اقتصاد

ردّ أوروبي أوّلي على تعرفات ترامب: أميركا تعرض هدنة جمركية جزئية

ردّ أوروبي أوّلي على تعرفات ترامب: أميركا تعرض هدنة جمركية جزئية

سعيد محمد

لندن | قبيل إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تعليق العمل بالرسوم الجمركية على الدول كافة – باستثناء الصين – لمدة 90 يوماً، بأثر فوري، تمخّص عن اجتماع الاتحاد الأوروبي، أمس، قرار بفرض رسوم جمركية على سلع أميركية بقيمة 23 مليار دولار، وذلك ردّاً على التعرفات البالغة 25%، والتي فرضها ترامب، الشهر الماضي، على صادرات التكتُّل من الصلب والألمينيوم. وصوّتت غالبية الدول الأعضاء لمصلحة العقوبات، التي يفترض أن يسري بعضها منتصف الشهر الجاري، علماً أنها ستستهدف ولايات أميركية حسّاسة سياسياً، وتشمل منتجات مِن مِثل فول الصويا من ولاية لويزيانا، موطن رئيس مجلس النواب مايك جونسون، بالإضافة إلى الماس والمنتجات الزراعية والدواجن والدراجات النارية. وحتى وقت متأخر من مساء الأربعاء، لم يصدر عن المفوّضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد، قرار في شأن تعليق الإجراءات المضادة، علماً أن بروكسل كانت أعلنت أن هذا الخيار ممكن «في حال وافقت واشنطن على نتيجة تفاوضية عادلة ومتوازنة».

ولم يتمكّن وزراء التجارة الأوروبيون، الذين اجتمعوا في لوكسمبورغ، الإثنين، للتداول في شكل التعرفات الانتقامية التي سيفرضها الاتحاد على الواردات الأميركية، من التوصّل إلى اتفاق شامل، بعدما رضخت بروكسل لضغوط «لوبي الكحوليات» (فرنسا، إيطاليا وإسبانيا)، وقرّرت استثناء «ويسكي البوربون» الأميركي من قائمة السلع المستهدفة. وكان كبير المفاوضين التجاريين للاتحاد الأوروبي، ماروش شيفتشوفيتش، قال، في وقت سابق، إن التكتُّل قد يُسقط بعض التعرفات الانتقامية ضدّ الرسوم الجمركية الأميركية، بعدما ضغطت دول أعضاء لحماية صناعاتها الإستراتيجية. على أن مباحثات لوكسمبورغ لم تتطرّق إلى الردّ الأوروبي الممكن على التعرفات الجديدة (المقلّصة مساء أمس إلى 10%) التي فرضها الأميركيون، وتشمل 20% على مجمل الصادرات، و25% على السيارات (وهو ردّ من المنتظر أن يُكشف عنه الأسبوع المقبل ما لم يطرأ تغيّر على المسار الأوروبي).

لا تزال أوروبا تأمل في التوصل إلى اتفاق جيّد للطرفين، وتجنّب حرب تجارية مع أميركا

وممّا قاله شيفتشوفيتش: «نحن لسنا في مجال الانتقام»، مضيفاً أن ردّ فعل الاتحاد محدَّد بحجم سلع أميركية يصل إلى 26 مليار يورو، لمعادلة الرسوم المفروضة على صادرات أوروبا من الصلب والألمينيوم. ومن بين السلع المستهدفة: ملابس الجينز، والدراجات النارية الشهيرة ماركة «هارلي ديفيدسون»، والألماس، وخيوط تنظيف الأسنان، والنقانق، والدواجن، والبيض، واللوز، وفول الصويا. وعُلم من كواليس اجتماع لوكسمبورغ، أن باريس وروما ومدريد، أصرّت على استبعاد صناعة الكحول من قوائم السلع التي ستُفرض على استيرادها من الولايات المتحدة رسوم بنسبة 25%، بعدما هدّد ترامب بفرض تعرفة بقيمة 200% على صادرات المشروبات الكحولية الأوروبية إلى بلاده، في حال فرض الأوروبيون رسوماً على البوربون بنسبة 25%.

وستُطبّق التعرفات الأوروبية الجديدة على مراحل: أولاها بدءاً من 15 نيسان الجاري، وثانيتها من 15 أيار المقبل، فيما سيكتمل تطبيق الرسوم الإضافية في الأول من كانون الأول المقبل. ولا تزال بروكسل، بحسب رئيسة المفوّضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، «تفضّل حلّاً تفاوضياً»، لكنها، في الوقت ذاته، قرّرت من خلال تدابيرها الأولية، «البعث برسالة حول استعداد الاتحاد الأوروبي للوقوف بحزم في النزاع التجاري المستمرّ، ودفع الولايات المتحدة إلى طاولة المفاوضات». وأكّدت فون دير لايين أن «القارة لا تزال تأمل في التوصل إلى اتفاق جيّد للطرفين، وتجنّب حرب تجارية متبادلة»، مشيرة إلى أن بروكسل عرضت على واشنطن، مراراً، مبدأ تصفير جميع الرسوم الجمركية على السلع الصناعية – من مثل السيارات والمواد الكيميائية والأدوية والمطاط والآلات البلاستيكية – بين جانبَي الأطلسي، وستُبقي العرض مفتوحاً.

ويفرض الاتحاد الأوروبي حالياً متوسط تعرفات جمركية بنسبة 1.6% فقط على المنتجات غير الزراعية الأميركية، لكنّ الرسوم على السيارات الأميركية المستوردة تصل إلى معدل 10%.
في موازاة ذلك، يُرتقب أن تزور رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، واشنطن، الأسبوع المقبل، للتفاوض حول مسألة التعرفات. وإذ رأت أنه «من الصعب تقييم العواقب الاقتصادية للرسوم الجمركية الجديدة بدقّة»، فهي حذّرت من «الذعر والهلع» اللذين اعتبرت أنهما «قد يؤدّيان إلى أضرار أكبر من الإجراء نفسه». وبحسب خبراء، فإن ميلوني التي لها علاقات شخصية طيّبة مع ترامب، ستسعى إلى إقناع الرئيس الأميركي بفوائد اتفاق «صفر – صفر» تعرفات جمركية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

الاخبار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب