الصحافه

هل يظن العرب أن بإمكانهم عرض بديل لخطة ترامب يقنعون به إسرائيل وواشنطن؟

هل يظن العرب أن بإمكانهم عرض بديل لخطة ترامب يقنعون به إسرائيل وواشنطن؟

الإجماع في الساحة الفلسطينية والعالم العربي ضد خطة ترامب للتهجير، لا يقلل من مستوى الضغط المتزايد في قطاع غزة وام الله، وفي بعض عواصم العالم العربي، خاصة القاهرة وعمان، لطرح خطة بديلة قابلة للتطبيق على الأرض.

جميع المشاركين في التطورات السياسية يدركون أن تقديم جواب سلبي لترامب وزيادة الأصوات المعارضة لخطته لن تكون كافية هذه المرة. حتى مظاهرات الدعم في الأردن للملك عبد الله، والبرامج التلفزيونية الكاملة في مصر التي تتناول صمود الرئيس عبد الفتاح السيسي لن تغير الوضع. مطلوب خطة تطرح بديلاً متفقاً عليه حول اليوم التالي في القطاع، خطة تجبر حتى “رجل الصفقات” ترامب ونتنياهو على أخذها في الحسبان. في هذه الأثناء، عشية لقاء القمة العربية المقلصة الخميس في الرياض، وقبل القمة الواسعة التي ستعقد في 27 شباط في القاهرة، لا توجد حتى الآن خطة واضحة ومتبلورة تحصل على دعم سياسي واقتصادي.

المسيطر على القطاع بالفعل هي حماس مع الـ 40 ألف موظف، ويعمل إلى جانبهم الجهاز الأمني والعسكري، ورغم تضررها منذ 7 أكتوبر، ما زالت تعمل وتسيطر. تعلن حماس استعدادها للتنازل عن السيطرة الإدارية في القطاع. والمعنى أن كل لجنة أو هيئة إدارية يمكنها العمل على الأرض، وبالأساس العمل في المهمة الملحة أكثر وهي إعمار القطاع في كل المجالات. مع ذلك، ترفض حماس التنازل عن السلاح، والمعنى أن قوة حماس العسكرية ستبقى في القطاع، وإذا تم التوقيع على اتفاق سياسي شامل فسيمكن مناقشة دمج هذه القوات في أجهزة الأمن والشرطة الرسمية. يبدو أن تحقق هذا السيناريو الآن بعيداً لسنوات ضوئية.

كل ذلك يضع تحدياً أمام المجتمعين في الرياض والقاهرة، وأيضاً أمام المحادثات الجارية هذه الأيام في محاولة للعثور على صيغة قابلة للتطبيق. “ذات مرة، كان هناك مايسترو فلسطيني يقود الفرقة الموسيقية في كل ما يتعلق بالموقف الفلسطيني الرسمي، وكانت الدول العربية مؤيدة له”، قال للصحيفة مصدر فلسطيني رفيع كان مشاركاً في دائرة اتخاذ القرارات. “أما الآن فلا يوجد؛ كل وقيثارته التي يعزف عليها، في وقت بات فيه الفلسطيني هو الأضعف. حماس متعبة في القطاع، والسلطة متعثرة في رام الله، والشعب يتطلع إلى أفق وحل”.

في الوقت نفسه، بات المشاركون على قناعة بأن عدم طرح خطة منظمة سيحث ترامب ونتنياهو على مواصلة طرح قضية الهجرة. إزاء الإلحاح الذي وجد، بالتحديد الذين لا يؤيدون حماس في القطاع، يدركون أنه لا يمكن التنازل عن جهاز حماس، على الأقل لفترة انتقالية، رغم معارضة إسرائيل الكبيرة وحتى معارضة معظم الدول العربية والسلطة الفلسطينية. “لحماس جهاز ناجع يعمل جيداً منذ 17 سنة. وحتى الحرب لم تدمره”، قال موظف كبير في جهاز الإدارة لحماس في القطاع. “هذا الجهاز، إلى جانب اللجان الشعبية ورؤساء الحمائل، هو الأداة الأكثر فعالية الآن إذا أردنا التقدم، وإلا فسنبقى في نفس الدائرة المفرغة التي لا مخرج منها. فهي ستزيد تفاقم الوضع وتفاقم الضغط على الجميع حتى الانفجار القادم”.

إضافة إلى كل ذلك، لا يوجد في الساحة الفلسطينية حتى الآن إجابة عن أسئلة جوهرية، تمتنع كل الأطراف من التطرق إليها، مثل: إلى أي درجة ستعمل الخطة العربية، إذا تم طرحها، على شرعنة خطوات أوسع فيما يتعلق بسيطرة السلطة الفلسطينية في القطاع؟ ما العلاقة التي ستكون بين القطاع والضفة الغربية؟ بأي درجة ستحصل هذه الخطة على دعم السعودية أو أن تُطرح كمبادرة سعودية؟ هل ستكون المحفز لاتفاق تطبيع مع إسرائيل؟ هل ستشرعن هذه الخطة دولة في القطاع فقط بشكل منفصل عن الضفة التي تخضع لتهديد الضم الذي يطرحه الوزير سموتريتش؟ هل ستتبلور هذه الخطة حقاً، وكيف ستتعامل معها حماس والسلطة الفلسطينية؟.

صحيح أنها أسئلة نظرية فقط، وأن سكان قطاع غزة يتوقعون الحصول على الخيام والمياه والكهرباء، ولكن في واقع يجلس فيه رئيس مثل ترامب في البيت الأبيض، وتسيطر على إسرائيل حكومة مسيحانية، فإن من يعتبرهم الشعب الفلسطيني قادته، عليهم الآن أن يوفروا إجابات؛ فإعمار القطاع ليس هو الوحيد الموجود على الأجندة، بل هناك مستقبل الشعب الفلسطيني.

جاكي خوري

هآرتس 17/2/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب