الصحافه

إسرائيل: لماذا أضعنا سوريا وتركناها ساحة لاردوغان؟

إسرائيل: لماذا أضعنا سوريا وتركناها ساحة لاردوغان؟

أيال زيسر

أحمد الشرع، الجهادي المتقاعد، يحاول تثبيت مكانته رئيساً لسوريا – لقب توج نفسه به بعد استيلائه على الحكم. العالم العربي يؤيده، على أمل إكمال قطع سوريا عن إيران وإعادتها للحضن العربي.

إسرائيل مقتنعة أن أمامها جهادياً غلف نفسه بجلد خروف، ولهذا تصعد أعمالها العسكرية في سوريا بمزيد من التصريحات، والاستيلاء على الأراضي، وهجمات جوية. لكن يخيل أن السؤال من سيحكم سوريا، قد حسم في مكان آخر: في البيت الأبيض بزعامة ترامب.

أثناء لقاء عقده الرئيس الأمريكي مع نتنياهو، الذي جاء يشكو لترامب الدور التركي في سوريا، رد ترامب بجملة ماحقة: “لي علاقات ممتازة مع اردوغان. أحبه جداً”

لقد حصل الأمر بالذات في أثناء لقاء عقده الرئيس الأمريكي مع نتنياهو، الذي جاء يشكو لترامب الدور التركي في سوريا، فرد ترامب بجملة ماحقة: “لي علاقات ممتازة مع اردوغان. أحبه جداً، وهو معي. ولهذا قلت لبيبي: إذا كانت لك مشاكل مع تركيا، أساعدك في حلها، إذا كنتم منطقيين”. كانت مجرد البداية لإعلان آخر للرئيس الأمريكي وبموجبه “سوريا لاردوغان”. فالرئيس التركي نجح في السيطرة على سوريا، الأمر الذي لم ينجح أي زعيم في عمله منذ الفي سنة.

سوريا لا تهم ترامب، ويرى فيها “مكان موت ورملاً ونزاعات قبلية لا مصلحة للولايات المتحدة فيها”. ولهذا عين اردوغان مقاول تنفيذ في كل ما يتعلق بالمصالح الأمنية في سوريا. عليه أن يتأكد من أن تكون هذه الدولة نقية من الإرهاب، وألا ينبعث “داعش” مجددا ولا يعود الإيرانيون إليها. كل ما تبقى ملاحظات هامشية. مسألة الأقليات الكردية في الدولة، وكذا مخاوف إسرائيل من دور تركيا في سوريا، مخاوف لا تشغل بال ترامب. “تعيين” ترامب لاردوغان “حاكماً لسوريا” فرصة طيبة لإسرائيل في إعادة احتساب المسار وفحص وإصلاح سياستها في سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد – سياسة لم تجلب لها أمناً، بل أغرقتها في عقدة.

الصدمة التي تعيشها إسرائيل منذ 7 أكتوبر حل محلها إحساس عظمة أن بإمكاننا فعل كل ما يروقنا عقب إنجازاتنا في الحرب، ثم قادتنا هذه إلى سياسة هجومية بل وقتالية في سوريا: احتلال أراض في سوريا – لا تضيف أمناً بل تجر احتكاكاً مع السكان المحليين؛ وتصريحات زائدة وفارغة حول تحويل جنوب سوريا إلى منطقة مجردة لا نسمح فيها بوجود قوات مسلحة؛ أو تصريحات حول استعدادنا لمساعدة الدروز في هذه الدولة، رغم أنهم لا يريدون مساعدتنا على الإطلاق. في الأسابيع الأخيرة، أضيفت إلى كل هذا هجمات جوية على كل قاعدة أو موقع يعتزم السوريون تسليمه لتركيا لنشر القوات فيه.

هكذا تسير إسرائيل وتغرق في تدخل عسكري في سوريا ربما يدهورنا إلى احتكاك بل إلى مواجهة، مع السكان المحليين ومع نظام دمشق بل ومع الأتراك. وفي هذه الأثناء، أصبحنا مسألة مركزية على جدول الأعمال السوري، وثبتنا لأنفسنا صورة عدو عدواني يسعى إلى هز الاستقرار في سوريا والدفع إلى انهيارها وتقسيمها.

مخاوف الإسرائيليين مبررة مما من شأنه أن يقع في سوريا، وعلينا أن نفتح عيوننا. لكن في الوقت نفسه، علينا أن نتذكر بأن محاولة إسرائيل منع تركيا، التي لها تأكيد أمريكي، من السيطرة في سوريا، محكومة بالفشل. على إسرائيل أن تحاول فتح قنوات اتصال مع دمشق، وأساساً مع تركيا، بوساطة الولايات المتحدة – وكذا أذربيجان، الدولة الصديقة التي هرعت لمساعدتنا، والتوصل إلى تفاهمات قد لا تستجيب لكل مطالبنا، لكنها ستمنع احتكاكاً وانزلاقاً إلى مواجهة لا تريدها لا إسرائيل ولا تركيا.

 إسرائيل اليوم 20/4/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب