إعدام عناصر الإنقاذ برفح: إطلاق نار متواصل عليهم ومن مسافة صفر

إعدام عناصر الإنقاذ برفح: إطلاق نار متواصل عليهم ومن مسافة صفر
معلومات جديدة تم جمعها ونُقلت لطواقم التحقيق في الجيش الإسرائيلي تدل على “تنفيذ إطلاق نار بلا تمييز طوال ثلاث دقائق ونصف الدقيقة باتجاه قافلة مركبات الإنقاذ في إحدى الحالات”. وطواقم التحقيق لم تصدق الادعاء بأن الضحايا من مقاتلي حماس
تلقت سرية لواء “غولاني”، التي أعدمت 15 من أفراد طواقم إنقاذ فلسطينية، في حي تل السلطان في مدينة رفح، في 23 آذار/مارس الفائت، بلاغا حول حركة سيارات إسعاف قبل وقت قصير من المجزرة التي ارتكبتها السرية، “وأطلقت النار بشكل متواصل باتجاههم طوال ثلاث دقائق ونصف الدقيق، وكذلك من مسافة صفر، ومن خلال تغيير مخزن الرصاص في بنادقهم، رغم أنهم (أفراد الإنقاذ) حاولوا التعريف على أنفسهم”.
وتعالى ذلك من معلومات تم جمعها بعد هذه المجزرة ونُقل بعضها إلى طواقم التحقيق التي شكلها الجيش الإسرائيلي وتحقيق أجراه فريق تابع لهيئة الأركان العامة الإسرائيلية، وفق ما ذكرت صحيفة “هآرتس” اليوم، الأربعاء.
واعتبرت الصحيفة أن هذه المعلومات تدل على “انعدام الطاعة” من جانب سرية “غولاني”، وعلى “عدم صدق الروايات” التي قيلت للضباط والمحققين، وأنه يتعالى من المعلومات أن الأداء العسكري للجنود شكل خطرا على جنود وقوات إسرائيلية أخرى في المنطقة.
وأشارت الصحيفة إلى أن تحقيق هيئة الأركان العامة في هذه المجزرة، الذي نشره الجيش يوم الأحد الماضي، كان هدفه صد الانتقادات الدولية الشديدة على هذه المجزرة، لكنه لم يستعرض الصورة الكاملة. وجرى نقل المعلومات الجديدة إلى المدعية العامة العسكرية، ييفعات تومِر ييروشالمي، للتدقيق فيها وكي تتخذ قرارا بشأن فتح الشرطة العسكرية تحقيقا.
واعترف الجيش الإسرائيلي أن قوة في سرية “غولاني” أطلقت النار في ثلاثة مواقع على مركبات الإسعاف التي تواجد فيها أفراد طواقم الإنقاذ الفلسطينيين وعلى مركبة تابعة للأمم المتحدة “بشكل خاطئ وتجاوز التعليمات أحيانا”.
لكن الصحيفة أكدت، اليوم، أن المواد التي تم جمعها تدل على “تنفيذ إطلاق نار بلا تمييز طوال ثلاث دقائق ونصف الدقيقة باتجاه قافلة مركبات الإنقاذ في إحدى الحالات”.
ورغم اعترف الجيش الإسرائيلي بأن سرية “غولاني” ارتكبت هذه المجزرة، إلا أنه يحاول تبريرها بالادعاء أنها وقعت خلال استعدادات لشن هجوم مفاجئ على حي تل السلطان في رفح، سيتم في اليوم التالي، بادعاء انتقال مقاتلين في حماس إلى المناطق الإنسانية في المواصي، وأن الجنود في السرية كانوا ينفذون كمينا لمقاتلين فلسطينيين.

ووفقا لتوثيق المجزرة بواسطة صور التقطتها طائرات مسيرة إسرائيلية، فإن المكان كان مظلما ولم يكن بالإمكان عدم مشاهدة أضواء سيارات الإسعاف.
وأفادت الصحيفة بأن نائب قائد سرية “غولاني”، وهو ضابط في الاحتياط وقاد القوة، “قرر بنفسه تغيير المهمة التي تم تكليفه بها، وأصدر أمرا للقوة كلها بالاستعداد لإطلاق النار على سيارة إسعاف تتجه نحو الكمين. وعندما أوشكت سيارة الإسعاف على العبور قرب القوة، أطلق الجنود النار باتجاهها. وهاجمت القوة، وهي تطلق النار، سيارة الإسعاف وقتلت اثنين من أفراد الإنقاذ واعتقلت شخصا ثالثا”.
وزعم الجيش الإسرائيلي أن أحد الجنود، الذي لا يتحدث اللغة العربية، ادعى بعد استجوب المعتقل أن ركاب سيارة الإسعاف هم مقاتلون في حماس. وأبلغ نائب قائد الكتيبة، قائد اللواء طال ألكوبي، بالوضع.
بعد ذلك، أطفاء الجنود الإسرائيليون أضواء سيارة الإسعاف، وخبأوا الجثث، وعادة إلى موقع الكمين. وقال نائب قائد الكتيبة في إفادته الكاذبة إن لم يكن بالإمكان مشاهدة أضواء سيارة الإسعاف، وأنه اعتقد أن هذه سيارة شرطة تابعة لحماس، ولذلك قرر إطلاق النار عليها، “رغم أن هذه لم تكن مهمته”، وفقا للصحيفة، التي أفادت بأن فريق التحقيق لم يقتنع بأقوال نائب قائد الكتيبة، قبل وبعد إعادة تمثيل الجريمة، لكن فريق التحقيق وافق على ادعائه بأن المنطقة التي تواجد فيها هي منطقة قتالية.
وبعد عودة القوة إلى موقع الكمين، كانت تتحرك قافلة سيارات إسعاف وإطفاء في المنطقة، بأضواء واضحة بشكل لا يمكن عدم مشاهدتها. وادعى نائب قائد الكتيبة أنه بعدما اعتقد في أعقاب إطلاق النار الأول أن ركاب سيارة الإسعاف هم مقاتلون في حماس، فإن قافلة سيارات الإنقاذ الثانية تنقل مقاتلين من حماس أيضا وأنهم جاؤوا لأخذ الجثامين ومهاجمة سرية “غولاني”.
وشككت الصحيفة في صحة أقوال نائب قائد الكتيبة، لأن “سيناريو فيه قوات حماس يخرجون من سيارة إنقاذ في مكان يعرفون أنه تتواجد فيه بكل تأكيد قوات الجيش الإسرائيلي، هو سيناريو لم يصادفه الجيش حتى الآن في القتال في القطاع، ولذلك لم يصدّق طاقم التحقيق وكذلك قيادة اللواء رواية نائب قائد الكتيبة”.
إلى جانب ذلك، لم تكن قافلة سيارات الإنقاذ الثانية تعلم بما حدث لسيارة الإسعاف وركابها، وتوقفت لدى وصولها إلى المكان وترجل الطاقم الطبي من سيارات القافلة واتجهوا نحو الجثامين، وكانوا يرتدون دروع واقية وأبقوا أضواء سياراتهم مشتعلة بهدف إظهار تواجدهم في المكان وكي لا يستهدفهم الجيش الإسرائيلي.، لكن نائب قائد الكتيبة أمر بإطلاق النار عليهم، من مسافة 20 – 30 مترا. وأكدت الصحيفة أنه كان بإمكان القوة الإسرائيلية التأكد أن المستهدفين ليسوا مسلحين وإنما هم طواقم طبية.
وأضافت الصحيفة أن الجنود وصلوا إلى مكان الطاقم الطبي خلال عدة ثواني وأطلقوا النار عليهم طوال ثلاث دقائق ونصف الدقيقة دون توقف. واستبدلوا مخازن الرصاص واستمروا في إطلاق النار “حتى عندما اتضح عدم إطلاق نار من الجانب الآخر وفي موازاة صرخات أفراد الإنقاذ الذين حاولوا تعريف أنفسهم. وحاول بعض أفراد الإنقاذ الفرار إلى منطقة مفتوحة، لكن في نهاية الثلاث دقائق ونصف الدقيقة من إطلاق نار مكثف من مسافة قصيرة، قُتل 12 منهم”.
ورغم اعتراف الجيش الإسرائيلي، بعد تحقيقه، بـ”خطأ جنوده” في إطلاق النار ومقتل أفراد طواقم الإنقاذ الفلسطينيين، إلا أنه تقرر اتخاذ إجراءات متساهل للغاية ضد الجنود، وبينها تسجيل ملاحظة في ملف قائد اللواء 14، وإقصاء نائب سرية “غولاني” عن منصبه بسبب مسؤوليته كقائد ميداني للقوة والإفادة بتقرير كاذب لطاقم التحقيق.