غزة.. جدلية النصر والهزيمة (ج1)
بقلم عبدالخالق الشاهر -العراق-
سألوا الإمام علي (ع) يوما أيعقل ان يلتقي عائشة وطلحة والزبير على باطل؟؟ (باعتبار ان عائشة ام المؤمنين كما ورد في القرآن الكريم، وطلحة والزبير من العشرة المبشرة بالجنة) فأجاب بما يعني ان الحق والباطل لا يعرفان بأهلهما بل ان نعرف الحق لنعرف اهله . وعليه ينبغي ان نعرف مفهوم النصر اولا ونعرف ثانيا ان (رابح الحرب خاسرها) ونعرف (ان الدولة التي تضل بحاجة الى الحرب لتحقيق امنها لن تكن دولة آمنة لأن الحرب بحد ذاتها تمثل انهيارا للأمن .
تحديد مفهوم النصر :
لعل المفهوم الأكثر تحديدا في الحرب هو ان النصر يعني (كسر إرادة العدو على القتال) ولعله من الواضح أن المقاومة (الأسطورة) في غزة لا تزل ومنذ (475) يوما جاهزة للقتال في ظروف غير مسبوقة تاريخيا ولا يعد ذلك تجنيا على احد فقتال المسلمين الأوائل واجهوا فيه عدوا يفوقهم عددا ويفوقهم تسليحا ( سيوف .. رماح.. خيول) وهذه يمكن حلها بالإيمان والمعنويات العالية والقيادة الحقيقية ، ولذلك قال ابو سفيان للنبي محمد (ص) عندما جاءه متوسلا (لقد عرفت ما وضعت فيهم من قوة) يقصد قوة الإيمان ..وقد يرى آخرون ان هذا ليس الا انشاء عن المعنويات والأيمان وسأكتفي بتقييم ارسله لي قبل ايام احد ابطال حرب تشرين سليم شاكر الامامي قائد اللواء المدرع/12 في حرب تشرين والذي كان له الدور الكبير في تلك الحرب حيث يقول عن طوفان غزة (( متعدد المفاخر مع قليل من الأخطاء بينها خطأ او غفلة واحدة لا تغتفر وسيدخل التأريخ كأحد اكبر الإنجازات العسكرية الهامة كما سيدخل سجل الحرب تحت مسمى – اول حرب فلسطينية اسرائيلية وكفاكم يا أهل غزة فخرا))
أين الأعجاز في ما فعلته مقاومة غزة :
كأي ضابط درع في الجيش العراقي الباسل شاركت بمعارك تأريخيه وهي غالبا غير متكافئة حرب واحدة منها طالت ثلاثة آلاف يوما الا نيفا في حرب معظمها دفاعية ضروس ولكن لديهم طائرة ولدينا ايضا .. لديهم دبابة ولدينا .. صحيح انهم ثلاثة اضعافنا في كل شيء الا اننا انتصرنا ، وبعدها حرب كونية (33) دولة منها دول عربية والسماء مفتوحة لقوة جوية كونية ونحن بلا طائرة وبلا دفاع جوي مؤثر حيث وضعنا حتى طائرات النقل المدني أمانة لدى الجارة ايران ، وبعد اكثر من (50) الف ساعة من القصف الكوني تحركت فرقة آلية فيها لواء مدرع مكشوفة في صحراء جرداء لتحتل الخفجي السعودية ليومين .. ومعركة اخرى مع ثلاثة دول عظمى .. بطولات حصلت .. وبعدها بطولات شعب قتلت مقاومته 4500 جندي امريكي لكن كل ما رأيته من صمود وما درسته عن كتب التأريخ العسكري كأكاديمي عسكري اقول كل ذلك لم يسعفني في تصور او استشفاف ما حصل في غزة .. انه شيء يشبه السحر وينتمي الى عالم اللامعقول ويعجز العلم العسكري عن احتوائه وتفسيره ، ويعجز علم النفس عن تفسير ان حماس تمكنت من تجنيد (15000) عنصر اثناء حرب ابادة جماعية وحشية وقذرة .. اما السابع من اكتوبر المجيد فيحتاج الى مجلدات وبحوث اكاديمية لا تعتمد المصادر فقط بل تلتقي مع كل عنصر في القسام وتسأله كيف اكلت؟؟ كيف نمت وأين؟؟ كيف دمرت هذه الاعداد الهائلة من الميركافا من المسافة صفر كيف حملت الهاون وخرجت فوق سطح الأرض وكل اقمار العالم تراقبك كيف تدربت على الطائرة الشراعية؟؟ ماذا قلت في نفسك عندما تعلقت بالجو وحدك وأنت تحمل بندقية فقط لتهبط وسط اقوى فرق الاحتلال فرقة غزة؟؟ وملايين من الأسئلة
أين الفشل القاتل لدى جيش الاحتلال :
لعل الاختصار مفيد هنا ..عندما نقول الفشل القاتل لا نقصد جيش الاحتلال فقط بل الولايات المتحدة والغرب وحاملات الطائرات العملاقة .. رئيس اركان الجيش يستقيل لمرارة الفشل والتقصير حسب قوله ويتبعه قائد المنطقة الجنوبية وقبلهم رئيس الاستخبارات العسكرية وسيلحقهم الكثيرون.. لم تحقق الحرب اهدافها في غزة حيث قال بلينكن قبل ان تظهر حماس عند وقف اطلاق النار ان حماس تمكنت من تجنيد العدد الذي فقدته، ولم يتحقق هدف استعادة الرهائن عن طريق الحرب ، وعرف العالم كله اكذوبة الجيش الذي لا يقهر وأكذوبة الجيش الأكثر اخلاقية في العالم وصار الجيش الأقذر وحشية في العالم ، وتوضح لكل ذي عقل رشيد ان الهجرة المعاكسة بلغت 375% عن السابق والهجرة اليها صفر%.. والهجرة والاستيطان من اعمدة بقاء الاحتلال، والكثير مما ستظهر آثاره على المدى القريب والمتوسط وليتخيل كل منا انه مستوطن (مستعمر) في غلاف غزة (حاشانا) مثلا فهل سيبقى فيها ؟؟ بعد ان فقد الثقة وهل ان تدمير غزة وقتل اطفالها ونسائها يعني للمستوطن تحقيق امنه لاحقا؟؟ خصوصا بعد سقوط نظريتي الحرب الخاطفة والردع والاستخبارات
وللحديث بقية
25/1/2025