تحقيقات وتقارير

الدكتور عمر عبد المنان مؤسس “العاملون الصحيون لأجل فلسطين”: على المؤسسات الطبية رفع صوتها لوقف الإبادة في غزة

الدكتور عمر عبد المنان مؤسس “العاملون الصحيون لأجل فلسطين”: على المؤسسات الطبية رفع صوتها لوقف الإبادة في غزة

محمد نون

 دعا طبيب الأطفال في لندن ومؤسس مبادرة “العاملون الصحيون لأجل فلسطين” الدكتور عمر عبد المنان، جميع المؤسسات الطبية إلى رفع صوتها بقوة، والمطالبة بوقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة. وشدد في حوار خاص مع “القدس العربي” على ضرورة وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، وأن تقاطع أو تنسحب من الأنظمة والشركات المتورطة في جرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

فيما يلي نص الحوار:

ما هو الاسم الفعلي للمبادرة، ومتى تأسست، وما هي أهدافها؟

الاسم الفعلي للمبادرة هو “العاملون الصحيون من أجل فلسطين” (Health Workers for Palestine – HW4P). وهي منظمة شعبية دولية تأسست في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وأُطلقت بعد ذلك بفترة وجيزة بهدف إيصال أصوات العاملين الصحيين الفلسطينيين على الخطوط الأمامية تحت الحصار.

أما الهدف الأوسع للمنظمة فهو حشد العاملين في القطاع الصحي حول العالم للتضامن مع غزة، والمطالبة بوقف استهداف البنية التحتية الصحية والطواقم الطبية، والدفع نحو محاسبة سياسية حقيقية، بهدف نهائي يتمثل في إنهاء نظام الأبارتهايد (الفصل العنصري) والاحتلال الإسرائيلي.

ما هو الجسم الطبي المنتمي إلى المبادرة؟ هل تشمل أطباء فلسطينيين وعربا فقط أم تضم أيضا أطباء أجانب؟

“العاملون الصحيون من أجل فلسطين “هو ائتلاف يضم آلاف العاملين الصحيين من مختلف أنحاء العالم – من ضمنهم فلسطينيون، عرب، وأطباء، وممرضون، ومسعفون، وأخصائيون نفسيون، وخبراء في الصحة العامة من خلفيات دولية متنوعة.

ورغم أن العديد من الأعضاء ينتمون إلى الشتات أو لديهم روابط شخصية بفلسطين، فإن حركتنا جامعة وشاملة، وتستمد قوتها من تنوعها الدولي والتزامها الأخلاقي المشترك بحقوق الإنسان ومبدأ الحياد الطبي.

ما هي أنواع الخدمات والنشاطات التي تقوم بها المبادرة؟ هل لديها خدمات في مجال العمليات الجراحية أو تقديم الأدوية والمساعدات الطبية؟

نركز على الدعوة والتضامن والتنسيق أكثر من تقديم الخدمات السريرية المباشرة. وتشمل أنشطتنا الأساسية القيام بحملات إعلامية لتسليط الضوء على شهادات الأطباء الفلسطينيين العاملين في غزة. وأيضا ممارسة الضغط السياسي على الحكومات والمنظمات الدولية لاتخاذ مواقف حازمة، مثل المطالبة بوقف إطلاق النار ورفع الحصار.

كما نقوم بتنظيم المظاهرات والوقفات التضامنية، بما في ذلك وقفات أسبوعية أمام المؤسسات الصحية. وقد انتشرت هذه الوقفات من لندن إلى أكثر من 70 مدينة حول العالم في 5 قارات خلال بضعة أشهر.

وتعمل مبادرتنا على دعم إيصال المساعدات الطبية من خلال الشراكة مع منظمات غير حكومية، والمساعدة في شراء وشحن الإمدادات الطبية الأساسية.

يضاف إلى ذلك تنظيم ندوات تعليمية ومؤتمرات صحفية يشارك فيها أطباء فلسطينيون من غزة.

ورغم أننا لسنا منظمة جراحية أو طوارئ، فإننا نتعاون بشكل وثيق مع منظمات تقدم هذه الخدمات، ونسعى كذلك إلى نشر التوعية حول مفهوم “الأبارتهايد ” الطبي وإزالة الاستعمار من أنظمة العمل الإنساني.

ونعمل على دعم العاملين الصحيين في المملكة المتحدة الذين يعبرون عن تضامنهم مع فلسطين، وتوفير الدعم القانوني لهم من خلال شركائنا، في حال تعرضهم لهجوم أو مضايقة في أماكن عملهم بسبب مواقفهم.

ما هي أهم العقبات التي تواجهونها في دعم ومساندة الطواقم الطبية في غزة وسط الحصار الخانق على القطاع؟

العقبة الأساسية هي الحصار نفسه، بما في ذلك حظر دخول الإمدادات الطبية، والانقطاع المتكرر في الاتصالات، والاستهداف المتعمد للمستشفيات والمنشآت الصحية. حتى عندما تكون المساعدات جاهزة للإرسال، فإن إدخالها عبر المعابر محفوف بتعقيدات لوجستية وسياسية. كما أن إسكات الأصوات الفلسطينية وغياب المحاسبة من قبل الهيئات الدولية يزيدان من التحديات، مما يجعل عملنا في مجال الدعوة أمرا ملحا ومرهقا نفسيا في آنٍ معا.

هل هناك تعاون مع المؤسسات الطبية والإنسانية مثل الصليب الأحمر الدولي أو الهلال الأحمر الفلسطيني؟

“نعمل بتضامن وثيق مع منظمات مثل جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية (PMRS)، والهلال الأحمر الفلسطيني، وMedical Aid for Palestinians (MAP)، وغيرها من المنظمات التي تقدم دعما مباشرا على الخطوط الأمامية. ورغم أننا لسنا مرتبطين رسميا بهذه المؤسسات، فإننا نردد العديد من مطالبهم، ونستند إلى تقاريرهم وبياناتهم بانتظام. وتتمثل قوتنا في الربط بين أصوات العاملين في الميدان وحركات التضامن الشعبية وشبكات المناصرة في الخارج.

كما تعلمون فإن القوات الإسرائيلية تعتقل الأطباء في قطاع غزة بأعداد كبيرة، ما هي المعطيات التي بحوزتكم عن طبيعة تلك الاعتقالات وحجمها، من خلال تواصلكم مع الجهاز الطبي الفلسطيني؟

لقد تلقينا شهادات ميدانية مروعة وتقارير موثقة تفيد بأن العشرات من العاملين في القطاع الصحي قد تم اعتقالهم، وكثير منهم تعرضوا للاختفاء القسري. من بين المعتقلين أطباء كبار وموظفون في مستشفيات، تم اعتقالهم خلال اقتحامات لمرافق طبية، أحيانا بذريعة “أسباب أمنية”. ونحن نواصل العمل مع منظمات حقوقية لمتابعة هذه القضايا، وتوثيقها، والمطالبة بالشفافية والإفراج عنهم.

ما هي معطياتكم الموثقة عن الوضع الطبي للفلسطينيين في قطاع غزة، لجهة نقص الخدمات وتدمير المستشفيات وفقدان المعدات المطلوبة؟

نستند إلى بيانات مدققة من منظمة الصحة العالمية (WHO)، ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، ومسؤولين صحيين فلسطينيين، والتي تشير إلى أنه مع بداية عام 2024، أصبح أكثر من 70% من مستشفيات غزة خارج الخدمة، وتم تدمير أو تعطيل معدات حيوية مثل أجهزة التنفس الصناعي، وحضّانات الأطفال، وأجهزة غسيل الكلى، نتيجة القصف أو نقص الوقود.
وتفيد شهادات الأطباء من غزة بأنهم يجرون عمليات جراحية بدون تخدير، وشح المضادات الحيوية، ويستخدمون الخل لعلاج الجروح – وهي علامات واضحة على انهيار النظام الصحي.

قلتم سابقا إن الكثيرين يصلون إلى المستشفيات وهم يعانون من الجفاف ونقص التغذية، وهم في الأساس في حالة مجاعة، فكيف تزيد هذه الحالات من كارثية الوضع الطبي، خاصة لجهة تفشي الأمراض مثل الكوليرا والإسهال؟

إن انهيار البنية التحتية للصرف الصحي، وانعدام الوصول إلى مياه الشرب والغذاء، أدى إلى انتشار سوء التغذية وضعف جهاز المناعة، خصوصا بين الأطفال.

وهذا بدوره يؤدي إلى تسارع انتشار الأمراض المعدية، وخاصة الإسهال الحاد والأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا.
أما الملاجئ المكتظة والمستشفيات الميدانية المؤقتة، فتمثل بيئة مثالية لتفشي هذه الأمراض، ومع غياب المضادات الحيوية أو المحاليل الوريدية، تحدث وفيات يمكن الوقاية منها يوميا.

ما هي مسؤولية العالم والمؤسسات الطبية تجاه وقف هذه المأساة في غزة، والسماح بدخول المساعدات، وتحمل المسؤولية عن سلامة المدنيين؟

على المجتمع الطبي الدولي مسؤولية أخلاقية وقانونية لحماية حياة المدنيين وضمان الوصول إلى الرعاية الصحية، وفقا لاتفاقيات جنيف، لأن الصمت هو تواطؤ.
ونعتقد أن على المؤسسات الطبية أن ترفع صوتها بقوة، وتطالب بوقف دائم لإطلاق النار، وتدعو إلى وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، وأن تقاطع أو تنسحب من الأنظمة والشركات المتورطة في جرائم حرب.
ونحن نرى أن مبدأ “لا ضرر ولا ضرار” يجب أن يشمل رفض الحياد في مواجهة الإبادة الجماعية.

– “القدس العربي”:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب