دراساتكتب

كتاب «فك الشيفرة التوراتية» لمؤلفه الدكتور علاء محمود أبو عامر.

كتب يوسف الشايب:
أطلق، أول من أمس، وضمن فعاليات «الاحتفال باليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف» (أسبوع الكتاب في فلسطين)، وينظمه ملتقى فلسطين الثقافي بمقره بدار الشروق للنشر والتوزيع بمدينة رام الله، كتاب «فك الشيفرة التوراتية» لمؤلفه الدكتور علاء محمود أبو عامر.
واكتشف أبو عامر، في كتابه، أن «شعب التوارة» أو «بني إسرائيل» أو «قوم موسى»، كانوا يتشكلون من جماعتين عرقيتين كل منهما كانت تتكلم بلغة مختلفة عن الأخرى، إخداهما عرب عاربة، وهنا يثبت بم لا يدع مجالاً للشك بأن لغة التوراة الحقيقية (توارة موسى) كانت العربية الفصحى، لغة القرآن. وكانت مواطن هؤلاء القوم شمال الحجاز، والجماعة الثانيةحورية هندوسية أرمينية، ومن هذا الاختلاط نتج كل التناقض الحاصل في أسفار التوراة، حيث يقدم الباحث في هذا الكتاب رؤية جديدة لتاريخ المشرق العربي القديم، من خلال تحليل ومعالجة نصوص التوراة والإنجيل والقرآن والآثار، وغيرها.

رد على ادعاءات اليهود
وأشار د. المتوكل طه في مداخلته حول الكتاب إلى أنه يمكن اعتباره بمثابة «رد مضمر على ادعاء اليهود بالحق التاريخي والديني»، وأنه «يقوم بعملية إحياء وبعث لكل الأدبيات والاجتهادات والنظريات التي هجست بتاريخ هذه المنطقة، بحيث يتسعرضها ويعمل على تفكيكها، أو توظيف ما جاء في بعضها ليربطه ببعض ما جاء في غيرها، وينسج رؤية جديدة، تبدو مقنعة وذات وجاهة».
وأضاف طه: إنه المؤلف الذي يتمتع بموسوعية يغبط عليها، يحسب له أنه مغامر كيّس، بعيداً عن العبث والارتجال، وربط الأحداث كيفما اتفق، إذ يركب مركباً صعباً وعميقاً ومتلاطماً وواسعاً، ويغوص فيه، ويحاول أن يربط المشترك، من وجهة نظره، كما يحسب له، أنه حاول تأصيل التاريخ الفلسطيني في كتاب هو «غوص فكري أكثر منه بحثاً بالمفهوم الأكاديمي»، فهوو مبنيّ على «فرضية يأتي بكل ما يعززها ويقيمها ويقدمها لنا» … «الكتاب جاء بأفكار أو رؤى أو نظريات جديدة، ربما كان الرائد والسباق لها، منها» أن شعب التوراة ليس واحداً بل خليط من شعوب، وأن الهكسوس هم الحجازيين وليسوا الفلسطينيين أو العمالقة، وأيضاً بما يتعلق بالحوريين وتاريخهم ومعتقلاتهم، علاوة على التفسير اللافت للعديد من الرموز والمصطلحات والأحداث».
وأخذ طه على الكتاب «استغراقه بالروايات، ومحاكمة التوراة وهو على أرضها، والتعامل مع التضمينات كمسلّمات، والتعاطي مع ما ساقه المؤرخون ليس كوجهة نظر بل كحائق حرفية، ودحض النص الديني بالنص الديني، ومحاولة قول كل شيء، والتوصل إلى استنتاجات سريعة أحياناً»، وغيرها.
تحليل في أربعة محاور
وتناول د. أحمد غنيم، الكتاب في أربعة محاور: الكاتب، وأهمية الكتاب، ومنهجه، والمضمون، لافتاً إلى أن مؤلف «فك الشيفرة التوراتية»، ورغم خبرته العملية والأكاديمية في الدبلوماسية، فإنه يمتلك نزعة بحثية عالية برزت في كتابه بشكل جلي، فكثير من الظواهر «العادية» لم تمر عليه مرور الكرام، مدللاً على ذلك بقراءته لسورة البقرة ولحكايتها التوراتية، وجدلية ذبحها من عدمه، ليخرج بنتيجة مفادها أن بعضاً من قوم النبي الموسى الخارجين من مصر هم من عبدة الأبقار، وقدسية البقرة لديهم.
وأضاف غنيم: استغرقت كتابة «فك لشيفرة التوراتية» اثنا عشر عاماً، وما رافق تلك الأعوام من سعة إطلاع، أدخلت المؤلف في زج كم كبير من المعلومات، وكأنه أراد الحديث عن كل ما توصل إليه بين دفتي كتاب، ولم يكن ذلك ضرورياً، وهذا لا يقلل من كونه يمتلك جدوة الكاتب، ما دفع البعض لوصف الكتاب بالفكري وليس البحثي، علاوة على ما لمسته من امتلاك المؤلف لتقنيات الإبداع الروائي، وهو ما برز في الكتاب، حيث كان يضع فرضياته ويبني لها بناء درامياً جميلاً يخدمها، ويصل في نهاية المطاف إلى ما وصل إليه من استنتاجات، وكأنه يعيد صياغة الرواية التاريخي المتعلقة بالتوراة.
وحول أهمية الكتاب، قال غنيم: لسنوات طويلة، كان الأكاديميون، في كبرى الجامعات العالمية حتى، يعتبرون التوراة مرجعاً للتاريخ، بل إن البعض حصر التاريخ القديم بمجمله في التوراة، أي في عشرة آلاف عام، وبالتالي تم زج التاريخ البشري في هذه الحقبة الزمنية فحسب، وهنا تكمن أهمية كتاب «فك لشيفرة التوراتية»، بأنه يعيد صياغة الرواية التاريخية خارج إطار التوراة، وبشكل مغاير تماماً للفكرة التوراتية، وهذه حقيقة تنبه إليها الكثير من الباحثين، خاصة أن العديد من الاكتشافات الأثرية قهرت التوراة، وطردتها من اعتبار نفسها كمرجع للتاريخ، وهذا ما باتت تقره كبرى جمعات العالم الآن، وتم التعاطي مع التوراة كمجموعة من الأساطير .. هذا الكتاب يعيد قراءة التوراة بشكل جديد، حيث اتكأ على الكثير مما كتبه السابقون في هذا المجال.
وفيما يتعلق بالمنهج والمضمون، أضاف غنيم: استخدم المؤلف منهج «التاريخ الاستردادي»، وليس منهج «التاريخ الرصدي».. وهذا المنهج يقوم على استرداد التاريخ، وإخضاع الأحداث للفحص والتشريح، متكئاً على تحليل النص التوراتي، وهنا أخفق في أنه لم يحدد الفترة الزمنية أو الحدث، فأحياناً كان يقفز من الخلف إلى الأمام والعكس، وهذا نابع من اعتماده على تحليل النص التوراتي، الذي كتب في 1200 سنة، من أقوام وأجيال مختلفة وصلت إلى ثلاثين جيلاً ما بين العهدين القديم والجديد، حيث فقدت الأسفار الخمسة للتوراة في بابل، وهو ما تم تناوله في الكتاب، ليبدأ الكاهن عزرا ليبدأ في إعادة ما يذكره مما فقد، كما أنه لم يحدد النص بتناول أسفار بعينها، وكأنه مارس الانتقائية بما يخدم البناء الدرامي لفرضياته.
ولفت غنيم إلى أن ثمة استنتاجات جديدة تماماً في كتاب «فك لشيفرة التوراتية»، منها أن «شعب موسى» ليس شعباً واحداً، وليسوا من أتباع ديانة واحدة (حنيفين وهندوس وثنيين)، فجزء منهم ساميّ والجزء الآخر آريّ، وأن الهكسوس هم عرب حجازيين من الجزيرة العربية، وأن هناك أكثر من إبراهيم النبي (إبراهيم وأبرام وأبراهام) أحدهما حوريّ والآخر عربي، وأن إبراهيم النبي أسس دولة كبيرة ما بين المحيطين الأطلسي والهادي وخاض معارك وحروب في سبيل تعزيز مكانتها والحفاظ عليها، وأن الفلسطينيين ليسوا من جزيرة كريت، بل هاجروا إليها من جزيرة العرب، خاتماً: الكتاب جدلي، ويحتاج إلى مزيد من البحث المتعمق، ولكنه ممتع، ويستحق القراءة.

اكتشافات جديدة
من جانبه قال د. علاء محمود أبو عامر، مؤلف كتاب «فك لشيفرة التوراتية»: هذا الكتاب طبع في أول مرة تحت اسم «حكاية شعب التوارة .. الحقائق والأوهام والتزييف»، وتم تعميمه على أقسام التاريخ في جامعات غزة … ما اكتشفته من خلال قراءة متفحصة للتوارة، أن فيها نصيّن متداخلين .. نص إيليّ إلهي حنيفي، ونص هندوسي حوريّ آريّ، وعندما بحثت في تاريخ المنطقة، وجدت أنه كان في المنطقة امبراطورية عربية تعرضت لظلم تاريخي، خاصة أن الكاتب القبطي مانيتو، وصف الهكسوس بأبشع الأوصاف، ما أثار لدي أكثر من علامة استفهام، خاصة لقناعتي بأن الغازي عادة يضم مجمع الآلهة في البلد الذي يحتلونه إلى مجمع آلهته، على عكس ما تحدث عنه مانيتو بخصوص الهكسوس، لاسيما أن ديانة الهكسوس لاتزال سراً تاريخياً، فلم يرد أن لهذا الشعب إله بالمعنى المجسم يعبدونه، مع أن المرحلة الهكسوسية استمرت 400 عام.
وأضاف: هناك نص في سفر التكوين عن يافث الذي سكن مساكن «سام»، أي «الشام»، واكتشفت شعب الحوريين وبعضهم يسميهم الحثيين، وكانوا يقطون أعالي النهر، في مناطق شمال العراق والجزيرة السورية، وهو شعب هندوآريّ، وكانوا يعبدون «آندرا»، و»فشنا»، و»فارونا»، و»التوأمين أربيل»، و»سوريا»، و»رام» (انتسبت رام الله إليه)، وغيرها من الآلهة الهندوسية، لافتاً إلى أنه وخلال بحثه في الفترة ما بين ظهور إبراهيم والخروج من مصر (فترة الإمبراطوريتين العملاقية والحورية في مصر)، معرفاً أنه لم يكتب تاريخاً، بل حلل نصوصاً في عملية بحث عما يعزز فكرة تتعلق بأن وجوب «شعب موسى»، ساهم في انبثاق ديانتين هما اليهودية والمسيحية، لافتاً إلى أن «فك لشيفرة التوراتية»، ليس إلا كتاباً في سلسلة كتب قادمة تعالج مواضيع وتفاصيل بعينها.
من الجدير بالذكر، أن د. علاء محمود أبو عامر، مفكر وباحث وأكاديمي ودبلوماسي فلسطيني، حاصل على درجة الدكتوراة في العلاقات الدولية والسياسة الخارجية، وله عدة مؤلفات في السياسة والتاريخ والفكر، من بينها: «الوظيفة الدبلوماسية»، والعلاقات الدولية .. الظاهرة والعلم»، والبروتوكول السياسي .. أصوله وقواعده وتطبيقاته»، و»شعب التوراة: الحقائق والأوهام التزييف»، والنبي دانيال ونهاية العالم»، وغيرها من المؤلفات.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب