مقالات

الإنتصار الأخلاقي .. للمقاومة بقلم عوض ضيف الله الملاحمة

بقلم عوض ضيف الله الملاحمة

الإنتصار الأخلاقي .. للمقاومة
بقلم عوض ضيف الله الملاحمة
لا يكفي أن تكون مقاوماً ضد من إحتل أرضك ، وإنتهك عرضك ، وقتل شقيقك ، وإقتلع زيتونك ، وهدم بيتك ، وصادر أرضك . كما لا يكفي أن تكون مؤمناً بقضيتك وعقيدتك . ولا يكفي أن تكون صبوراً في مقارعة عدوك . فهناك شرطاً ربما يبزّ كل ما سبق ، يتمثل هذا الشرط في أن تعكس أخلاقك وقيمك ومعتقدك أثناء معاملتك أسرى عدوك .
وهذا مع الأسف ، رغم أهميته ، لم يلتفت اليه الكثيرون ، ولم يكتب عنه أحد لإظاهره والمساعدة على إنتشاره . هناك فائدتين عظيمتين من إبراز رقي وحضارية تعامل المقاومة مع الأسرى ، وذلك يتمثل بنقطتين هما :— ١ )) إبراز رقي ، وحضارية قيم المقاومة ، وأخلاق المقاومين ، ليؤكد للعالم انهم ليسوا إرهابيين بل مقاومين شرفاء إضطرهم إحتلال أرضهم للدفاع عنها وتحريرها . ٢ )) عند مقارنة رقي تعامل المقاومة مع الأسرى ، مع سوء تعامل الإحتلال مع السجناء الفلسطينيين ، يفضح جرائمه وغطرسته وتجبرّه وفقدان جيشه للقيم والأخلاق التي تحث ، وتحض على حسن معاملة الأسرى ، سواء في الشرائع السماوية ، او التشريعات والقوانين الدولية التي نظمت ، وقيّدت ، وحدّدت هذه العلاقة التي يكون إطارها إنسانياً أخلاقياً نبيلاً .
الإسلام العظيم ، كما كافة الديانات السماوية العظيمة لديها محددات ، وأسس ، ومعطيات ، ومبادئ ، وقيم في التعامل مع الأسرى . لا بل حتى القوانين والتشريعات الدولية تضمن للأسير الرعاية ، والعناية ، وحُسن التعامل ، والمحافظة على حقوقه ، وكرامته ، وحياته ، وسلامته ، وإبعاده عن الأخطار حتى لا تصيبه أية أضرار . وهذا يشترط على المسؤول عن الأسير ان يحافظ عليه محافظته على نفسه ، كيف لا وهو أمانة في عنقه .
كل ما ذُكر من حُسن معشر وحرص ، لا يعرفه الكيان الصهيوني . لا بل انه يقوم بأعمال وحشية ، بربرية ، إجرامية لم تشهدها البشرية . فهو يتفنن في القتل ، والسحل ، والتعرية ، والاعتداءات التي تعكس نذالته ، وتجبّره ، وغطرسته ، ووحشيته .
الحروب لها آداب ، وقوانين ، وأخلاق ، وتعاملات ، رغم ان محورها القتل وسفك الدماء . الحمد لله ان المقاومة في غزة قد سطّرت سيرة مُشرِّفة قيمياً ، وأخلاقياً ، ودينياً . كيف لا ، وقد شهدنا إعترافات مشرّفة للعديد من الأسرى . فمنهم من أظهر حفظه لآيات من القران الكريم . ومنهن من طبعت قُبلة على جبين أحد المقاومين . هذا علاوة على حُسن مظهر الأسرى الذي يعكس رقي العناية بهم رغم صعوبة الظروف . كما ذكرت إحداهن ان المقاومين كانوا يراعون النظافة في الأنفاق ، وهم الذين كانوا يقومون بتنظيف الحمامات ، كما اهتموا بنجاعة معالجة المرضى من الأسرى حيث كان يزورنا أطباء بانتظام . إعترافات بعض الأسرى ، دفع أحد كبار مسؤولي العدو لأن يفقد اعصابه ، ويتساءل بعصبية ، ويقول : لماذا لم يحضر اللقاء أحد المسؤولين من إعلام الجيش ، ليضبط الأمر ، ويوجه الأسيرة المفرج عنها ويلقنها ما يجب ان تقول ، حتى لا تكيل هذا المديح للمقاومة .
تعامل المقاومة الإنساني الحضاري مع الأسرى ، أعطى إنطباعات قيمية وأخلاقية رائعة ، عززت تعاطف شعوب العالم مع القضية الفلسطينية . كيف لا وقد رأيناهم في ملابس جيدة ، وهندام جيد ، وفي صحة جيدة من ناحيتي التغذية والمعالجة . بينما شاهدنا كما شاهد العالم حال السجناء الفلسطينيين عندما يُفرج عنهم . حيث ترى من يُفرج عنه من الفلسطينيين أشعث ، أغبر ، هزيل ، رثّ الثياب ، لحاهم طويلة ، وعيونهم زائغة ، وأجسامهم نحيلة .
المقاومة في غزة سطرت نصراً قيمياً ، وأخلاقياً ، وحُسن تعامل مع الأسرى ، لم يلتفت له الكثيرون . أما أنا فإنني أعتبر ذلك نصراً اخلاقياً ، وقيمياً ، وإنسانياً ، متفرداً في هذا الزمان الرديء . بل ان المقاومة تسيدت المشهد العالمي أخلاقياً .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب