أعمال لـ«مصوِّرة المقاومة» الفرنسية جوس دراي في المتحف الفلسطيني

أعمال لـ«مصوِّرة المقاومة» الفرنسية جوس دراي في المتحف الفلسطيني
زهرة مرعي
بيروت – في سردية مصورة للشعب الفلسطيني المقاوم للاستعمار الصهيوني افتتح المتحف الفلسطيني معرضاً أطلق عليه عنوان «بأم عيني». معرض شكل دعوة للغوص في عمق الزمن الفلسطيني الحيّ عبر عدسة المصورة الفرنسية جوس دراي، والتي تُعرّف عن نفسها بأنها «مصورة مقاومة». صوّرت دراي والتزمت بنقل وحفظ النضال الفلسطيني، في زمن كان الوقوف فيه إلى جانب فلسطين بمثابة انتحار مهني.
في صورها التي يحتضنها المتحف الفلسطيني وثّقت جوس دراي فظائع الاحتلال، وتتبعت أعمال المقاومة الفلسطينية التي لم تهدأ في الأرض المحتلة. كما وصورت في مخيمات اللجوء في لبنان. وسجّلت بعدستها لحظات الصدق والجرأة. نقرأ في صورها شهادات بصرية لمعاناة شعب لم يتوقّف عن الصمود تحت الاحتلال. احتلال تتبعهم بعنفه ووحشيته إلى لبنان حيث رعى وحمى منفّذي مجزرة صبرا وشاتيلا، والتي كانت المصورة جوس دراي شاهدة عليها، وموثقة لها بعدستها. وحضرت عدستها كذلك في توثيق مقاومة كامل الشعب الفلسطيني بشبابه وشيبه، نسائه ورجاله وأطفاله تحت الاحتلال خلال الانتفاضة الأولى المجيدة. ثمّ فترة أوسلو، والانتفاضة الفلسطينية الثانية.
في كلمة مكتوبة للمتحف الفلسطيني نقرأ: «لم يكن خيار التقاط ما يجري بالصوت والصورة متاحاً دائماً في حالتنا الفلسطينية، ما جعل حكايتنا عرضة للتشويه والإسكات والإنكار. ينطبق هذا على تهجيرنا الأول، عندما انشغل الناس بالنجاة عن الكتابة، وبسلامة الأبناء والأرواح عن التوثيق، وحينها سُرقت حياتنا، وممتلكاتنا، والأدلة على وجودنا في الصور والوثائق، أمام أعيننا.»
وفي مقارنة بين الأمس واليوم جاء في كلمة المتحف الفلسطيني: «في خضم حرب الإبادة على غزّة، قيل إن ما يجري على الأرض فاض على العالم بملايين المقاطع الصوتية والصور والفيديوهات التي تبدو وكأنها مشاهد من أفلام الرعب. ولكننا، كفلسطينيين، نرى الأمر من منظور آخر: ما يجري اليوم جرى بالأمس، وما نشاهده اليوم من عدسة الكاميرا، ما هو إلّا تكرار لماضٍ ظلّ مبهماً، إلّا من بعض الروايات كانت بالنسبة إلينا ضرباً من ضروب الخيال. وإذا كنّا قد سمعنا حكايات النكبة والنكسة، وما بينهما من لحظات مصيرية وتاريخية، من جداتنا وأمهاتنا، فإننا نرى تلك القصص اليوم مع كل صورة، وكل صرخة، وكل جسد مُسجّى، وكل حجر سقط فوق رأس ساكنيه، وكل هجرة إلى الجنوب، وكل نزوج في الخيام، وكأنها تصوّر لنا قصة لم نشاهدها، ولكننا حفظناها عن ظهر قلب.»
في محاولة لتحديد أبعاد معرض «بأم عيني» وجد المتحف الفلسطيني بأنه «محاولة فهم اللحظة الراهنة، والحدود اليومية بين العادي والملحمي، وما بينهما من طقوس للحياة والموت والانتظار. ويضعنا أمام مشاهد قديمة جديدة، بلا تسلسل زمني أو خط روائي ناظم، لنقرأها كيفما نشاء، ومن أين نشاء، ولنفتح باب السؤال حول أي المنعطفات القادمة سيحملنا إلى الحرية. معرض أبعد بكثر من كونه مجموعة من الصور الفوتوغرافية، إنه أرشيف حي لعلاقة متداخلة ما بين الماضي والحاضر، نعيد معه فهم الماضي وتصور المستقبل، اللذان يدوران في دائرة «لا تبدأ إلّا لتنتهي، ولا تنتهي إلّا لتستمرّ» كما يقول غسّان كنفاني.»
وفي حوار مع المصورة الفرنسية جوس دراي يبثها موقع المتحف الفلسطيني تشرح رداً على سؤال لماذا هي «مصوِّرة المقاومة»؟ تقول: «مقاومة فعلاً في كل ما أقوم به خارج فلسطين، مع مقاومة الشعوب والناس المنبوذين اللذين يناضلون من أجل استرداد كرامتهم.» ماذا تفعله الصورة في مواجهة العنف الصهيوني؟ سؤال أجابت عنه جوس دراي: لن تغير الصورة شيئاً الآن. صوّرت وأعدت تصوير التدمير وإعادة البناء والتدمير والمقاومة، لكنهم لا يريدون رؤيتها. ولأن الفلسطينيين قرروا البقاء والمقاومة يتمّ قتلهم وارتكاب المجازر بحقهم. بالتأكيد صوري ستساهم في التاريخ يوماً ما كما آمل.. وهي تساهم اليوم وقد طُلبت مني صور إلى نيويورك ولندن.. الصور تواجه سردية اسرائيل التي تنكر وجود شعب فلسطيني».
يُذكر أن المعرض مستمر إلى مايو / آيار المقبل.