تحقيقات وتقارير

صفقة ترامب – زيلينسكي.. هذا ما نعرفه عن الاتفاق الذي سيقود لوقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا

صفقة ترامب – زيلينسكي.. هذا ما نعرفه عن الاتفاق الذي سيقود لوقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا

بعدما دخلت أوكرانيا وأمريكا في خلاف شديد منذ المشادة الكلامية أمام عدسات الكاميرات في البيت الأبيض بين زعيميهما، فولوديمير زيلينسكي ودونالد ترامب في 28 فبراير 2025، واتهام الرئيس الأمريكي ضيفه بعدم الرغبة في السلام وطرده للوفد الأوكراني، تبعه وقف أمريكي لتسليم الأسلحة لكييف وقطع العديد من المعلومات الاستخباراتية الحيوية في ساحة المعركة، وافقت أوكرانيا تحت الضغوط في 12 مارس/آذار، على اقتراح أمريكي بوقف إطلاق نار لمدة 30 يوماً مع روسيا.

وقال الرئيس الأوكراني زيلينسكي إن “إنهاء الحرب أمرٌ مهم له”، وأنه “معني بأن يرى ترامب ذلك”، ولهذا وافق على المقترح الأمريكي بشأن هدنة الـ30 يوماً، على حد تعبيره. و”كمكافأة” على تجاوبها، قالت واشنطن إنها مستعدة لاستئناف المساعدات العسكرية والجهد الاستخباري مع كييف.

وسيكون الالتزام بوقف القتال – إذا استجابت روسيا – كافياً للأوكرانيين لفتح الطريق أمام تدفق الأسلحة والمعلومات الاستخباراتية الأمريكية الهامة. وقد يقلب هذا العرض الطاولة على الكرملين أيضاً، حيث قال ماركو روبيو، وزير الخارجية الأمريكي: “سننقل هذا العرض الآن إلى الروس، ونأمل أن يوافقوا عليه؛ أن يوافقوا على السلام”. وأضاف: “الكرة الآن في ملعبهم”. فماذا سيحدث الآن؟

اجتماع جدة.. هل تجاوز ترامب نقمته على زيلينسكي؟

  • تقول مجلة “الإيكونومست” إن زيلينسكي بذل جهوداً حثيثة لرأب الصدع مع ترامب. ففي 4 مارس/آذار، كتب رسالةً مُطمئنةً إلى ترامب، واصفًا الخلاف بأنه “مؤسف”، وتعهد بالسعي إلى السلام، واقترح وقفًا جزئيًا لإطلاق النار من شأنه أن يوقف الهجمات المتبادلة جوًا وبحرًا. وعمل القادة البريطانيون والفرنسيون بجدٍّ خلف الكواليس لتهدئة الأزمة بحسب المجلة البريطانية.
  • كان مكان اجتماع المصالحة على أرض محايدة في جدة السعودية، حيث حاول الوسطاء السعوديون تسهيل المناقشات بين الأوكرانيين والأمريكيين. فبعد حملة الازدراء التي قادها نائب الرئيس الأمريكي دي فانس ضد أوكرانيا، فقد تُركت مهمة لإصلاح العلاقات وانقاذ اتفاق المعادن لروبيو ومايك والتز، مستشار الأمن القومي، وكلاهما من المحافظين المتشددين على الطراز القديم.
  • استمرت محادثات جدة عدة ساعات. ووفقاً للمشاركين، افتتح الأوكرانيون الجلسة بفكرة زيلينسكي لوقف إطلاق نار جزئي. ردّ الأمريكيون بفكرة وقف إطلاق نار كامل، يقتصر على 30 يوماً مبدئياً، قابل للتجديد بموافقة الطرفين. وبعد مشاورات مع زيلينسكي، وافق الأوكرانيون. ثم انتقل النقاش إلى استئناف المساعدات العسكرية وتبادل المعلومات الاستخباراتية. وفي غضون ساعات، أكد جنرال أمريكي استئناف الدعم، وفقًا لأحد المشاركين، الكولونيل بافلو باليسا، نائب رئيس المكتب الرئاسي الأوكراني.
المحادثات الأمريكية الأوكرانية في جدة السعودية، رويترز

ما تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار وماذا عن صفقة المعادن؟

  • بحسب صحيفة “الغارديان” لم يُكشف إلا عن تفاصيل قليلة حول ما تم الاتفاق عليه. وذكر البيان المشترك أن الجانبين ناقشا “أهمية جهود الإغاثة الإنسانية كجزء من عملية السلام، لا سيما خلال وقف إطلاق النار المذكور، بما في ذلك تبادل أسرى الحرب، والإفراج عن المعتقلين المدنيين، وإعادة الأطفال الأوكرانيين المُرحَّلين قسرًا”.
  • وأعلن الجانبان أيضاً أنهما “سيُبرمان في أقرب وقت ممكن اتفاقية شاملة حول المعادن الحيوية في أوكرانيا، بهدف تعزيز اقتصادها وضمان ازدهارها وأمنها على المدى الطويل”. وكان من المفترض توقيع مُخطط لهذه الاتفاقية في اجتماع البيت الأبيض المثير للجدل. لكن الآن سيعسى الجانبان إلى إبرام الاتفاقية كاملةً، مُكوّنةً من مئات الصفحات بحسب الإيكونومست. ولا تزال التفاصيل غامضة، لكن ترامب قدّمها كردٍّ على الدعم الأمريكي السابق لأوكرانيا، وكضمانٍ بأن أمريكا ستدافع عن مصالحها الاقتصادية في البلاد.
  • وكان زيلينسكي قد قاوم أي وقف لإطلاق النار دون ضمانات أمنية أمريكية صريحة، خوفاً من أن تستغل روسيا وقف الأعمال العدائية لإعادة التسلح وشن هجمات جديدة في المستقبل واحتلال المزيد من الأراضي. وصرح والتز بأنه تمت مناقشة الضمانات، لكنه لم يقدم أي تفاصيل أخرى.
  • من جانبهم، أشاد الأوروبيون باتفاق جدة. واستضاف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قادة عسكريين من أكثر من 30 دولة للمساعدة في “تحديد ضمانات أمنية موثوقة” لأوكرانيا. الخيار الأكثر ترجيحاً هو قوة “طمأنة” أوروبية مقترحة، ربما يتراوح قوامها بين 20 و30 ألف جندي بحسب صحيفة “التايمز“، تُنشر في أوكرانيا في حال التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم. وحتى في حال عدم نشر أي قوات أمريكية، فقد دفعت بريطانيا باتجاه “دعم أمريكي”، أي ضمانات بأن الولايات المتحدة ستساعد في الدفاع عن الأوروبيين في حال تعرضهم لهجوم روسي.

الرابحون والخاسرون

  • يجادل الباحث إريك سيراميلا، من مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، بأن اتفاق جدة حقق أفضل مما توقعته أوكرانيا: “وقف إطلاق نار شامل يُفيد الأوكرانيين. سيمنحهم وقتًا للراحة، وقد يُضعف موقف روسيا”. علاوة على ذلك، يُشير إلى أن أوكرانيا لم تُضطر إلى تقديم تنازلات، حتى وإن بدا أن ترامب قد تنازل في الأسابيع الأخيرة عن نقاط مهمة لروسيا قبل أوانها: على سبيل المثال، التصريح بأن أوكرانيا لن تستعيد جميع أراضيها المفقودة، واستبعاد آمالها في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).
  • ستتجه الأنظار الآن نحو الزعيم الروسي فلاديمير بوتين، الذي وضع شروطًا شاملة لإنهاء حربه المستمرة منذ ثلاث سنوات. وتشمل هذه الشروط أكثر من مجرد وقف إطلاق النار وفق الوضع الراهن. فهو يريد ضم أربع مقاطعات أوكرانية، وحياد أوكرانيا، وتقليص قواتها المسلحة، ومعالجة “الأسباب الجذرية” للصراع، مما يعني ضمنًا انسحاب قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) من معظم أنحاء أوروبا الشرقية. وقد رفضت روسيا نشر قوة أوروبية في أوكرانيا.
  • مع تقدم قواته على الأرض الآن، وسعيه لانتزاع جزء من الأراضي الروسية من أوكرانيا في مقاطعة كورسك، قد لا يكون بوتين مستعداً لوقف إطلاق النار. ومع ذلك، إذا رفض الاقتراح الأمريكي، فإنه يُخاطر بدفع ترامب المتعاطف معه إلى دعم أكبر لأوكرانيا. هذا، على الأقل، ما تأمله أوكرانيا وأصدقاؤها. وقال روبيو بعد محادثات جدة: “إذا رفضوا، فسنعرف للأسف ما هو العائق أمام السلام هنا”.
ترامب بوتين في لقاء مشترك 2018 – رويترز
  • وفي اليوم التالي، هدد الرئيس الأمريكي ترامب بتدمير الاقتصاد الروسي إذا لم يوقع الكرملين على اتفاق لوقف إطلاق النار مع أوكرانيا، في وقت تتزايد فيه الآمال في أوروبا بأن يتم التوصل إلى وقف للقتال يوم الخميس على أقرب تقدير. وبينما طالبت بريطانيا ودول أوروبية أخرى في باريس بوتن بإثبات استعداده لوقف إطلاق النار، قال الرئيس الأميركي إن “أميركا قادرة على إلحاق الألم المالي بروسيا إذا لزم الأمر”. وأضاف: “أستطيع أن أفعل أشياءً ماليةً ستكون سيئةً جدًا لروسيا. لا أريد فعل ذلك لأنني أريد تحقيق السلام”.
  • وقال ترامب إن مسؤولين أميركيين يتوجهون إلى روسيا لمناقشة وقف محتمل لإطلاق النار لمدة 30 يوما مع أوكرانيا بعد أن وافقت كييف على الخطة الثلاثاء، وقال ترامب للصحفيين في المكتب البيضاوي أثناء لقائه مع رئيس الوزراء الأيرلندي مايكل مارتن، إن الأمر متروك الآن لروسيا بعد أن وافقت أوكرانيا على وقف إطلاق النار. فيما أكد البيت الأبيض أن المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف سيتوجه إلى موسكو هذا الأسبوع بعدما تحدث مايك والتز مستشار الأمن القومي الأميركي مع نظيره الروسي الأربعاء 12 مارس/آذار.
  • لكن مع ذلك، ستظل الصفقة عُرضةً لتقلبات مزاج ترامب. فرغم التهديدات المتقطعة بفرض عقوبات اقتصادية على الكرملين، مارس الرئيس الأمريكي في معظم الأحيان، ضغوطًا شديدة على أوكرانيا، بينما خفف من وطأة الضغوط على روسيا. وترفض أمريكا هذه الأيام وصف روسيا بالمعتدية، وصوّتت معها في الأمم المتحدة، ويُقال إنها أوقفت الهجمات الإلكترونية ضدها. ولا يوجد ما يمنع ترامب من إلقاء اللوم مجدداً على أوكرانيا باعتبارها الطرف المتمرد عند ظهور المشكلة التالية، بحسب الإيكونوميست.
  • وما قد يدلل على ذلك، هو أن ترامب كرر خطاب الكرملين بأن “زيلينسكي ديكتاتور لأنه لم يجرِ انتخابات منذ بدء الحرب”. كما استبعد ترامب عضوية الناتو لأوكرانيا، وأبدى القليل من الرغبة في “دعم” قوة حفظ السلام بعد التوصل إلى اتفاق، واستبعد تمركز القوات الأمريكية في البلاد. يتحدث ترامب عن عقد صفقات تجارية مع روسيا كما لو كان رفع العقوبات قاب قوسين أو أدنى.

الجميع بانتظار رد بوتين الذي نزل إلى الميدان وأمر جيشه بالتوسع على الأرض

  • في هذه الأثناء، زار بوتن منطقة كورسك غربي روسيا لأول مرة منذ استيلاء القوات الأوكرانية على بعض الأراضي في المنطقة، حسبما ذكرت وكالات أنباء روسية.
  • كما زار مركز التحكم الذي تستخدمه القوات الروسية واستمع إلى تقرير من فاليري جيراسيموف، رئيس هيئة الأركان العامة الروسية، الذي أخبره بأن القوات الأوكرانية في منطقة كورسك محاصرة.
  • وأمر بوتن جيشه بـ”تحرير” المنطقة بشكل كامل، بعد أيام من صد القوات الأوكرانية التي سيطرت على أراض هناك منذ أغسطس/آب. وقال: “إنني أعتمد على أن جميع المهام القتالية التي تواجه وحداتنا سيتم تنفيذها وسيتم تحرير أراضي منطقة كورسك قريباً بشكل كامل من العدو”.
  • في الواقع، وعلى الرغم من خسارته ما يقدر بنحو 150 ألف إلى 210 ألف قتيل روسي ، فقد نجح بوتين في الاستيلاء على ما يقرب من 11% من أراضي أوكرانيا، ومعظمها الآن مدمر بسبب الحرب الطاحنة، بالإضافة إلى الجزء الذي يقارب 7% الذي استولى عليه في عام 2014 من خلال احتلال جزيرة القرم.
عربي بوست

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب