هآرتس: هل يشير تبكير حماس بإعادة “المخطوفين” إلى حصولها على مقابل بشأن المفاوضات

هآرتس: هل يشير تبكير حماس بإعادة “المخطوفين” إلى حصولها على مقابل بشأن المفاوضات
سيل التصريحات في اليومين الأخيرين، من الولايات المتحدة ومصر وقطر، ومن حماس، وبدرجة أقل من إسرائيل، يدل على التقدم في المفاوضات حول إطلاق سراح المخطوفين. لقد تم توحيد النبضات. والمخطوفون الستة الإسرائيليون الأحياء الذين كانوا سيتحررون في المرحلة الأولى في الصفقة، سيطلق سراحهم معاً يوم السبت القادم، وليس على دفعتين في أيام سبت. وسيتم تسريع إعادة جثامين المخطوفين المحتجزين في القطاع. إضافة إلى ذلك، بدأت الإدارة الأمريكية تبث التفاؤل حتى بخصوص إمكانية إتمام تطبيق المرحلة الثانية في الصفقة بنجاح، رغم الصعوبات الكثيرة.
إن استعداد حماس لتبكير تحرير المخطوفين الستة الأحياء، يدل على أنها حصلت على مقابل. يدور الحديث الآن عن إدخال كرفانات وخيام ومعدات ثقيلة لإخلاء الأنقاض في القطاع، لكن ربما حصلت حماس في السر أيضاً على وعود بعيدة المدى بخصوص استمرار المفاوضات.
رئيس الحكومة، نتنياهو، يحتفظ كالعادة بكل الاحتمالات مفتوحة حتى اللحظة الأخيرة. يقول وراء الكواليس أموراً مختلفة لأشخاص مختلفين. شريكه في اليمين المتطرف، الوزير سموتريتش، استنتج من المحادثات بينهما أن الجيش الإسرائيلي سيعود قريباً إلى القتال على نطاق شامل في قطاع غزة. والجيش مستعد لهذه الاحتمالية التي قد تشمل عملية برية جديدة لعدة فرق. في المقابل، يناقش الأمريكيون مع نتنياهو الانتقال إلى المرحلة الثانية بجدية.
ربما يستجيب رئيس الحكومة في نهاية المطاف لضغوط واشنطن، ويحاول تعويض سموتريتش (الذي لا ينتظره شيء جيد خارج الحكومة) بخطوات ضم وتصعيد عسكري في الضفة الغربية. سيأمل نتنياهو حرف انتباه الرأي العام في أوساط مؤيديه بوعد تسريع تشريع الانقلاب النظامي.
إذا بدأ أخيراً تطبيق المرحلة الثانية، فلن يكون هذا فقط بسبب الأمريكيين. رئيس الحكومة ينشغل بقراءة الاستطلاعات – كل الاستطلاعات تشير إلى دعم الجمهور لتنفيذ الصفقة حتى إعادة آخر المخطوفين، الأحياء والأموات. تفجير المفاوضات وإبقاء المخطوفين ليموتوا في أنفاق غزة قد تولد ردوداً قاسية لدى الرأي العام في إسرائيل، في الوقت الذي تقدم فيه شهادات العائدين من هناك، للمرة الأولى، ظروف الأسر القاسية في القطاع بكامل خطرها.
يتحدث ضباط الجيش الإسرائيلي عن “الغطرسة” التي يوصف بها نتنياهو منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض، وخاصة منذ لقائهما في البيت الأبيض قبل أسبوعين. ترامب شخص مغرور ويكثر من إطلاق التصريحات بشأن توصيات وخطط لن تنفذ، لكنه لم ينحرف حتى الآن في الولاية الحالية عن دعم إسرائيل وإظهار تعاطفه مع نتنياهو.
القنبلة التي ألقاها ترامب أثناء زيارة رئيس الحكومة عندما طرح اقتراح التهجير الجماعي “الطوعي” للفلسطينيين من القطاع، استقبلها المستوى السياسي بثمل مشاعر حقيقي. ولدهشة بعض الضباط، يتكرر في النقاشات القول بأن لحظات تنتظرنا تأتي مرة واحدة، تسمح لنا باتخاذ خطوات تاريخية، مثل إبعاد الفلسطينيين من قطاع غزة. على خلفية هذه الفرصة، قيل بأن أهمية إنقاذ المخطوف الأخير تتضاءل.
في النقاشات الأخيرة في منتديات مختلفة، طلب نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، تسريع النقاشات في جهاز الأمن حول تطبيق “خطة ترامب” (على فرض أن الأمر لا يتعلق بفكرة فقط)، وطرح اقتراحات ملموسة للدفع بالتهجير قدماً. رداً على ذلك، طرحت المدعية العسكرية الرئيسية، الجنرال يفعات تومر – يروشالمي، والمستشارة القانونية للحكومة غالي بهراف ميارا، بعض التحفظات. فقد حذرتا من الحساسية القانونية الدولية التي ترافق خطوات مثل التشجيع على الهجرة. وأوصت المستشارة القانونية للحكومة بإجراء نقاش في منتدى مصغر، مع الأخذ في الحسبان قوانين الحرب الدولية، وأن يتم تحديد قواعد المسموح والممنوع على الجيش الإسرائيلي بصورة جيدة.
وزير الخارجية جدعون ساعر (الذي اقترح في الحكومة السابقة تعيين بهراف ميارا، مستشارة قانونية للحكومة) قال في رده، إن “الهجرة موضوع سياسي وليس قانونياً”. وأضاف بأنه واثق من أن ترامب لن يتوقف للتشاور مع رجال قانون قبل طرح اقتراحه، وهذا موقف مفاجئ. فخلافاً لنتنياهو، لم يتم إصدار مذكرات اعتقال دولية ضد ترامب في محكمة الجنايات الدولية. من المثير للاهتمام معرفة هل يطلبون من المستوى السياسي إبعاد رجال القانون عن عملية اتخاذ القرارات عندما يتورط ضباط الجيش الإسرائيلي بسبب تطبيق سياسة ترامب.
تبرير مستقبلي
أمس، استكمل الجيش الإسرائيلي إعادة الانتشار في جنوب لبنان، وانسحب إلى خمسة مواقع قرب الحدود من الجانب الشمالي. لم تعلن إسرائيل عن الوقت الذي ستبقى فيه هذه القوات في المواقع، التي يساعد كل موقع منها في الدفاع عن المستوطنات القريبة من الحدود. حكومة لبنان وحزب الله أدانا هذه الخطوة، وأعلنا مخالفتها اتفاق وقف إطلاق النار. ولكن يبدو أن الولايات المتحدة توفر لها الدعم في هذه الأثناء، وتطلب من الجيش اللبناني تشديد إنفاذ القانون ضد خروقات حزب الله جنوبي نهر الليطاني، قبل أن تطلب من إسرائيل الانسحاب.
إن الوجود الإسرائيلي على أراضي لبنان لا يشكل خرقاً للاتفاق. هو سيوفر لحزب الله الذريعة للاحتكاك العسكري مستقبلاً في الجنوب، بذريعة اختراق سيادة لبنان. ولكن الحكومة والجيش يقدران أنه حزب الله ينشغل الآن بإصلاح الأضرار التي وقعت أثناء الحرب، لذلك، هو غير متحمس لإشعال الحدود من جديد.
قيادة حزب الله، بدعم من إيران، تراجعت في تشرين الثاني الماضي عن الوعد بمواصلة القتال في لبنان ما لم يتم التوصل إلى تسوية في غزة. عملياً، دخل وقف إطلاق النار في لبنان إلى حيز التنفيذ قبل وقف إطلاق النار في غزة بشهرين تقريباً. ولكن سيكون صعباً الحفاظ على الوضع الراهن لفترة طويلة، ولإسرائيل مصلحة في استقرار النظام الجديد في لبنان الذي يظهر علامات الاستقلالية بالنسبة لإيران ويحاول الوفاء بتعهداته للغرب.
نجاح الجيش الإسرائيلي في الحرب والهدوء النسبي على الحدود منذ وقف إطلاق النار وسياسة التنفيذ الصارم للاتفاق التي تتبعها إسرائيل منذ ذلك الحين، كل ذلك قد يساعد الدولة في إقناع سكان المستوطنات على الحدود بالعودة إلى بيوتهم بأمان. ولكن سكان الجليل الأعلى والجليل الغربي ينظرون بتشكك إلى الاتفاق المتبلور، الذي بسببه تم إخلاء أكثر من 60 ألف مواطن من بيوتهم لأكثر من سنة. وتعرض قيادة المنطقة الشمالية على رؤساء المجالس المحلية ومسؤولي الأمن خطط الدفاع الجديدة التي تبلورت، والبنى التحتية في المواقع والوسائل التي تم نشرها، وحجم القوات التي ستوضع قرب الحدود. من الآن فصاعداً، سيكون حجم القوات أكبر بثلاثة أضعاف عن الذي تم نشره على الحدود قبل 7 أكتوبر – الحجم الذي تبين بأثر رجعي أنه أصغر بكثير من المطلوب (السبب الرئيسي في أنه لم تحدث مذبحة مشابهة في الشمال هو تردد حزب الله في انضمامه لحماس).
عاموس هرئيل
هآرتس 19/2/2025