قطر تواصل جهود الوساطة وتنفي المزاعم الإسرائيلية وتستكمل اتصالاتها لإنهاء الحرب على غزة

قطر تواصل جهود الوساطة وتنفي المزاعم الإسرائيلية وتستكمل اتصالاتها لإنهاء الحرب على غزة
سليمان حاج إبراهيم
الدوحة ـ تواصل قطر جهودها لإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، وتنفي المزاعم الإسرائيلية بدفع أموال للتقليل من دور مصر، وتعتبرها مجرد مناورات أطراف في تل أبيب ترغب في استمرار التصعيد ضد المدنيين الفلسطينيين، في وقت أعلنت فيه القاهرة عن أفكار جديدة، وتأكيدات واشنطن على رغبتها وقف القتال في القطاع المحاصر.
وحتى الآن تلعب قطر دوراً رئيسيا، إلى جانب مصر والولايات المتحدة، في جهود الوساطة التي أفضت إلى اتفاق لوقف القتال مطلع عام 2025، نسفته تل أبيب بشن هجمات وحرب على غزة تكبد أرواح المزيد من الضحايا، وغالبيتهم من المدنيين، وتحديداً الأطفال والنساء، وتتسبب في استفحال الوضع المعيشي لسكان القطاع المحاصر.
وتواصل الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في محاولة لبحث أبرز المستجدات الإقليمية والدولية التي تهم البلدين، وخاصة تطورات الأوضاع في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة. ويأتي الاتصال في ظل استمرار قطر أداء دورها في الوساطة، وسبقه مطلع شباط/فبراير الماضي، اتصال مماثل بين أمير قطر والرئيس الفرنسي، بعد أقل من أسبوعين من سريان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي أطاحت به إسرائيل عندما استأنفت الحرب على القطاع يوم 18 آذار/مارس الماضي. ويأتي الاتصال ليؤكد مضي الدوحة قدماً في جهودها للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة. وتستمر قطر في جهود الوساطة بالتعاون مع الولايات المتحدة والشركاء في المنطقة.
وأجرى أمير قطر مؤخراً العديد من الاتصالات مع قادة الدول ورؤساء الحكومات، ضمن مساعي بلاده لإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة. وتتحرك الدبلوماسية القطرية في جميع الاتجاهات، لخفض وتيرة التوتر، ونزع فتيل الأزمات التي سببتها قرارات سلطات تل أبيب التي نسفت كل الجهود السابقة.
ورصدت «القدس العربي» في العاصمة القطرية الدوحة، العديد من التحركات التي تصب في سياق إنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة. ويتواجد في البلد العديد من الشخصيات والمسؤولين والفرق الفنية، التي تتابع وترصد في صمت تفاصيل الأوضاع، وتحاول جاهدة تقريب المسافات، ونزع فتيل الأزمة.
ويتحدث بعض المراقبين الذين تواصلت معهم «القدس العربي»، عن أفكار يتم إيصالها عبر القنوات الدبلوماسية، ومراكز صناعة القرار، تؤكد على حتمية الانخراط في جهود الوساطة، لأنها السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة. وحسب أحد الخبراء، فإنه يتم إيصال رسائل عبر مراكز تفكير غربية مرموقة، إلى أن الإجراءات الإسرائيلية، وخطة التهجير التي تبنتها واشنطن ستحرق الجميع، بما فيها تل أبيب، وليس فقط تشريد الشعب الفلسطيني، وإزاحته عن أرضه.
وكشف تقرير لوكالة «فرانس برس» تفاصيل الدور اللافت الذي تلعبه قطر في صناعة السلام، حيث تبرز كوسيط إقليمي ودولي يسعى لحل النزاعات المستعصية. وحسب الخبراء الذين تحدثوا فإن قطر، تتألق بجهودها الدبلوماسية المكثفة التي باتت علامة فارقة في سياستها الخارجية.
وأبرز التقرير أن الدوحة انخرطت في الأشهر الأخيرة، بقوة في مفاوضات شائكة بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة «حماس»، بهدف إخماد نيران (العدوان على قطاع غزة). مشيرة إلى أن هذه الجهود لم تأتِ من فراغ، بل تعكس التزام الدوحة الراسخ بإنهاء المعاناة وإحلال الاستقرار في المنطقة.
والوساطة ليست مجرد أداة دبلوماسية عابرة بالنسبة لقطر، بل ركيزة سياسية تعكس رؤيتها لعالم يسوده السلام. وتعتمد الدوحة على الحوار والدبلوماسية الوقائية كأولوية، ما جعلها ملاذًا موثوقًا تلوذ به الأطراف المتنازعة طلبًا للحلول. ولهذا تمضي قطر، لتحقيق النتائج التي تراها استراتيجية، بدون التوقف كثيراً أمام المثبطات، التي تحاول بعض الأطراف إغراقها فيها.
ونفت في هذا السياق قطر، المعلومات التي سربتها مصادر عبرية وغربية عن دفع أموال مقابل التقليل من دور مصر في جهود الوساطة، واعتبرتها محاولات يائسة لثنيها عن نشاطها الدبلوماسي.
وأعربت قطر عن استنكارها الشديد لتصريحات إعلامية تزعم قيامها بدفع أموال للتقليل من جهود مصر أو أي من الوسطاء، في عملية الوساطة بين حركة حماس وإسرائيل. وتعتبر قطر أن «هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة، ولا تخدم سوى أجندات تهدف إلى إفساد جهود الوساطة وتقويض العلاقات بين الشعوب الشقيقة، كما أنها تمثل حلقة جديدة في مسلسل التضليل وتشتيت الانتباه عن المعاناة الإنسانية والتسييس المستمر للحرب». وتحذر قطر، من انزلاق نحو خدمة مشاريع ليس لها من هدف إلا إفشال الوساطة وزيادة معاناة الأشقاء في فلسطين.
وتتحرك قطر في جميع الاتجاهات للعمل على إنهاء معاناة سكان غزة، وتوفير سبل العيش للشعب المحاصر، وحمايته من حرب الإبادة التي يتعرض لها.
ويتحرك المسؤولون في الكواليس، لوضع خطط عمل، على أكثر من جبهة، للوصول إلى الحلول الدبلوماسية، دون إغفال الجانب الإنساني في ظل صعوبة الحياة التي فرضتها حرب إسرائيل.
ويجتمع في الدوحة كبار المسؤولين في الهيئات الإنسانية والإغاثية، من أجل البحث عن فرص توفير الإمكانيات لضمان وصول المساعدات.
وتستضيف قطر مؤتمراً علمياً عالمياً، يجمع رؤساء الجامعات من مختلف الدول، بحضور ممثلين من غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، لبحث الموضوع، وإبراز خطورة الوضع، وتحديداً أن الحرب الإسرائيلية تستهدف مقومات الحياة. ويعد اللقاء فرصة، لإبراز أهمية توحيد الجهود الدولية، في سبيل توفير الحياة الملائمة لسكان غزة، تزامناً وجهود إنهاء الحرب، وعدم الركون حتى تعقد الوضع.
خطة مصرية جديدة
وإلى جانب الدور القطري، تتحرك العديد من الدول في سبيل وقف الحرب الإسرائيلية على غزة، وتنسيق الجهود، لإنهاء معاناة سكان القطاع المحاصر.
وكانت وسائل إعلام عبرية أكدت أن حكومة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، تلقت مقترحاً مصرياً جديداً لتبادل الرهائن والمحتجزين مع حركة حماس بهدف إنهاء الحرب.
ويهدف المقترح المصري إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة لفترة تتراوح ما بين 40 و70 يوما، ليتم بعدها العودة إلى المفاوضات بشأن المرحلة الثانية والثالثة من الاتفاق الأصلي. وتتضمن مقترحات الورقة المصرية إعادة ثماني رهائن إسرائيليين أحياء، بينهم الجندي الإسرائيلي-الأمريكي عيدان الكسندر، إضافة إلى جثث ثماني رهائن. ويشمل المقترح أيضا الإفراج عن عدد من السجناء الفلسطينيين لدى إسرائيل، وإعادة فتح محور نتساريم، وعودة سكان غزة، فضلا عن إدخال المساعدات الإنسانية. كما يتضمن النقاش حول المرحلة الثانية من الاتفاق مع ضمانات من الوسطاء. تواصل سلطات الاحتلال بكشف عدم وجود أي نية لإنهاء الحرب التي تفرضها على القطاع، وتستكمل جهودها الحربية، التي فاقمت من الوضع الإنساني في القطاع المحاصر، وترفض مناقشة أي صفقات تشمل بند إنهاء الحرب.
ويأتي هذا الرفض وسط تنامي الاحتجاجات الشعبية في تل أبيب، التي تندد بنهج التصعيد الذي تنفذه حكومة بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وانضمت قطاعات عسكرية ومدنية إسرائيلية جديدة لحملة الرسائل التي تطالب دولة الاحتلال الإسرائيلي بوقف الحرب على قطاع غزة. ووقع نحو 100 طبيب عسكري في جيش الاحتلال الإسرائيلي، على رسالة تطالب بإعادة المحتجزين الإسرائيليين في غزة ووقف الحرب، كما وجه عناصر من الوحدة 8200 في قسم الاستخبارات رسالة تحمل ذات الدعوة، بالإضافة لتوجيه نحو 2000 أستاذ جامعي رسالة مشابهة. لينضموا بذلك إلى عناصر في سلاحي الجو والبحرية في جيش الاحتلال الذين وجهوا رسائل بذات المطالب.
بالمقابل أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رغبته في إنهاء الحرب الجارية في قطاع غزة، قائلًا «أود أن أرى الحرب في غزة تتوقف». وأكد في مؤتمر صحافي عقب استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي في البيت الأبيض أن «الجهود مستمرة للتوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار»، مضيفًا «نسعى بكل جهد للتوصل إلى اتفاق آخر لوقف إطلاق النار في غزة».
كما تحدَّث ترامب مجددًا عن خطته التي تتيح للولايات المتحدة «السيطرة» على القطاع الذي وصفه بأنه «قطعة عقارية عظيمة».
وتابع ترامب: «كما تعلمون، وجود قوة سلام مثل الولايات المتحدة هناك، تسيطر على قطاع غزة وتملكه سيكون أمرا جيدا، لأنه في الوقت الحالي، كل ما أسمعه، منذ سنوات وسنوات، هو القتل وحماس والمشاكل». ترامب مضى قائلا إنه سيسمي «غزة منطقة الحرية بعد إبعاد المواطنين الفلسطينيين عنها» في إشارة إلى مخططه لتهجيرهم قسرا.
وأعلن ترامب للمرة الأولى عن هذه الخطة (تهجير السكان من غزة) والتي أثارت انتقادات واسعة، خلال زيارة نتنياهو السابقة لواشنطن في شباط/فبراير الماضي.
«القدس العربي»:




