مع تراكم فضائحه: هل يضطر نتنياهو للعودة إلى ساعة ترامب.. 12 ظهراً بتوقيت الحرب؟

مع تراكم فضائحه: هل يضطر نتنياهو للعودة إلى ساعة ترامب.. 12 ظهراً بتوقيت الحرب؟
عاموس هرئيل
تحرير المخطوفين الثلاثة، ساشا تروبنوف وساغي ديكل حن ويئير هورن، استكمل أمس الدفعة السادسة في المرحلة الأولى في الصفقة. الخوف الذي رافق تقدم الصفقة منذ بداية الأسبوع تلاشى، لكن تنفيذ النبضات القادمة – تحرير ستة مخطوفين أحياء وإعادة ثمانية جثامين لمخطوفين في الأسابيع الثلاثة القادمة – ما زال مشكوكاً فيه. وحتى لو تم استكمالها كما هو مخطط له، فمن المتوقع بعد ذلك وجود عائق أكبر – الانتقال إلى المرحلة الثانية.
الأسبوع الماضي، بدأ تأجيل النبضة السادسة بتهديد حماس. ورد ترامب على ذلك بنوع من التوصية لإسرائيل، بوضع إنذار نهائي والمطالبة بتحرير جميع المخطوفين حتى الساعة الثانية عشرة ظهراً من السبت. لم يكلف ترامب نفسه عناء التوضيح إذا كان يقصد توقيت واشنطن أم توقيت القدس. ولكن النقاش تبدد من تلقاء نفسه في نهاية الأسبوع الماضي. الجمعة، تبين أنه لا يوجد للحكومة الإسرائيلية، رغم تصريحاتها الشديدة، أي مصلحة في تفاقم الأزمة. ومنذ اللحظة التي تراجعت فيها حماس وأعلنت إطلاقها سراح المخطوفين الثلاثة، توقفت إسرائيل عن التهديد. مكتب رئيس الحكومة، الذي يعاني مؤخراً من التصريحات المتدنية، تمكن من إحراج نفسه. فقد أعلن أول أمس بأن قائمة المحررين الثلاثة مقبولة لدى إسرائيل، بعد ذلك تذكر التصحيح، أن القائمة تم تسلمها من قبل إسرائيل.
مكتب رئيس الحكومة، الذي يعاني مؤخراً من التصريحات المتدنية، تمكن من إحراج نفسه. فقد أعلن أول أمس بأن قائمة المحررين الثلاثة مقبولة لدى إسرائيل، بعد ذلك تذكر التصحيح، أن القائمة تم تسلمها من قبل إسرائيل
ترامب لا يفضل فكرة النبضات الصغيرة والكثيرة، خصوصاً أن الصفقة تتقدم حسب الخطة التي تبلورت في عهد سلفه بايدن. لنتنياهو اعتبارات أخرى. فهو يخشى من الانتقال إلى المرحلة الثانية؛ لأن ذلك سينهي الحرب ويعرض بقاء حكومته للخطر، وربما أيضاً التشدد في طلب تشكيل لجنة تحقيق رسمية لفحص إخفاقات الحرب.
حتى بدون إنهاء الحرب، تورط مكتب نتنياهو في الفضيحة القطرية. فالشكوك تزداد بأن ثلاثة من مستشاريه على الأقل استفادوا بصورة موازية من العمل في صالح دولة الوساطة – صحيح أنها دولة غير معادية، لكنها غارقة منذ سنوات في تمويل سلطة حماس وساعدت في تعزيزها عسكرياً. أمس، في ذروة نقاش أمني هاتفي، أعلن “الشاباك” رداً على توجهات المراسلين، بأنه قرر فتح ملف تحقيق في القضية، التي كانت بدايتها كشف تقرير مراسل “هآرتس” بار بيلغ. نتنياهو في الحقيقة معني بالتخلص من رئيس الجهاز رونين بار، لكن يبدو أن الأخير لا يخشى من رد الصاع صاعين.
خطوات نتنياهو تشمل الدمج بين التملق لترامب وزرع عقبات في طريق الصفقة والتهديد بدخول بري إلى القطاع مجدداً. حسب وعود رئيس الحكومة، هذه خطوة ستركع حماس وبحق، وستضمن نهاية مختلفة للحرب. عملياً، من المؤكد أكثر أن هذا الأمر يعني موت مخطوفين آخرين (والكثير من الجنود). وأن حماس ستنجح في الاحتفاظ بسيطرتها على أجزاء في القطاع، حتى لو على شاكلة حركة عصابات ضعيفة نسبياً. مؤخراً، على خلفية تهديدات إسرائيل باستئناف الحرب في غزة، دعا الجيش الإسرائيلي بضعة آلاف من جنود الاحتياط إلى الخدمة فوراً. ولكنهم أرسلوا في نهاية الأسبوع، إلى بيوتهم بانتظار القرار. لم يعد نتنياهو يسعى حتى إلى التظاهر وتسويق بادرات حسن نية من التماهي الفارغ مع المخطوفين العائدين، الذين من ناحيتهم اهتموا بشكر كل من ساعد في إطلاق سراحهم، باستثناء رئيس الحكومة.
العميد احتياط أورن سيتر، نائب رئيس مركز الأسرى والمفقودين في الجيش الإسرائيلي، اهتم أمس بدحض ادعاء مفاجأة الحكومة أو الكابنت من حالة المخطوفين الصعبة صحياً، الذين أُطلق سراحهم في النبضة السابقة. يعرف المستوى السياسي، كما أوضح سيتر، كل ما يحدث في الأسر من تنكيل وتعذيب وتجويع.
نصر مطلق في السجن
مرت تسعة أشهر منذ وعد نتنياهو بزيارة “نير عوز”، الكيبوتس المدمر لمن تم تحريرهم أمس، الذي قتل واختُطف ربع سكانه في 7 أكتوبر، وهو وعد لم ينفذ حتى الآن. رئيس الحكومة غارق في تقديم بادرات حسن نية لـ “قاعدته” السياسية، التي استهدفت عبثاً بث القوة أمام حماس. أمس، نشرت مصلحة السجون صورة مهينة لسجناء فلسطينيين محررين في إطار الصفقة، وهم راكعون وظهورهم للكاميرا. ظهرت كتابة باللغة العربية الركيكة على القمصان أجبروا على ارتدائها: “لن ننسى ولن نغفر”. هنا مكان آخر حلم فيه يحيى السنوار، رئيس حماس الذي قتل، وبدأ يتحقق. الفجوة بين الطرفين آخذة في التقلص.
منذ سنة وأربعة أشهر يشتكون هنا من الدعاية الإسرائيلية التي تجد صعوبة في التوصل إلى نتائج مقنعة في الساحة الدولية. كان يمكن أن تركز إسرائيل أمس على مشاهد مؤثرة للمواطنين الثلاثة الذين تم لم شملهم مع عائلاتهم بعد المذبحة. لكن بدلاً من ذلك، نشرت الدولة صورة غبية من السجن وكأن هذا الأمر سيكسبها نقاطاً بطريقة معينة. يمكن الادعاء أنها روح الوزير السابق بن غفير، ي تحلق فوق السجانين وقادتهم. ويمكن أيضاً الشك في أن هذا التوجيه جاء من أعلى واستهدف إضافة ادعاء سخيفاً حول النصر المطلق.
إلى جانب انتظار قرارات بشأن غزة، سواء مواصلة الاتفاق أو استئناف القتال أو تمديد المرحلة الأولى للاتفاق الحالي، وصلت إسرائيل إلى نقطة رئيسية في لبنان. الثلاثاء، ستنتهي فترة تمديد اتفاق وقف إطلاق النار المؤقت، وربما يخلي الجيش الإسرائيلي آخر القوات من جنوب لبنان. في الأيام الأخيرة، انسحبت القوات إلى عدد من المواقع الرئيسية شمال الحدود، لكنها أخلت المواقع العسكرية في القرى المتروكة. تحاول إسرائيل الآن بواسطة الإدارة الأمريكية، الحصول على تمديد آخر حتى نهاية الشهر الحالي. في لبنان نفسه يسود عدم هدوء إزاء جهود الحكومة الجديدة لوقف تحويل الأموال النقدية من إيران لحزب الله في رحلات طيران مدنية إلى مطار بيروت. في هذه الأثناء، الساحتان في حالة انتظار متوترة، إذ لا يقين في أن تنتهي باشتعال جديد. ولكن في الساحتين، لا سيما في قطاع غزة، أخطار للتصعيد. من غير الواضح إذا كان ذلك سيحدث لأسباب صحيحة أم سيؤدي إلى نتائج ترغب بها إسرائيل.
هآرتس 16/2/2025