إسرائيل تخوض “حرب سلامة نتنياهو”: أريدها خالدة وفي كل الساحات.. “والمختطفون” وقودي

إسرائيل تخوض “حرب سلامة نتنياهو”: أريدها خالدة وفي كل الساحات.. “والمختطفون” وقودي
إسرائيل خرقت ليلة أمس بشكل متعمد اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس بمصادقة أمريكية، لأنها لم ترغب في الوفاء بكل الشروط التي تعهدت بها قبل شهرين. لا طريقة أخرى لتفسير قرار استئناف الحرب في قطاع غزة. حماس منظمة إرهابية قاتلة، والحرب بدأت بمبادرتها في 7 أكتوبر. ولكن تنكيل حماس النفسي بالمخطوفين وعائلاتهم أثناء دفعات التحرير الأخيرة لا يمكن وصلها كخرق جوهري للاتفاق من ناحيتها. بل حكومة إسرائيل هي التي لم تلتزم بالاتفاق عندما لم تكمل انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة في الأسابيع الأخيرة، بالأساس من محور فيلادلفيا كما تعهدت. رفضت حماس غض النظر والتقدم في تحرير المخطوفين طبقاً لمبادرة الوساطة الجديدة التي طرحها الأمريكيون – فعلقت المفاوضات.
رداً على ذلك، عادت إسرائيل للقتال. قتل في سلسلة هجمات في القطاع -حسب بيانات حماس- أكثر من 320 فلسطينياً، بينهم شخصيات كبيرة في حماس، يعملون في مكاتبها الحكومية في غزة. بعد ذلك، هذا الهجوم قد يشمل المزيد من هجمات جوية كثيفة، لكن أيضاً تطبيق خطة رئيس الأركان الجديد إيال زمير، بالدخول إلى عملية برية واسعة في القطاع على أمل هزيمة حماس في هذه المرة بشكل نهائي. في نقاشات الإعداد للخطة، قال رئيس الأركان إنه من أجل تنفيذ الخطة نحتاج عدة فرق، وسيكون هذا مقروناً أيضاً بتجنيد واسع للاحتياط، الذي للمرة الأولى سيتم في ظروف ليس فيها إجماع حقيقي من قبل الجمهور بشأن عدالة استئناف الحرب. ولكن الكثير مرتبط أيضاً بموقف الإدارة الأمريكية – هل سيؤيد الرئيس الأمريكي ترامب عملية برية أم سيحاول استئناف المفاوضات، من خلال استغلال هجمات إسرائيل للضغط على حماس.
سيقول رئيس الحكومة نتنياهو بالتأكيد إن استئناف الضغط العسكري هو وحده ما سيمكن من إعادة الـ 59 مخطوفاً، الأحياء والأموات، من القطاع. ولكنه مبرر بات مبتذلاً منذ فترة طويلة. عملياً، مات حوالي 40 مخطوفاً في القطاع في ظروف مختلفة بعد أن تم اختطافهم أحياء من أراضي إسرائيل في 7 أكتوبر. استئناف الضغط العسكري يعرض حياة المخطوفين الأحياء للخطر، وقد يؤدي إلى تفاقم آخر في ظروف الأسر غير المحتملة، وفي سيناريو متطرف يمكن حث حماس أيضاً على المس ببعضهم انتقاماً.
أحد الأمور التي طرحت بوضوح في شهادات المخطوفين الذين عادوا في الصفقة في الأشهر الأخيرة، هو أن حماس تعودت على تغيير أماكن احتجازهم بين حين وآخر. لم يكن لدى جهاز الأمن أي معلومات دقيقة في الوقت الحقيقي عن مكان وجود عدد كبير منهم. المعنى، أنه لا يمكن إدارة الهجمات من الجو والعملية البرية مع ضمان عدم إلحاق ضرر بالمخطوفين.
قبل يوم من موجة هجمات إسرائيل في القطاع، بدأ هجوم أمريكي – بريطاني جديد وكثيف ضد الحوثيين في اليمن. هدد الرئيس الأمريكي ترامب بإنزال ضربة غير مسبوقة عليهم. ولكن الأهم هو التهديد الصريح الذي وجه لإيران. قال ترامب في أحد البيانات إنه سيعتبر أي إطلاق من قبل الحوثيين ضد الأمريكيين وكأن إيران هي التي أطلقته. هذا التهديد يأتي على خلفية جهود أمريكا لإعادة إيران إلى المفاوضات حول وقف المشروع النووي، لكنه يزيد التوتر أيضاً في الجبهة العسكرية بينها وبين إيران. بخصوص الحوثيين، فمنذ وقف إطلاق النار في القطاع توقفوا عن إطلاق الصواريخ والمسيرات نحو إسرائيل. والآن، من المرجح أن يستأنفوا الإطلاق نحو البلاد للتعبير عن تماهيهم مع حماس.
في الطريق إلى حرب خالدة
في الخلفية، تستمر عملية نتنياهو لإقالة رئيس “الشاباك” رونين بار من منصبه. يتبين بأثر رجعي أنه عندما أجرى نتنياهو محادثة الإقالة القصيرة مع بار مساء الأحد، كانا يعرفان أن على الأجندة قرار استئناف القتال ضد حماس. شارك بار أيضاً في المشاورات المقلصة التي أجراها نتنياهو أمس قبل الهجوم الجوي على القطاع. قد يكون لنتنياهو واقع كهذا. وإذا لم تكن له ثقة برئيس الجهاز، كما أعلن، فلماذا يستدعيه إلى لقاءات سرية جداً؟
إزاء الاشتباه الذي يحقق فيه “الشاباك” مع ثلاثة من مستشاريه حول الحصول على أموال من قطر، كان محظوراً على نتنياهو القيام بأي عملية بشأن بار. وهناك سبب كبير للخلل في حساباته مع بار. لأن التحقيق الداخلي الذي يجريه الجهاز يشمل اتهامات خطيرة ضد نتنياهو بسبب تحويل الأموال القطرية إلى حماس. حتى إنه ذكر أن “الشاباك” حذر رئيس الحكومة في حينه من أن جزءاً من الأموال يتم استغلالها مباشرة لنشاطات إرهابية. في هذه الأثناء، يجب عدم استبعاد إمكانية حدوث سيناريو تريد فيه الحكومة استكمال عملية إقالة بار في الأيام القريبة القادمة خلال استئناف الحرب.
العملية الإسرائيلية في القطاع ستبرر بالحاجة إلى إخراج المفاوضات من حالة الجمود، وفي الوقت نفسه، تنفيذ وعد نتنياهو بهزيمة حماس. رغم أن الجداول الزمنية لتحقيق هذين الهدفين غير متزامنة. المخطوفون قد يموتون قبل هزيمة حماس، هذا إذا هزمت. ولكن توجد عدة أهداف سياسية مستعجلة: فرئيس الحكومة لا يتحدث عنها بصوت مرتفع مثل إعادة بن غفير وحزب “قوة يهودية” إلى الحكومة، وهو الهدف الذي تم تحقيقه بسرعة، وتمرير الميزانية واستقرار الائتلاف. في هذه المرة، هذه وبحق حرب سلامة نتنياهو بالضبط، بما في ذلك محاولة حرف انتباه الإعلام عن الاحتجاج المتجدد ضد الحكومة على خلفية نية إقالة بار. يتبين أكثر ما كتب هنا في السنة الأخيرة. الهدف الحقيقي الذي يسعى إليه نتنياهو هو الانزلاق بالتدريج إلى نظام مع خصائص ديكتاتورية، وأنه يحاول ضمان بقائه بالحفاظ على حرب خالدة في عدة ساحات (أيضاً في الفيلم الذي نشره على خلفية محاولته إقالة بار، تحدث رئيس الحكومة مرة أخرى عن “حرب على سبع جبهات”). وماذا عن المخطوفين؟ يبدو أنهم سيموتون في الأنفاق مع المعرفة بأنهم ساهموا بدورهم في بقاء حكمه.
عاموس هرئيل
هآرتس 19/3/2025