مقالات

أسطورة زرقاء اليمامة بقلم الدكتور ضرغام الدباغ

بقلم الدكتور ضرغام الدباغ

أسطورة زرقاء اليمامة
بقلم الدكتور ضرغام الدباغ / برلين
التاريخ : كانون 1/ 2025
شخصية عربية قديمة، قيل إن قِصّة زرقاء اليمامة حدثت في العصر الجاهليّ. وحدد مؤرخون زمن حدوثها في القرن العاشر قبل الهجرة؛ كما قال بعض المستشرقين إنها حدثت في حوالي 250 ق. م، ويرجح أنها حدثت قبل ذلك، ولكن لم يرد عنها خبر مؤكد في الآثار والأخبار. أما موقعها فهو مدينة جوّ التي كانت تسكنها قبيلتان هما طسم وجديس. وكانت جزءاً من إقليم نجد وسط الجزيرة العربيّة، التي يبلغ امتداد طولها 900كم، وعرضها 400كم. على بعد 30كم شمال الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية،
هي امرأة نجدية من جديس من أهل اليمامة، ويقال انها كانت ترى الشخص على مسيرة ثلاثة أيام. زرقاء امرأة عربية سكنت اليمامة، وقيل إنها كانت ترى الشخص على بعد مسيرة ثلاثة أيام، وكان لون عينين هذه الحسناء أزرقاً، إذ كانت تكحّل عينيّها بالكحل العربي حتى أزرقّت جفونها. فاشتهرت بزرقة عينيها وحدة بصرها، حتى أن قومها كانوا يستعينون بها لتحذرهم من الغزاة. ويقال إنها كانت تبصر الشعرة البيضاء” في اللبن وترى الشخص من على يوم وليلة. وسميت بزرقاء اليمامة لزرقة عينيها.
يروى أنه في إحدى الحروب استتر العدو بفروع الأشجار وحملوها أمامهم، فرأت زرقاء اليمامة ذلك فأنذرت قومها فلم يصدقوها، فلما وصل الأعداء إلى قومها أبادوهم وهدموا بنيانهم، وقلعوا عيني زرقاء اليمامة فوجدوها محشوة بالأثمد وهو حجر أسود كانت تدقه وتكتحل به. وسميت زرقاء اليمامة بهذا الاسم لزرقة عينها.
تضرب العرب المثل بحدة بصر زرقاء اليمامة فيقال «أبصر من زرقاء» لجودة بصرها ولحدة نظرها، ويقال إن اليمامة اسمها وبها سميت بلدتها اليمامة، واسم البلدة جوّ وتقع بلدتها اليمامة في سهل فسيح يسمى جو لانه فسيح كجو الفضاء، وربما قيل: زرقاء الجو كما قال أبو الطيب المتنبي:
وأَبصر من زرقاء جو لأنني إذا نظرت عيناي ساواهما علمي
هل قوة بصر زرقاء اليمامة حقيقية أم اسطورة؟
ووفق قياسات عصرنا الحالي، فإن مسيرة ثلاثة أيام تعادل مسافة تتراوح بين 80 و120 كيلومترا. فالمسافر يستطيع أن يقطع سيرا على قدميه في اليوم الواحد قرابة أربعين كيلومترا، ما بين سير واستراحة وطعام ونوم. مع العلم أن المعطيات العلمية تؤكد لنا، إن الإنسان لا يستطيع الرؤية لأبد من 5 كيلومترات، بسبب إنحاء الأرض وكرويتها. من الصعب على العين البشرية أن ترى مسافة تتجاوز خمسين كيلومترا، وهذا على شرط أن يكون الأفق ممتدا تماما، كأن يكون على قمة جبل مرتفعة، أما زرقاء اليمامة فلم يرو عنها صعود الجبال.
لذا فإن التدقيق في قصة زرقاء اليمامة يجعلنا نكتشف أن ميزتها الأساسية لم تكن قوة البصر، بل البصيرة. إذ يروى عنها أنها حذرت قومها من شجر يسير، وكان الأعداء قد علموا بقوة بصرها فقطعوا الأشجار واستتروا بها حتى لا تكشفهم، فلما أخبرت زرقاء قومها بأن هناك شجرا يسير لم يصدقوها وسخروا منها، فلما أطبق أعداؤهم عليهم وباغتوهم أدركوا صدق زرقاء، ولكن بعد فوات الأوان.
ولذلك، ربما تكون زرقاء اليمامة قد حذرت قومها من الغزاة، وليس بالضرورة أن تكون فعلت ذلك باستخدام بصرها، بل ربما سمعت عن الغزاة من المسافرين أو العيون الجواسيس، أو ربما كانت تريد من قومها البقاء في حالة استعداد وعدم التراخي حتى لا يكونوا لقمة سائغة لعدوهم الملك حسان الحميري، الذي ينسب غزو اليمامة له.
ولكن النهاية المأساوية للقصة التي تمثلت في اجتياح العدو مساكن قوم زرقاء وقتل الكثيرين منهم، ربما تكون قد تناقلتها الروايات في ما بعد وضخمتها، خاصة أن حسان اقتلع عيني زرقاء، فماتت بعد مضي أيام قليلة. في البصر، علينا أن نتذكر أن البصيرة والقدرة على التحليل هي النقطة الأهم، فكثيرا ما رأت البصيرة ما عجز عن رؤيته البصر.
ومن ثم، فسواء كانت أبصارنا قوية مثل زرقاء اليمامة، أو كنا ممن يعانون من عيب
ذاع صيتها بين القبائل، وباتت هدفاً رئيسياً لأي غزاة ينوون دخول بلدتها. استخفّ عسكر المدينة حين حذّرتهم من أشجار قادمة وخلفها جيوش قبيلة حِميَر، فلم يصدقوها، ولما وصل الأعداء إلى قومها أبادوهم واقتلعوا عينَي زرقاء اليمامة وصلبوها على مدخل البلدة التي سميّت باليمامة نسبة لها.
زمانها
قيل إن قِصة زرقاء اليمامة حدثت في العصر الجاهليّ. وحدد مؤرخون زمن حدوثها في القرن العاشر قبل الهجرة؛ كما قال بعض المستشرقين إنها حدثت في حوالي 250 ق.م، ويرجح أنها حدثت قبل ذلك، ولكن لم يرد عنها خبر مؤكد في الآثار والأخبار.
أما موقعها فهو مدينة جوّ التي كانت تسكنها قبيلتان هما طسم وجديس. وكان ملك طسم ظالماً يذل قبيلة جديس، فنشبت حروب بين القبيلتين.
كان ملك طسم ويدعى “عميلق” يمنع زفاف أي امرأة من جديس إلى زوجها إلّا بعد أن تدخل عليه. ثار أهل جديس على الملك وقتلوه مع أتباعه باستثناء شخص واحد استطاع أن يتعاون مع ملك نجران، وأن يدخل البلدة ليأخذ بالثأر.
يغلب الظن بأن قصة زرقاء اليمامة من وحي الخيال، إلّا أنها تبقى تراثاً تزخر به كتب التاريخ، كما أنّها تثبت أن للعرب معرفة قديمة بالقِصة القصيرة تماماً كمعرفتهم بالطب والفلك والتاريخ. وردت في كتاب الأغاني للأصفهاني، وجاءت في كتاب المستقصى للزمخشري، وفي العقد الفريد لابن عبد ربه، وفي خزانة الأدب للبغدادي، وفي مجمع الأمثال للميداني، وغيرها من المراجع التاريخية الأخرى.
زرقاء اليمامة أو زرقاء جو أو اليمامة، وقيل عنزة بنت لقمان بن عاد، امرأة عربية ذات بصيرة قوية يعود أصلها إلى جديس أحد قبائل العرب البائدة المنسوبة إلى لاوذ بن إرم بن سام بن نوح وهي قبيلة ذات جاه ونفوذ كان لها في إقليم اليمامة المتوسط في قلب شبه الجزيرة العربية،، قصور شامخة وحدائق وبساتين متنوعة الثمار.
إن التدقيق في قصة زرقاء اليمامة يجعلنا نكتشف أن ميزتها الأساسية لم تكن قوة البصر، بل البصيرة. فالبصيرة هي قوة الإدراك والفطنة، أما البصر فهو حاسة أو قوة يمتلكها الإنسان لرؤية ما حوله، إذ يروى عنها أنها حذرت قومها من شجر يسير، وكان الأعداء قد علموا بقوة بصرها فقطعوا الأشجار واستتروا بها حتى لا تكشفهم، فلما أخبرت زرقاء قومها بأن هناك شجرا يسير لم يصدقوها وسخروا منها، فلما أطبق أعداؤهم عليهم وباغتوهم أدركوا صدق زرقاء، ولكن بعد فوات الأوان.
ولذلك، ربما تكون زرقاء اليمامة قد حذرت قومها من الغزاة، وليس بالضرورة أن تكون فعلت ذلك باستخدام بصرها، بل ربما سمعت عن الغزاة من المسافرين أو العيون «الجواسيس»، أو ربما كانت تريد من قومها البقاء في حالة استعداد وعدم التراخي حتى لا يكونوا لقمة سائغة لعدوهم الملك حسان الحميري، الذي ينسب غزو اليمامة له. ولكن النهاية المأساوية للقصة التي تمثلت في اجتياح العدو مساكن قوم زرقاء وقتل الكثيرين منهم، ربما تكون قد تناقلتها الروايات فيما بعد وضخمتها، خاصة أن الملك حسان الحميري اقتلع عيني زرقاء، فماتت بعد مضي أيام قليلة.
في الكتب
ومن كتاب آثار البلاد وأخبار العباد:، ورد عن زرقاء اليمامة :
” زرقاء اليمامة، كانت ترى الشخص من مسيرة ثلاثة أيام، ولما سار حسان نحو جديس قال له رياح بن مرة: أيها الملك إن لي أختاً متزوجة في جديس واسمها الزرقاء، وانها زرقاء ترى الشخص من مسيرة يوم وليلة، أخاف أن ترانا فتنذر القوم بنا. فمر أصحابك ليقطعوا أغصان الأشجار وتستروا بها لتشبهوا على اليمامة. وساروا بالليل فقال الملك: وفي الليل أيضاً ? فقال: نعم ! ان بصرها بالليل أنفذ ! فأمر الملك أصحابه أن يفعلوا ذلك، فلما دنوا من اليمامة ليلاً نظرت الزرقاء وقالت: يا آل جديس سارت إليكم الشجراء وجاءتكم أوائل خيل حِمْيَر. فكذبوها فأنشأت تقول:
خذوا خذوا حذركم يا قوم ينفعكم فليس ما قد أرى مل أمر يحتقر
إني أرى شجراً من خلفها بشـرٌ لأمرٍ اجتمع الأقوام والشّـجـر
فلما دهمهم حسان قال لها: ماذا رأيت ? قالت: الشجر خلفها بشر ! فأمر بقلع عينيها وصلبها على باب جو، وكانت المدينة قبل هذا تسمى جواً، فسماها تبع اليمامة وقال:
وسمّيت جوّاً باليمـامة بـعـدمـا تركت عيوناً بالـيمـامة هـمّـلا
وجاء في كتاب الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني:
إنّ قوما من العرب غزوا اليمامة، فلما اقتربوا من مسافة نظرها خشـوا أن تكتشف الزرقاء أمرهم، فأجمع رأيهم على أن يقتلعوا شجرات تستر كل شجرة منها الفارس إذا حملها. فأشرفت الزرقاء كما كانت تفعل. فقال قومها: ما ترين يا زرقاء ؟. فقالت: أرى شجرا يسير! فقالوا: كذبت أو كذبتك عينك، واستهانوا بقولها. فلما أصبحوا صبحهم القوم وقتلوا منهم مقتلة عظيمة وأخذوا الزرقاء فقلعوا عينيها فماتت بعد أيام.. وعندما ماتت اقتلعوا عينها فوجدوا ان عينها كانت مليئة بالأثمد.
وبتقديرنا أن الأسطورة لم تأت من فراغ، فهناك شيئ كثير أو بعضه في الواقع، و اسم زرقاء اليمامة من أشهر الشخصيات العربية القديمة.
المصدر :
د. أسامة أبو الرُّب : الجزيرة
عمر الديماسي: أمراة عربية أشتهرت بقوة البصر
الموسوعة الالمانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب