاتحادية وسوريا تدخل اليوم في منعطف نوعي جديد». وأضاف، خلال لقاء تلفزيوني، أنه على «الجانبين الانطلاق من الإرث العميق للصداقة بين الشعبين الروسي والسوري للحفاظ على المكتسبات والمنجزات والمضي إلى الأمام في خلق مناخات جديدة للتعاون البنّاء»، مشيراً إلى أن بلاده تتابع باهتمام تطورات الوضع في سوريا، وتنظر إلى العلاقات مع دمشق باعتبارها من أولويات سياستها الخارجية. كما أعرب عن ارتياح الدبلوماسية الروسية للتصريحات الإيجابية الصادرة عن الإدارة السورية الجديدة تجاه روسيا والحرص على العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، مضيفاً أن موسكو ترى في هذه المواقف الإيجابية أرضية قوية للانطلاق نحو الأفضل.

في غضون ذلك، وصل مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إلى دمشق، أمس، في زيارة هي الأولى من نوعها إلى البلاد. وذكرت صحيفة «الوطن» السورية أنه من المقرر أن يلتقي تورك خلال زيارته القصيرة مسؤولين سوريين، وممثلين عن منظمات المجتمع المدني، وأعضاء السلك الدبلوماسي، وكيانات الأمم المتحدة. وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الزيارة، التي تشمل لبنان أيضاً، هي الأولى إلى دمشق، والثانية إلى بيروت بعد تلك التي أجراها المفوّض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان عام 2002.

أما على الصعيد الداخلي، فشهدت محافظة اللاذقية عودة للاشتباكات وأعمال العنف على خلفية قيام مجموعة بنصب كمين وخطف عدد من مقاتلي «إدارة العمليات العسكرية» في قرية عين شرقية ومحيطها في منطقة جبلة، قامت على إثرها «إدارة العمليات» بإرسال تعزيزات إلى المنطقة. وفي وقت لاحق، أعلن مدير إدارة الأمن العام في اللاذقية، المقدم مصطفى كنيفاتي، في تصريحات لوكالة الأنباء الرسمية (سانا)، استعادة المقاتلين، قائلاً إن «زعيم عصابة تابعة لفلول النظام المخلوع فجّر نفسه بعد الاشتباك معه خلال عملية تحرير المقاتلين الذين تعرضوا لكمين في ريف اللاذقية»، بحسب تعبيره. وجاءت هذه الاشتباكات بعد يومين فقط من تداول شريط مصوّر يظهر أحد وجهاء العلويين وهو يطالب بحماية دولية للأقليات، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً، وسط مخاوف من عمليات انتقامية تشعل فتنة طائفية في الساحل السوري، يجهد وجهاؤه لإخمادها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب