واشنطن وبارزاني يدفعان نحو رؤية كردية واحدة ووفد مشترك إلى الحوار مع دمشق

واشنطن وبارزاني يدفعان نحو رؤية كردية واحدة ووفد مشترك إلى الحوار مع دمشق
جانبلات شكاي
دمشق ـ لا يبدو أن مخرجات الحوار المرتقب بين الإدارتين «الذاتية» في الجزيرة السورية و«الجديدة» في دمشق، سيتم التوصل إليها خلال فترة قريبة، على الرغم من الرسائل الإيجابية المتبادلة بين الطرفين، وعلى الرغم من جهود الوساطة المبذولة سواء من الجانب الأمريكي أو من الزعيم الكردي والرئيس السابق لإقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، فالوضع كما تعتقده رئيسة دائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية إلهام أحمد «ما زال بحاجة لنقاشات مطولة وحوارات»، ونحن «نريد أن نرى ممثلين لنا مكلفين بمهام في الإدارة الجديدة بدمشق».
أحمد وخلال تصريحاتها الخاصة لـ«القدس العربي» أوضحت أنه ومن خلال «مفهوم الفيدرالية المرنة يمكن أن نجد حلولاً لجميع المناطق السورية»، معتبرة أصحاب الرأي القائل بأن «الفيدرالية ستؤدي إلى التقسيم يمكن وصفهم بأنهم أصحاب تفكير رجعي، وأن الدستور السوري المقر في أعوام 1919-1920 هو أفضل دستور يمكن الاعتماد عليه».
وكشفت عن استعداد «الإدارة الذاتية» للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني ولكن «التحضير لهذا المؤتمر ما زال غير واضح، فمن يقوم بالتحضير ومن شكل لجنتها وكيف تشكلت»؟ وقالت: «التحضيرات والعملية والآلية كلها غير صحيحة وستخلق مشاكل، ونرى أن تتشكل لجنة تحضيرية من مكونات الشعب السوري، وأن ترعى الأمم المتحدة هكذا مؤتمر، وأن ترسل الدعوات للجهات المعنية وليس للأفراد فقط».
وفي حوارها مع «القدس العربي» رحبت إلهام أحمد بالمواقف التي أعلنها أخيراً وزير الخارجية السوري في حكومة تسيير الأعمال، أسعد الشيباني، عبر تغريدة له باللغة الكردية على منصة X قال فيها «إن الأكراد يضيفون جمالاً إلى تنوع الشعب السوري»، وأشار أن «المجتمع الكردي في سوريا تعرض للظلم على يد نظام الأسد، ومعاً سنبني بلداً يشعر فيه الجميع بالمساواة والعدالة».
وقالت أحمد: «قرأنا هذه التصريحات بإيجابية لكن موضوع القضية الكردية ليس فقط بأنهم يضيفون جمالاً للمجتمع السوري، فهناك حقوق وواجبات يجب أن يتضمنها الدستور السوري وبما يكفل الحقوق القومية للشعب الكردي»، وتابعت: «منع الكرد من ممارسة ثقافتهم وتعلم لغتهم وتعليمها ومن ممارسة السياسة والاستفادة من الموارد السورية وبالتالي فإن الدستور السوري الجديد يجب أن يضمن هذه الحقوق بالكامل للشعب الكردي وللقوميات الأخرى الموجودة في سوريا».
وتطرقت أحمد إلى نتائج اللقاء الذي جميع بين قائد «قوات سوريا الديمقراطية– قسد» مظلوم عبدي، مع قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع وحصل في مطار الضمير، وقالت: «إن الوضع ما زال بحاجة لنقاشات مطولة وحوارات، وإن كان هذا اللقاء إيجابياً، لكننا نحتاج بالتأكيد إلى مزيد من اللقاءات والحوارات فيما يتعلق وكافة القضايا المتعلقة بمصير الشعب السوري وبمصير سوريا».
وتابعت: «إن قسد ليست مختصة فقط بشمال وشرق سوريا، ومجلس سوريا الديمقراطية- مسد ليست مختصة فقط بجزء من الجغرافيا السورية أو بمكون معين من الشعب السوري، وإنما نرى أنفسنا شركاء في هذا البلد ولدينا الحق لنناقش كافة القضايا التي تتعلق بسوريا بأكملها وهذا يحتاج لحوارات مطولة ونحن منفتحون».
الدور الأمريكي
ورحبت أحمد بالدور الأمريكي بين الإدارتين في الجزيرة ودمشق، ومساعي إنجاح الحوار المرتقب، وبينت «أنهم يريدون أن يلعبوا دور الوسيط، وأن يلعبوا دوراً إيجابياً في رسم ملامح سوريا الجديدة وبإرادة سورية وهذا مهم بالنسبة لنا»، وتابعت: «نريد أن نرى ممثلين للإدارة الذاتية مكلفين بمهام في الإدارة الجديدة في دمشق سواء كانوا كرداً أو عرباً أو سرياناً من مكونات المنطقة، إضافة إلى مناقشة القضايا الأخرى فيما يتعلق وكيفية تشكيل الجيش السوري الجديد الأمر الذي يحتاج إلى حوارات مع كافة الفصائل الموجودة على الجغرافيا السورية». وقالت: «ننظر إلى موضوع الانخراط في الجيش الجديد بإيجابية وهذا هو هدفنا الأخير، ولكننا نحتاج لآليات وضمانات وحوارات مستمرة كي يتحقق هذا الهدف».
وأردفت: «نتعرض اليوم لهجمات من فصائل مدعومة من تركيا، ونسأل هنا هل هؤلاء أعضاء في الجيش التابع لوزارة الدفاع، وإن كانوا كذلك فهذا يعني بأن هجمات تشن علينا من وزارة الدفاع، وإن ليسوا جزءاً من وزارة الدفاع، فكيف الحل لمثل هكذا قضايا، وكيف ستتصرف وزارة الدفاع مع عناصر هذه الفصائل المنضوية في الجيش الوطني المدعومة من تركيا»؟
وتابعت: «وجهنا نداءات لجميع الأطراف لوقف إطلاق نار شامل على كامل الجغرافيا السورية، وهو مطلب السوريين والمجتمع الدولي، وأن تتدخل وزارة الدفاع في دمشق لتحقيق هذا الأمر، ولكن الاشتباكات ما تزال مستمرة».
واعتبرت أحمد أن المعارك الدائرة في محيط سد تشرين على نهر الفرات هي بتحريض تركي وبحجة وجود عناصر من حزب العمال الكردستاني على حدودها، وقالت: «إن تركيا تبحث دوماً عن حجج للاستمرار بهجماتها على مناطق الإدارة الذاتية، وأساس المشكلة موجودة لديها، ونرى بأن تبدأ تركيا حل قضاياها الداخلية وعدم نقلها إلى خارج حدودها، أما فيما يتعلق والعناصر الموجودة ضمن (قسد)، فأوضحنا دوما أنهم شاركونا في المعارك ضد (داعش) واليوم لم يعد منهم إلا القليل وبعضهم من الجرحى وكبار السن، وهؤلاء سيخرجون أيضا حال توفر الأمن لهم، بعد أن عاد قسم كبير منهم إلى المناطق التي جاؤوا منها».
وعلقت أحمد على قضية عناصر الـ«بي كي كي» بالقول: «هذه لا تشكل عائقاً أمام أي حلّ يمكن البدء به عبر الحوار السياسي لتحقيق السلام، وعناصر بي كي كي المتبقين لن يكونوا مشكلة، ولن يكونوا عائقاً، بل وحتى أن هذا الملف قد يكون سبباً للتقدم إذا ما أرادت تركيا أن تبدأ بحل هذه القضايا بصدق».
مجموعات المقاتلين الأجانب
ورفض قائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع، الخميس، وجود مجموعات مسلحة خارج سيطرة الدولة، كما رفض القبول بوجود «مجموعات المقاتلين الأجانب» في سوريا، مشدداً في تصريحات صحافية له، على أن السلطة الجديدة في البلاد، لن تسمح لـ«حزب العمال الكردستاني» بتنفيذ هجمات إرهابية ضد تركيا، وأنها ستبذل قصارى جهدها لضمان أمن الحدود التركية.
وأثنت أحمد على الدور والوساطة الأمريكية في سحب التوتر بين «الإدارة الذاتية» وتركيا وقالت: «كانت جهودهم مستمرة ولا تزال، لكن تركيا تستثمر عضويتها في حلف الشمال الأطلسي- ناتو لتحقيق مطالبها داخل الأراضي السورية، وما نطالب به هو أن لا يتم السماح لتركيا باستثمار واستغلال عضويتها في ناتو لضرب القوات التي حاربت داعش ودافعت عن أمن كل الدول وشعوبها».
وبينت أحمد أن «أمريكا ضمن هذا الإطار، تلعب دوراً وتحاول أن تصل إلى نوع من التفاهمات والتطمينات لتركيا بأن وجود إدارتنا على الحدود لا يشكل تحديّاً أمنياً، ونحن من طرفنا لا نريد أن تشكل تركيا تحديّاً لأمننا الداخلي».
وتحدثت أحمد عن الدور الأمريكي المرتقب بعد وصول الإدارة الجمهورية برئاسة دونالد ترامب، وقالت: «إن الرئيس ترامب ذكر في تصريحات سابقة أنه سيعمل من أجل إحلال السلام في الشرق الأوسط، وهو تصريح إيجابي ونتمنى أن يتم العمل في هذا الإطار، لأننا نريد السلام والأمان وعلاقات حسن الجوار مع تركيا وغيرها، ولا نريد حروبا أخرى ومستعدون ضمن هذا الإطار للعمل مع أي جهة كانت للوصول إلى مثل هذه التفاهمات ومع تركيا بشكل خاص، وأعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية قد تلعب هذا الدور في المرحلة الجديدة»، وأضافت: «إن استقرار سوريا مرتبط بالعديد من القضايا الداخلية والخارجية ونأمل أن تلعب الولايات المتحدة دوراً إيجابياً لترسيخ الاستقرار في المنطقة».
وعن رؤية «الإدارة الذاتية» فيما يتعلق وآليات حل ملف سجون داعش وعوائلهم مع الإدارة الجديدة في دمشق، قالت أحمد: «لسنا المسؤولين وحدنا عن هذا الملف، وإنما لنا شركاء من دول التحالف، فهناك عناصر إرهابية من 74 دولة، وهذه الدول كلها مسؤولة، وعند اتخاذ أي قرار حول هذا الملف بالتنسيق مع الإدارة في دمشق، فإننا سنحتاج إلى آراء تلك الدول».
وكشفت أحمد عن تقديرات المتبقين في السجون من عناصر داعش وعائلاتهم، وقالت: ما زالت الأعداد كبيرة فهناك 11 ألف مقاتل من عناصر داعش في السجون، إضافة إلى نحو ألفين من عائلات وأسر الأجانب، عدا العراقيين الذين ما زال عندنا منهم نحو عشرين ألفاً».
وفي إطار الدفع باتجاه حل هذا الملف أعلنت «قسد»، الخميس، في بيان أنها فتحت المجال أمام العودة الطوعية لقاطني المخيمات في شمال شرق سوريا، من «المواطنين السوريين المقيمين في مخيم الهول إلى مناطق سكناهم» كما دعت «المنظمات الدولية المعنية بالشؤون الإنسانية إلى تقديم العون والمساعدة للمواطنين السوريين الذين نزحوا إلى مناطق شمال شرق سوريا بسبب الحرب في البلاد، ويقيمون حالياً في مخيمات العريشة، المحمودلي، طويحينية، وأبو خشب».
مناطق إدارات ذاتية
لقاء «القدس العربي» مع رئيسة دائرة العلاقات الخارجية في «الإدارة الذاتية» التي تسيطر على نحو 25 في المئة من مساحة سوريا، تطرق إلى رؤية هذه الإدارة تجاه مستقبل الدولة السورية وإن ستكون فيدرالية بحسب ما يطالب به الكرد، وقالت: «إن كنا سنتحدث عن الفيدرالية فيمكنا الحديث عن فيدرالية مرنة، وضمن هذا المفهوم يمكن أن نجد حلولا لجميع المناطق السورية».
وتابعت: «يجب أن تكون هناك مناطق إدارات ذاتية في عدد من المحافظات السورية، ويتم توزيع الصلاحيات بين هذه المناطق والمركز، وتكون هناك حقائب سيادية في دمشق، وهذا هو مشروع سوريا الجديدة الذي بحاجة إلى حوارات للتوافق حول تفاصيله».
وعن المخاوف التي كانت تثار على الدوام بأن الفيدرالية ستؤدي في النهاية إلى تقسيم سوريا قالت: «إن القول بأن الفيدرالية ستؤدي إلى التقسيم يمكن أن أصفه بأنه تفكير رجعي، فتقريباً غالبية دول العالم منظمة على أسس كونفيدرالية وفيدرالية ولا مركزية، ولكنها لم تنقسم، وفقط عندما يدور الحديث حول سوريا بأن لا تكون مركزية وفيدرالية، يبرز الحديث عن خطر التقسيم، وهذه هواجس لا معنى لها لاعتبارات متعددة منها أن الجغرافيا السورية وبنيتها السكانية والثقافية متنوعة، والنظام المركزي ترك وراءه العديد من القضايا الشائكة التي كان سببها حقيقة مركزية النظام، وحل هذه القضايا لابد وأن يكون ضمن نظام لا مركزي».
وأكدت أن «حقوق الشعب الكردي لا يمكن تضمينها فقط بعدة بنود في الدستور، باعتبار أن لا ضمانات ممن سيطبق هذا الدستور ومن آليات التطبيق، أما في حالة اللا مركزية، وإدارة المناطق بإدارة ذاتية، فهؤلاء أحرار كيف يديرون حياتهم اليومية»، مشيرة إلى أن «الأمور السيادية من السياسة والعسكرة والاقتصاد والمالية فهذه يتم التفاهم حول توزيعها».
وعن تأثير العامل الإقليمي على مستقبل الفيدرالية باعتبار أن دول الإقليم كلها العراق وتركيا وإيران وحتى سوريا سابقا، كانت تتخوف من أن تكون الفيدرالية في سوريا خطوة أولى باتجاه قيام دولة كردية؟ اعتبرت أحمد أن الدستوري السوري المقر في أعوام 1919-1920 هو مطلب الشعب السوري منذ القدم، وقالت: «هناك 22 دولة عربية، ودولة تركية، ودولة فارسية، وهناك دولة إسرائيلية، وغيرها، وأقول إن الفيدرالية ليست شرطاً أن تؤدي إلى الانفصال أو إلى التقسيم، وتابعت: «لا أريد التحدث أكثر عن هذا الموضوع لكن على هذه الدول أن تفكر كيف يمكن لها ضمان الحقوق المشروعة لهذا الشعب كي لا يذهب إلى تفكير من هذا النوع».
ورحبت أحمد بنتائج الحوارات التي استضافتها أربيل بوساطة من بارزاني وقالت إنها «كانت هامة وإيجابية فيما يتعلق وتوحيد الصف الكردي والذهاب إلى دمشق بمطالب محددة، وما تم هو من الانجازات الكبيرة التي عملنا فيها لحل القضية الكردية».
وتوقعت أن يتم انجاز الحوار الكردي الكردي وتوحيد الصف قبل التوجه إلى الحوار مع الإدارة الجديدة في دمشق «خلال أسابيع»، وقالت: «آمل أنها لن تطول، وسنصل إلى انجاز التفاهمات، وفي عام 2013 اتفقنا على بيان خاص باسم الهيئة الكردية العليا وأعتقد أنه لا صعوبة ولا تحديات جدية أمام وضع هذه التفاهمات للتوجه بوفد مشترك إلى دمشق».
وبينت أن الوفد الذي سيتجه إلى دمشق باسم «الإدارة الذاتية» سيشمل الجميع من الكرد والعرب والسريان، و«لكن عندما سيتم التطرق لمطالب الشعب الكردي فالوفد الكردي هو من سيتحدث».
وإن كان الحوار بين «الإدارة الذاتية» والإدارة الجديدة بدمشق هو ما سيرسم آليات مشاركة الإدارة الذاتية في مؤتمر الحوار الوطني الذي لم يتضح بعد معالمه أو موعد انعقاده؟ قالت: «إن التحضير للمؤتمر ما زال غير واضح، فمن يقوم بالتحضير، وهذه اللجنة من شكلها وكيف تشكلت»؟
وتابعت إن «في الحوار مع الإدارة الجديدة بحاجة لأن يكون هناك ممثلين عن كل المكونات في اللجنة التحضيرية، ويجب أن ترسل الدعوات للجهات المعنية وليس لأفراد فقط، وما يتم التحضير له هو عملية خاطئة ولن نشارك بهكذا أسلوب، فالتحضيرات والعملية والآلية كلها غير صحيحة، وستخلق مشاكل فيما بعد، ونرى من الضروري أن تتشكل اللجنة التحضيرية من مكونات الشعب السوري وأن ترعى الأمم المتحدة هكذا مؤتمر».
«القدس العربي»: