“العليا” الإسرائيلية تسمح بارتكاب جرائم خطيرة ضد الفلسطينيين.. من دون إزعاج

“العليا” الإسرائيلية تسمح بارتكاب جرائم خطيرة ضد الفلسطينيين.. من دون إزعاج
توم مهجار
إزاء صمت المحكمة العليا بخصوص خروقات خطيرة لحقوق الإنسان في قطاع غزة، يمكن التساؤل عن أي جهاز قضاء صارم يجب علينا الدفاع عنه من “الانقلاب النظامي”. ما الذي يخاف منه ياريف لفين وأصدقاؤه في الوقت الذي تسمح فيه المحكمة العليا للدولة بارتكاب جرائم خطيرة بدون أي انتقاد قانوني؟
قبل أسبوعين، أعلنت إسرائيل عن منع إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. بعد أسبوع، أعلنت عن وقف تزويد الكهرباء للقطاع. منظمات حقوق الإنسان قدمت قبل سنة التماساً للمحكمة العليا حول واجب إسرائيل بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، سارعت إلى تقديم طلبات إصدار أوامر لوقف هذه الخطوات، على الأقل بشكل مؤقت، إلى أن تتضح قانونيتها. المحكمة العليا من ناحيتها، ردت بعدم اهتمام: على الدولة ألا ترد على الطلبات إلا بعد مرور عشرة أيام، وحتى بدون تحديد عقد جلسة حول هذا الشأن. هكذا، تنطلق سياسة التجويع التي تتبعها إسرائيل بدون ازعاج. ادعت الدولة في إطار هذا الالتماس أنها تجري “تعاوناً وثيقاً مع المنظمات الإنسانية”. يدور الحديث عن تضليل في أفضل الحالات، وكذب فظ في أسوئها. منذ بداية الحرب، أوقفت الدولة بشكل أحادي الجانب إصدار تأشيرات دخول وعمل للعاملين في منظمات الإغاثة الدولية.
في الوقت الذي قدمت فيه هذه المنظمات التماساً لحمل الدولة على السماح لها بالعمل، قررت الحكومة نقل الصلاحية بإعطاء التوصية لإصدار التصاريح إلى وزارة الشتات
في الوقت الذي قدمت فيه هذه المنظمات التماساً لحمل الدولة على السماح لها بالعمل، قررت الحكومة نقل الصلاحية بإعطاء التوصية لإصدار التصاريح إلى وزارة الشتات، التي تركز نشاطاتها على منع ما يسمى هناك “منظمات نزع الشرعية” و”من يؤيدون المقاطعة” وما شابه. وتحولت هذه المنظمات إلى مشبوهة، تتحدث في موازاة عملها الإنساني، ليحفظنا الله، عن تنفيذ القانون الإنساني الدولي. وفي هذه الحالة، سنحت للمحكمة العليا فرصة للتحفظ أو على الأقل فحص بشكل معمق، سياسة تعسفية تتبعها حكومة إسرائيل، لكن تم محو الالتماس في الوقت الحالي.
في موازاة ذلك، تمنع إسرائيل وسائل الإعلام من التغطية في القطاع بشكل مستمر. بعد 7 أكتوبر، لم يسمح للمراسلين بدخول القطاع بشكل مطلق. بعد شهر، سمح للمراسلين بالدخول بمرافقة الجيش مع تقييد حرية نشاطاتهم. قدم اتحاد المراسلين الأجانب في إسرائيل التماساً للمرة الأولى للمحكمة العليا في نهاية العام 2023 حتى تأمر الدولة بسماح دخول المراسلين إلى القطاع بدون مرافقة المتحدث العسكري، لكنه التماس رفض “لاعتبارات أمنية” بالطبع. وتم تقديم التماس آخر قبل ستة أشهر، لكنه ووجه بالمماطلة التي تميز الدولة، وحددت المحكمة العليا جلسة أولى لهذا الالتماس في الشهر القادم.
من الغريب أنه تجب الإشارة إلى أن دور جهاز القضاء في دولة ديمقراطية هو الدفاع عن حقوق الإنسان الأساسية، بواسطة الحرص على القانون الدولي الإنساني، ومنع أي إحباط لتغطية إعلامية حرة ومستقلة. في إسرائيل، في المقابل، جهاز القضاء يسمح بسحق هذه القيم الأساسية بصورة فظة، وعندما يكون هناك احتجاج في سياق الديمقراطية والقانون يتجاهل جميع المحتجين خروقات خطيرة جداً للقانون.
رداً على الرأي الذي قدمته محكمة العدل الدولية في لاهاي حول عدم قانونية الاحتلال الإسرائيلي، قال رئيس الحكومة نتنياهو إنه لا يوجد احتلال. وهكذا أعفت إسرائيل نفسها من المسؤولية الأخلاقية عن الوضع في المناطق المحتلة. ولكن لا شيء اسمه نصف ديمقراطية لليهود فقط. منذ الوقت الذي تستخدم فيه المنظومة معايير قمعية وتعسفية ضد إحدى الجماعات، سينزلق هذا السلوك إلى منظومات أخرى. لذلك، إذا كان هناك نضال جوهري حول مستقبل جهاز القضاء في إسرائيل، أخلاقيته واستقلاليته، فيجب أن يتضمن مراجعة قضائية ناجعة لنشاطات إسرائيل في المناطق المحتلة.
هآرتس 16/3/2025