مرحلة ما بعد الحرب على غزه

مرحلة ما بعد الحرب على غزه
بقلم رئيس التحرير
بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في غزه صباح اليوم الأحد بعد خمسة عشرا من العدوان الإسرائيلي تخللنها انتهاكات وفضائح وخرق فاضح لكافة القوانين والمواثيق الدولية وحقوق الإنسان ولم يسلم منها الحجر والشجر والبشر ، وكان من تداعيات الحرب الكارثيه على غزه عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى وتدمير البني التحتية وانعدام كل مقومات الحياة وتثور التساؤلات ؟؟؟ حول الكيفية التي تدار بها مرحلة “ما بعد العدوان”، في أعقاب اتفاق وقف إطلاق النار، وتتطلب من الفلسطينيين جميعا ضرورة استنهاض كافة الجهود لأجل مواجهة كافة المخططات والبناء على ما تحقق من انتصارات على الصعيد الدبلوماسي والدولي، خلال الأشهر الماضية، ومن الخطأ الجسيم عدم استغلالها في توحيد الجهد والصف الفلسطيني وضرورة إعادة ترتيب البيت الفلسطيني وفق كل المستجدات وفرصه تاريخيه يجب اغتنامها، في ضوء حالة من الترصد من قبل الحكومة الإسرائيلية، والتي تسعى بكل تأكيد للبحث عن ذريعة يمكنها من خلالها إعادة الكرة من جديد، خاصة وأن الاتفاق المعلن حول وقف إطلاق النار وبنوده، ليست مرضية بأي حال من الأحوال لليمين المتطرف في” إسرائيل “.
ولا شك أن الحديث عن مرحلة ما بعد ” الحرب ” والعدوان أمر في غاية الأهمية وأهم نقاطه المحورية والتي يجب أن تؤخذ بالحسبان والالتفات إليها ، ليس فقط في إطار مسألة غزة وإدارتها، وإعادة أعمارها، وهي مسائل تحظى بأهمية كبيرة بالطبع، ولكن أيضا في إطار القضية الفلسطينية والعديد من المفاهيم المرتبطة بها، وعلى رأسها مفهوم المقاومة، وآلياته، والكيفية التي يدار بها، من أجل تحقيق مكاسب من شأنها الوصول إلى الهدف الرئيسي، وهو إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية، على حدود الرابع من يونيو 67، وعاصمتها القدس الشرقية، على أساس حل الدولتين، والذي يمثل الأساس الذي تقوم عليه الشرعية الدولية، وهو في الواقع الذي سعت إسرائيل إلى تقويضه عبر مخططات أطلقتها خلال العديد من مراحل العدوان، دارت بين التهجير تارة، وفصل القطاع عن الضفة تارة أخرى.
ووفق المتطلبات فان مرحلة ما بعد العدوان تتطلب فتح حوار جدي بين كافة القوى والفصائل الفلسطينية للتوصل لتفاهمات تفضي لترتيب البيت الفلسطيني على قاعدة الشراكة والتعددية تنهي الانقسام وتقود لحكومة وفاق وطني تتولى المسؤولية لمرحله انتقاليه تتولى إعادة الأعمار وتمهد لاجراء انتخابات تشريعيه ورئاسية ومجلس وطني ، حيث تجسدت المعضلة الرئيسية، في الانقسام، وهنا لا أقصد حالة الصراع على السلطة والتي تعود إلى ما قبل عام 2007، وإنما في الانفصال السياسي بين غزة والضفة الغربية، في إطار تبني سياسات تدور حول شرعية المقاومة، في القطاع، بينما تعتمد السلطة في الضفة على الاستناد للشرعية الدولية، وتقوم بالحشد لتحقيق أكبر قدر من المكاسب السياسية لصالح القضية وهو الأمر الذي ساهم بصورة كبيرة في تعزيز فكرة الفصل الجغرافي بين غزه والضفة الغربية ، وهذا التباين في التوجهات بين الحكم في غزه والسلطة في الضفة الغربية يتطلب الاحتكام لاستراتجيه وطنيه تجمع الكل الفلسطيني وتشكل مرجعيه على قاعدة القرارات الشرعية الدولية وسحب كافة الذرائع من قبل الاحتلال الذي يتذرع بتهديد أمنه ويجد المبرر للعدوان الذي يروج له ويعطي لنفسه الحق في الدفاع عن أمنه وهو ادعاء يفتقد لكل المبررات القانونية
الانفصال السياسي بين غزة والضفة، خلال سنوات ما قبل العدوان، خلق حالة من الانقسام داخل المعسكر الداعم للقضية، وهو الأمر الذي ساهم بصورة كبيرة في خدمة أهداف الاحتلال، عبر تجريد القضية من أكبر داعميها، عبر تقسيمهم بين محورين، أحدهما “مقاوم”، والآخر “معتدل”، ليتبادلا الاتهامات وتتسع الفجوة، وتعاني القضية من المزيد من التراجع، في الوقت الذي تتآكل فيه الأرض عبر المستوطنات.
وهنا كانت مرحلة العدوان، رغم ما شابها من مآسي جراء الانتهاكات المتفاقمة، إلا أن استعادة أهمية القضية الفلسطينية لتعود تتصدر الاهتمام الدولي وتستحوذ اهتمام الشارع الأوروبي والعربي بمثابة فرصة استثنائية، لتعزيز المقاومة بكافة أشكالها والأخص صورتها الدبلوماسية، منذ اليوم الأول للحرب الغاشمة على غزة، وبالشراكة مع القوى الإقليمية والدولية والعربية كانت مواجهة خطط الاحتلال، وهي التي حققت العديد من الانتصارات وخاصة في محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات على حساب الاحتلال التي كشفت وعرت جرائمه
التوصل لاتفاق وقف النار وتبادل الأسرى وما احتواه الاتفاق المعلن لوقف إطلاق النار، وربما أبرزها إعادة النازحين إلى مناطقهم في شمال غزة، وهو ما يمثل صفعة قوية لمخطط تهجير الفلسطينيين، والذي يهدف في الأساس إلى تصفية القضية، بينما يصبح الانسحاب التدريجي للقوات الإسرائيلية من القطاع بمثابة نقطة مفصلية للحفاظ على الوحدة الجغرافية للدولة الفلسطينية المنشودة وهو ما يتطلب سرعة التحرك من قبل الكل الفلسطيني لتحقيق الوحدة الفلسطينية الجغرافية والوطنية عبر الشراكة والتعددية السياسية وسرعة التوصل لاتفاق يفضي لتشكيل حكومة وفاق وطني فلسطيني على قاعدة اتفاق الشاطئ