إسرائيل: لن تكون للسلطة الفلسطينية أي مهمة سوى إدارة مدنية في مدن الضفة الغربية
إسرائيل: لن تكون للسلطة الفلسطينية أي مهمة سوى إدارة مدنية في مدن الضفة الغربية
جاكي خوري
البيان حول وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المخطوفين، سيضع حماس أمام أسئلة كثيرة تتعلق بالحرب – تأثير الحرب على القطاع بشكل خاص، وعلى مستقبل القضية الفلسطينية بشكل عام. تحاول حماس عرض تحرير الكثير من السجناء، الذين بعضهم ثقيلي الوزن، بأنه نجاح. وستحاول أيضاً أن تظهر بأنها ما زالت المهيمنة على الساحة الفلسطينية رغم الضربة الشديدة التي تعرضت لها في القطاع.
بعد وقف إطلاق النار، ستطالب حماس بالمشاركة في إدارة القطاع في المستقبل، وتكون جزءاً من آلية القيادة الجديدة في قطاع غزة – حتى لو بشكل غير مباشر. لذلك، ستستغل قاعدة الدعم الكبيرة التي ما زالت لها في المجتمع الفلسطيني. ولكن بلورة الاتفاق تدل على أن حماس أدركت أن الظروف التي نشأت في أشهر القتال الأخيرة تجبرها على الموافقة على الإملاءات التي اعتبرتها خطوطاً حمراء في السابق.
أولاً، تنازلت حماس عن طلب إنهاء الحرب وانسحاب إسرائيل من كل القطاع في مرحلة التوقيع على الاتفاق. وتنازلت أيضاً عن إطلاق سراح أشخاص فلسطينيين كبار مثل زعيم حركة فتح ورئيس التنظيم مروان البرغوثي، والأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعادات، إضافة إلى شخصيات رفيعة في الذراع العسكري لحماس والجهاد الإسلامي، على الأقل في المرحلة الأولى للصفقة.
وقالت حماس إن هذه القضايا، وبالأساس إنهاء الحرب والانسحاب، إضافة إلى تحرير السجناء الكبار، ستطرح في المرحلة الثانية والثالثة للصفقة، وأنها حصلت على ضمانة من الشركاء في الوساطة بأن المفاوضات حول هذه المراحل ستجري بدون تأخير. وشرحت حماس بأن الأمر يتعلق بالمرونة وليس بتنازل أو خضوع ينبع من الضغوط. الأول هو الكارثة الإنسانية في غزة، التي تتفاقم باستمرار. سكان القطاع، بينهم أيضاً من يؤيدون حماس، يضغطون عليها لإنهاء القتال بسبب الهجمات والدمار والجوع والأمراض والأضرار النفسية التي سيشعرون بنتائجها في القطاع لأجيال.
ووقف إطلاق النار في لبنان ونيته انتشار الجيش اللبناني جنوبي الدولة بدلاً من حزب الله، إضافة إلى التطورات في سوريا، كل ذلك ترك حماس وحيدة. الحوثيون في اليمن، رغم إطلاق الصواريخ والمسيرات، لا يعتبرون ركيزة استراتيجية لحماس. وثمة عامل آخر جعل حماس تقدم تنازلات، سواء اعترفت بذلك أم لا، وهو دخول ترامب القريب إلى البيت الأبيض.
الحديث يدور عن رئيس غير متوقع، وحوله خلية مناسبة لتكون مثل مجلس “يشع” في الضفة والقطاع. إن تهديد ترامب بـ “جهنم في غزة” يظهر أنه يؤثر بشكل أقل على حماس مقابل الضغوط التي يمكن للرئيس الجديد استخدامها على دول مثل قطر وتركيا، التي فيها رؤساء حماس وأعضاء منها. وورقة المخطوفين آخذة في الاضمحلال أيضاً. الخطر المتزايد على حياتهم والإدراك بأن الثمن مقابل الجثث سيكون مختلفاً جداً عن ثمن المخطوفين الأحياء، يجعل حماس تفضل عقد الصفقة، حتى لو كانت جزئية.
يجب التأكيد أنه هذا لا يوجد في صورة الوضع ما يمكن أن يعطي الأفضلية للسلطة الفلسطينية وقيادتها. فلا توجد لدى السلطة أي مبادرة سياسية أو قدرة على التأثير على التطورات في القطاع، والسياسة التي بلورتها هي الانتظار وتوقع أن تعمل إدارة ترامب، بتشجيع عربي ودولي، على تطبيق خطة تعيدها إلى القطاع.
السلطة تعرف أنه لا يمكنها إعادة إعمار القطاع بدون تجنيد دولي وشبكة أمان اقتصادية. بداية إعادة الإعمار ستكلف عشرات مليارات الدولارات، التي يبدو أنها موجهة لسوريا ولبنان الآن. لذلك، تضع حكومة إسرائيل العقبات التي تعتبر السلطة الفلسطينية جسماً يجب إبعاده عن الساحة أو تحويله إلى مركز سلطة محلية لإدارة المدن في الضفة الغربية. بالنسبة لحماس وللسلطة أيضاً، لن يكون اتفاق وقف إطلاق النار نهاية المطاف، بل عليهم تقديم إجابات للشعب الفلسطيني، وليس شعارات فارغة فيما يتعلق بمستقبله.
هآرتس 15/1/2025