اهم اسرار اكتوبر في الجانب الاسرائيلي هو اعتماد اسرائيل “سياسة التبرير” من اجل تغيير وجه الشرق الاوسط بقلم مروان سلطان-فلسطين 🇵🇸
بقلم مروان سلطان-فلسطين 🇵🇸

اهم اسرار اكتوبر في الجانب الاسرائيلي هو اعتماد اسرائيل “سياسة التبرير” من اجل تغيير وجه الشرق الاوسط
بقلم مروان سلطان-فلسطين 🇵🇸
6.3.2025
————————————
لعل من اهم معالم السابع من اكتوبر الغموض الذي يكتنف اسباب ردة الفعل الاسرائيلية لهذه العملية التي توحي ، معرفة القيادة الاسرائيلية بالعملية مسبقا قبل بدء العملية ، ويبدو وفق ما اوحت اليه العملية انها اعدت السيناريو لتلك العملية ولم تطلق طلقة واحدة اثناء العملية، حتى ان اسرائيل اضافة الى الأجهزة الالكترونية المتقدمة التي لا تسمح للطيور ان تمر من فوقها دون ان تكشفها ، وبالرغم من النداءات التي وجهها المراقبين على الغلاف وهم يشاهدون من على شاشات المونيتور قوات النخبة من عناصر القسام تمر بطائراتهم الشراعية الى مناطق الغلاف الى القيادة الاسرائيلية دون مجيب ، وتمرير ذلك السيناريو تحت بصرهم وعينهم .
لقد قامت اسرائيل بتضخيم حجم هذه العملية بشكل منقطع النظير باعتبارها انها عملية تهديد وجود وان اسرائيل تتعرض الى حرب ابادة ، وان الذي حصل هو الهولوكوست الثانية التي يتعرض لها اليهود على ايدي حركة حماس ، في حين ان العملية لم تزد عن كونها الدخول الى مواقع متاخمة لغزة ، واصطحاب بعض الرهائن لاستبدالها بالاسرى الفلسطينين، الذين عددهم بالالاف منذ سنوات طويلة في الاسر. لقد عمدت اسرائيل على شيطنة الفلسطينيين من خلال الدعاية التي اطلقتها وما زالت حتى اللحظة ، وصورت ان العملية التي تمت هي توازي في حجمها السيناريو الذي حدث في نيويورك في 11.9 ، من اجل استعطاف العالم الذي على ضوء هذاه الواقعة وتضخيم حجم العملية اعلاميا جعل زعماء العالم يهرعون للوصول الى تل ابيب وعلى رأسهم الرئيس بايدن واخرين مع العتاد العسكري المطور والحديث تحت خدمة الكيان الاسرائيلي ومنحت اسرائيل التصريح للانفلات والقتل والتدمير و بعمل ما تريد في قطاع غزة دون حساب او عقاب، او حتى رادع اخلاقي. وبسبب هذا التهويل من قيادة اسرائيل، فقد تسبب ذلك بحالة من الفزع لدى الاسرائيليون جميعا ، واصطفوا خلف قيادتهم للاخذ بالثار وحرب على الابادة على غزة باعتبار ان نتنياهو هو القادر على حمايتهم من الهولوكست الجديد وفق ما اطلق عليه نتنياهو وحكومته.
اسرائيل تملك من الماكنة الاعلامية محليا ودوليا ما جعلها تسوق دعايتها المحمومة ضد غزة، وساهمت العديد من الفضائيات العربية اما بغباء منقطع النظير، او انها تساوقت مع اعلام العدو في ابراز قوة حماس انها قوة لا يشق لها غبار ، وللاسف ما زال مجتمعنا يصدق روايات وهمية، ولدرجة اننا بتنا نسمع ان القوات الاسرائيلية لن تتقدم 1 سم في قطاع غزة حال بدئت اسرائيل هجومها البري، واحضرت تلك الفضائيات جنرالات متقاعدين من الجيوش العربية لم يشارك بعضهم في اي معركة عسكرية ، وبتنا نسمع حلو الكلام الذي دغدغ عواطفنا ولم نستفق الا وغزة تساوت الابنية مع رملها ، ودمرت على رؤوس اهلها والجيش الاسرائيلي يحتل غزة وبدء في انشاء قواعد عسكرية وطرق جديدة لخدمة الجيش الاسرائيلي.
من المهم ان نعرف ان القيادة الاسرائيلية تحجب عن الجمهور الاسرائيلي معلومات قد تفضي معرفتها الى انفجار داخلي في الشان الاسرائيلي، وقد يفسر هذا رفض نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل قيام لجان تحقيق قد تفضي نتائج التحقيق الى معلومات قد تشكل منحنى جديد في صعود تيارات سياسية جديدة واختفاء تيارات قائمة تتصدر المشهد السياسي في اسرائيل.
ما زلنا نلمس نتائج العملية ، ولا زال المشهد الذي يخضع لتلك المؤثرات قائما ويشكل احد التحديات الجديدة للاقليم في الشرق الاوسط. قطاع غزة اليوم يخضع للسيطرة الاسرائيلية والامنية، تغيرات في الوضع الديموغرافي في قطاع غزة والضفة الغربية، تحولات قد تنجح وقد تخبو في التغير الديموغرافي من خلال التهجير ، متغيرات في جنوب لبنان وسوريا ، كل ذلك شكل قلقا كبيرا لدول المنطقة التي لم تهدء منذ اندلاع الحرب الى الان ، وحتى تضع الحرب اوزارها ، لانه يشكل تهديدا لامنها القومي.
اسرائيل بقيادتها اليمينية، مررت عملية السابع من أكتوبر لتبرر كل الذي قامت به من تدمير في قطاع غزة، واجراءات امنية في الضفة الغربية والانقضاض على المخيمات ، وانهاء خدمات الانروا والجنوب اللبناني والجنوب السوري، ويبدو لا يوجد حدود للهجوم الاسرائيلي اين سيقف؟. استراتيجية سياسة التبرير لتنفيذ اهداف استراتيجية في تغير معالم الشرق الاوسط هي التي صنعت هذا المبرر وتمرير مخطط حركة حماس.
كل الذي نسمعه من القيادات الاسرائيلية لتنفيذه على ارض الواقع هي جزء من مخططات اسرائيلية ، لتغيير معالم قديمة بواقع جديد. وهذا هو الذي يحدث الان على ارض الواقع. لقد انهت اسرائيل من خلال هذه العملية على اهم المحاور ” بما يعرف المحور الايراني او ما سمي بمحور المقاومة” التي كانت باستمرار مصدر ازعاج لها على مدار السنوات السابقة. وكان يشكل تهديدا نوعيا في المنطقة للامن والحدود للكيان الصهيوني. وبعد السابع من اكتوبر وجه الكيان الصهيوني ضربات قاسمة لهذا المحور في العمق الاستراتيجي لوجوده وكيانه. فاستهدفت الامين العام لحزب الله، حسن نصر الله، واستشهد نائبه ، وكذلك الرئيس الايراني، والعاروري ، واسماعيل هنية ، وقادة اخرين اضافة الى عملية ما تسمى بتفجير البيجر. لقد شهدنا تغيرات واسعة في الساحة اللبنانية، وفي الساحة السورية، ويجري العمل على الساحة الفلسطينية لترويض هذا المسار وانهاء مسار التهديد الذي شكله سابقا الى الكيان الاسرائيلي.
ان احداث السابع اكتوبر بحجمها وشكلها لا تشكل تحت اي ذريعة لاسرائيل القيام بما قامت به حتى ما يسمى حق الدفاع عن النفس ، لانه بكل بساطة لم يشكل ذاك الهجوم البدائي في عدته وعتاده اي تهديد حقيقي لامن اسرائيل ووجودها. حتى الصواريخ الت اطلقت من غزة لم تقتل او تدمر وتاثيرها ضعيف جدا، ولكنها ادوات كانت تقلق الكيان الصهيوني.
الذي حدث ان اسرائيل ارادت وخططت مسبقا ان تنفذ سياسات مرسومة لدى صناع القرار وفق الاجندة الاسرائيلية ، وهو “سياسة التبرير” لعمل ما قامت به وتقوم به الان . وهذه احدى السياسات في “علم الامن ” للقيام بكل ما قامت به في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس ولبنان وسوريا. لذا سيقى ذلك الحدث جزء من الحقائق مخفيا عن الجمهور الاسرائيلي والعالمي ويمكن ان تكشف السنوات القادمة جزء من الارشيف اذا سمحت بذلك أجهزة الرقابة الاسرائيلية، وبعد مضي سنوات طويلة عن اسرار المخططات الاسرائيلية. هنا اود ان انوه ان الساسة الاسرائيلين لكل ما ذكر من اعتبارات وهو التخطيط لتغير الشرق الاوسط والواقع الفلسطيني تحديدا وازالة التوترات الاقليمية التي كانت مصدر تهديد لاسرائيل لم يابهوا الى الرهائن الاسرائليين للافراج عنهم ولم يرف جفن لهم لاعداد القتلى من الاطفال والنساء والشيوخ وحرب التجويع التي نفذتها اسرائيل. اهتمام القادة الاسرائيليين في تنفيذ الاجندات الاخرى التي حصلوا فيها على مبررات عملياتهم في تغيير الشرق الاوسط.