النائب البلجيكي نبيل بوكيلي لـ”القدس العربي”: خطة ترامب تعيد الفلسطينيين لحقبة الاستعمار ولجم إسرائيل يبدأ بقطع الدعم العسكري والاقتصادي

النائب البلجيكي نبيل بوكيلي لـ”القدس العربي”: خطة ترامب تعيد الفلسطينيين لحقبة الاستعمار ولجم إسرائيل يبدأ بقطع الدعم العسكري والاقتصادي
حسن سلمان
تونس-
قال النائب البلجيكي نبيل بوكيلي، إن الخطة التي اقترحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب في قطاع غزة تهدف إلى إعادة الفلسطينيين إلى حقبة الاستعمار، كما اعتبر أن الإجراءات الجزئية التي اتخذتها حكومة بروكسل تجاه إسرائيل هي مجرد “مسرحية سياسية” لإنقاذ صورتها أمام الرأي العام، في ظل الضغط الشعبي المطالب بفرض عقوبات على إسرائيل لوقف عدوانها على قطاع غزة.
وأضاف، في حوار خاص مع “القدس العربي”: “لا يزال الوضع في غزة مُزريًا ومأساويًا. فحتى 28 أكتوبر/تشرين الأول، انتهكت إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار للمرة 125. وتُظهر هذه الانتهاكات المتكررة أن تل أبيب لا تريد السلام، بل ترغب بمواصلة حملة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين”.
كما اعتبر بوكيلي أن “النشاط الاستيطاني المُستمر في الضفة الغربية يشير إلى استراتيجية أوسع نطاقًا، وهي رغبة إسرائيل في توسيع سيطرتها على الأراضي الفلسطينية مع تهجير السكان”.
وأضاف: “بالنسبة لإسرائيل، لا يعدّ وقف إطلاق النار المؤقت سوى فترة استراحة بين أعمال العنف، غالبًا ما تُمليها المصالح الأمريكية والإسرائيلية، وهو لا يُعتبر جهدا حقيقيا لإنهاء الإبادة الجماعية. ويعكس الوضع الحالي خطةً أوسع نطاقًا للاحتلال والفصل العنصري إلى أجل غير مسمى”.
إعادة الاستعمار
وعلق بوكيلي على “خطة ترامب” لوقف الحرب في قطاع غزة بالقول: “ما يُسمى خطة ترامب ليس خطة سلام، بل إنذارٌ أحادي الجانب فرضته الولايات المتحدة وإسرائيل. إنها في جوهرها استسلامٌ فُرض على الفلسطينيين، لا يُقدّم أي حماية أو ضمانات حقيقية، بل هو مجرد توقف مؤقت للعنف في ظل ظروفٍ مؤاتية لإسرائيل والولايات المتحدة”.
واعتبر أن الخطة تتضمن “إنكار قيام دولة فلسطينية، حيث يرفض القادة الإسرائيليون، بمن فيهم نتنياهو -علنًا- إقامة دولة فلسطينية، ويعتبرونها تهديدًا لإسرائيل. و(لذلك) لا تنص الخطة على سيادة فلسطينية أو استقلال سياسي. كما تتضمن تجزئة دائمة للأراضي الفلسطينية، حيث تقترح فصل غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، قانونيًا وإداريًا، مما يسمح لإسرائيل بمواصلة التوسع الاستيطاني وتهجير السكان دون عقبات قانونية أو سياسية”.
كما اعتبر أن خطة ترامب تنتهك القانون الدولي، من خلال تجاهلها لقرارات محكمة العدل الدولية، التي تُلزم إسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة واحترام حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة. كما أنها تتجاهل مبادئ الأمم المتحدة والقانون الدولي، مُرسخةً بذلك نظامًا من الانتهاكات الدائمة للحقوق”.
كما تكرس الخطة، وفق بوكيلي، لاستعمار جديد، حيث “تقترح أن يُدار قطاع غزة من قِبل شخصيات مثل توني بلير تحت ستار سلطة دولية (وهذا يُحاكي الحقبة الاستعمارية)، حيث سيتم فرض سيطرة خارجية على الحكم وإعادة الإعمار والتمويل، وبذلك سيُحرم الفلسطينيون من استقلالهم ويُجبرون على الخضوع”.
وأوضح أكثر بقوله: “باختصار، تُرسّخ الخطة استعباد الفلسطينيين، وتُخفي الجرائم المستمرة تحت ستار الإجراءات الإدارية، وتُحوّل الانتباه الدولي عن الحركات الشعبية المُقاومة للاحتلال والإبادة الجماعية. إنها مُخطط للاحتلال، وليس للسلام”.
مسرحية بلجيكية
من جهة أخرى، اعتبر بوكيلي أن موقف بلجيكا من القضية الفلسطينية “إشكالي للغاية. فالاعتراف المشروط بفلسطين -وربطه بنزع سلاح حماس- يُعادل إنكارًا للسيادة الفلسطينية. وبفرضها شروطًا سياسية على حق أساسي -الحق في تقرير المصير- تنتهك بلجيكا القانون الدولي. فهذا الحق غير قابل للتصرف ولا يمكن التفاوض عليه. كما أن الاعتراف المشروط يُعزز الاستعمار، ويفرض على الفلسطينيين معايير لا تُطبق أبدًا على إسرائيل، كما أنه يتجاهل القمع والاحتلال المستمرين”.
ورغم أن بلجيكا اعتمدت تدابير مثل حظر منتجات المستوطنات الإسرائيلية، إلا أن هذه الإجراءات، عمليًا، تبقى “رمزية وغير فعالة إلى حد كبير. فإسرائيل هي التي تُصنّف المنتجات، ونادرًا ما تُطبّق القواعد الأوروبية المتعلقة بوسم المنتجات (التي تنتجها المستوطنات)، وتُشير التقارير إلى أن غالبية منتجات المستوطنات لا تزال تُتداول بحرية، مع تأثير ضئيل على الاقتصاد الاستعماري”.
ويؤكد بوكيلي أن الحكومة البلجيكية “لم تفعل سوى الحد الأدنى من الحد الأدنى (من الإجراءات الواجب اتخاذها تجاه إسرائيل). ليس لحماية الشعب الفلسطيني، بل لإنقاذ صورتها في مواجهة التعبئة الشعبية الحاشدة. حيث اتُخذت هذه التدابير لأن الضغط الشعبي أجبر الحكومة على الرد، وليس من منطلق قناعة سياسية حقيقية أو حرص على حقوق الفلسطينيين. ومثل هذه الإجراءات الجزئية تُعدّ مسرحية سياسية أكثر منها جهدًا حقيقيًا لوقف الاحتلال والعنف وانتهاكات القانون الدولي”.
ولدعم الفلسطينيين بصدق، يقترح بوكيلي على الحكومة البلجيكية عددا من الإجراءات، على غرار “الاعتراف بدولة فلسطين دون قيد أو شرط، مع احترام سيادتها. وفرض حظر اقتصادي وعسكري كامل على إسرائيل. والانسحاب من الشركات المتواطئة في الاحتلال وانتهاكات حقوق الإنسان. والمطالبة بالمساءلة الدولية عن انتهاكات القانون وجرائم الحرب”.
ويرى أنه بدون هذه الخطوات الملموسة، سيبقى موقف بلجيكا رمزيًا بحتًا وغير كافٍ لمعالجة واقع الاحتلال والإبادة الجماعية المستمرة.
تضامن عالمي
وحول رؤيته لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، قال بوكيلي: “لا يُمكن حل الصراع المستمر منذ عقود دون ضغط دولي جاد. والدروس المستفادة من نضال جنوب أفريقيا ضد نظام الفصل العنصري مفيدة بشكل خاص، حيث يُمكن لحملة مقاطعة مُستهدفة وعقوبات عالمية أن تُمارس تأثيرًا حاسمًا عندما تكون المصالح الاقتصادية والسياسية على المحك”.
وأضاف: “الشريك الاقتصادي الأول لإسرائيل هو أوروبا، ولهذا السبب تحديدًا، سيكون للعقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي تأثير حاسم. وتلعب الأسلحة المصنوعة في أوروبا -وخاصةً إيطاليا وفرنسا وألمانيا- بالإضافة إلى نقل المعدات العسكرية، دورًا مهمًا في الحفاظ على القدرات العسكرية لإسرائيل. وبهذا المعنى، تُعتبر أوروبا متورطة بشكل كبير في المساهمة في آلة الحرب الإسرائيلية”.
ودعا المجتمع الدولي إلى فرض عقوبات اقتصادية وعسكرية ودبلوماسية شاملة على إسرائيل. واستهداف الشركات والحكومات المتواطئة في الاحتلال وتوسيع المستوطنات وانتهاكات حقوق الإنسان.
كما دعا بوكيلي إلى “دعم الحركات الشعبية التي تُعلي من شأن الأصوات الفلسطينية وتتحدى هياكل الاحتلال”، معتبرا أن “الضغط المستمر والمنسق وحده كفيل بإجبار إسرائيل على احترام القانون الدولي وحقوق الفلسطينيين”.
وختم بقوله: “بينما يظل النموذج الجنوب أفريقي قابلاً للتطبيق في فلسطين، فإنه يتطلب تضامنًا عالميًا واستعدادًا لمواجهة المصالح الاقتصادية والسياسية الراسخة. وهو أمر تجنبته معظم الحكومات حتى الآن”.
“القدس العربي”:




