تحقيقات وتقارير

إسرائيل تراقب بقلق: محاولات «التفخيخ» جارية

إسرائيل تراقب بقلق: محاولات «التفخيخ» جارية

ريم هاني

ريم هاني

قبيل انعقاد الجولة الجديدة من المفاوضات الإيرانية – الأميركية في روما، توحي المواقف الصادرة عن كلا الطرفين بأنّ الطريق أمام التوصل إلى أي اتفاق شامل لا يزال طويلاً ومعقّداً، وهو ما دفع بطهران إلى طرح إمكانية التوصل إلى اتفاق نووي «انتقالي»، وفق ما أفاد به، أخيراً، موقع «أكسيوس» الأميركي. وفي التفاصيل، أبلغ وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، مبعوث البيت الأبيض، ستيف ويتكوف، بأنّه قد يكون «من غير الممكن الوفاء بالموعد النهائي الممتدّ على شهرين، والذي حدّده الرئيس الأميركي، دونالد ترامب»، فيما سيتيح الاتفاق الانتقالي، طبقاً لعراقجي، إمكانية استكمال المفاوضات «الأكثر تعقيداً».

ومن جهته، قال ويتكوف للوزير الإيراني إنه يريد التركيز على التوصل إلى اتفاق شامل في غضون 60 يوماً، مشيراً، في المقابل، إلى أنّه «قد يعيد النظر في فكرة التوصل إلى اتفاق مؤقت، إذا لزم الأمر، لدى الاقتراب من الموعد النهائي لإبرام الصفقة».

ولم ينفِ وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، بدوره، خلال مقابلة إذاعية نُشرت الأربعاء، حقيقة أنّ طهران وواشنطن لا تزالان «بعيدتين كل البعد عن التوصل إلى أي اتفاق»، معتبراً أنّ «ذلك قد لا يكون ممكناً» حتى، وإن كانت واشنطن تفضّل «التوصل إلى حل سلمي، وعدم اللجوء إلى أي خيار آخر». كما لفت روبيو إلى أنّه «في حال كانت إيران تريد برنامجاً نووياً مدنياً، فبإمكانها الحصول عليه»، إنّما على غرار «سائر الدول»، أي من خلال استيراد الوقود النووي من الخارج. وفي حين أنّ طرح روبيو الجديد يتعارض مع ما كان قد أعلن عنه مستشار الأمن القومي مايك ولتز، الشهر الماضي، والذي طالب بـ«تفكيك برنامج إيران النووي بالكامل»، إلا أنّ العديد من الخبراء يرجّحون أنه سيكون من الصعب تمرير مقترح وزير الخارجية، نظراً إلى أنّه سيجعل إيران تعتمد على مصادر خارجية للحصول على الوقود النووي، وهو ما ستعارضه الأخيرة.

وتأتي تصريحات المسؤول الأميركي في خضمّ استمرار المعركة الداخلية داخل إدارة ترامب حول المقاربة التي يجب اتّباعها إزاء طهران. وطبقاً لما أفادت به صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، فقد تمّ «احتواء الصراع الداخلي في المرحلة الراهنة»، في سبيل استمرار المفاوضات السلمية. وتنقل الصحيفة عن مسؤولين أميركيين ومصادر أخرى قولهم إن والتز وروبيو هما من بين مسؤولين عديدين يفضّلون «العمل عسكرياً على تدمير قدرات إيران المحتملة في مجال الأسلحة النووية»، وهو ما ينسحب أيضاً على أصوات متشدّدة أخرى، والمانحين اليمينيين المتشددين المؤيّدين لإسرائيل.

محاولات «تخريب»

وفي إطار المساعي الإسرائيلية المستمرة لتخريب المفاوضات، لصالح اللجوء إلى خيار عسكري، دأبت وسائل الإعلام العبرية، قبيل لقاء روما، على الترويج لكون إسرائيل تعتقد بأن المفاوضات التي أمر ترامب ببدئها مع إيران، أصبحت «متقدّمة للغاية»، فيما لا تشارك واشنطن، تل أبيب، المعلومات الكافية بشأن قضايا محددة رئيسية بخصوصها. وخلال محادثتهما الهاتفية الثلاثاء، أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ترامب، بأنّه لا يستبعد الخيار الدبلوماسي، بشرط أن يمحو أي اتفاق قادم «أي أثر للبرنامج النووي الإيراني». وفي اجتماع عُقد خلال الأسابيع الماضية، اقترح وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، بدوره، على والتز ومسؤولين أميركيين آخرين استخدام القنابل الخارقة للتحصينات بزنة 30 ألف رطل لمهاجمة إيران، قبل أن يخرج «محبطاً» من اللقاء، عقب رفض الإدارة الأميركية دعم مقترحه.

اعتبر روبيو أن طهران وواشنطن لا تزالان «بعيدتيْن كل البعد» عن التوصل إلى أي اتفاق

ووسط استمرار المساعي الإسرائيلية لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، وهي مهمة تزداد صعوبة مع مرور الوقت، على خلفية العدوان المستمر على قطاع غزة، يحذّر مسؤول إسرائيلي مطّلع على المساعي الدبلوماسية الإسرائيلية في المنطقة، في حديث إلى صحيفة «واشنطن بوست»، من أنّ قرار إدارة ترامب هذا الشهر مواصلة المحادثات مع إيران قد «يعقّد جهود التوصل إلى اتفاق بين تل أبيب والرياض، ولا سيما في حال أدّى ذلك إلى إضعاف موقف واشنطن ضد طهران» أو «التساهل» مع الأخيرة.

وبرّر المصدر نفسه موقفه بالقول إنّه «كي توافق السعودية على تطبيع علاقتها مع إسرائيل، فهي تحتاج إلى ضمانات أميركية» تتعلق بحماية أمنها. على أنّ الصحيفة نفسها نقلت عن عزيز الغاشيان، الباحث السعودي في العلاقات السعودية – الإسرائيلية، قوله إنه حتى لو كان يُنظر إلى رون ديرمر – الذي يقود الجهود الإسرائيلية – على أنه «دبلوماسي ماهر ومميز، إلا أنّه مقيّد أيضاً بنتنياهو، الذي يخاطر بجعل إسرائيل منبوذة إلى الأبد».

بالتوازي مع ذلك، يروّج بعض المراقبين لكون الحل الأنسب للتعامل مع التهديد الإيراني، في الوقت الراهن، لا يكمن في التوصل إلى اتفاق جديد، ولا حتى في شنّ هجوم عسكري، نظراً إلى أنّ كلا الخيارين سيساهمان في «تقوية» موقع إيران. وفي ما يتعلق بالخيار العسكري تحديداً، يشير تقرير نشرته مجلة «فورين أفيرز» إلى أنّ العمليات العسكرية، ولا سيما من جانب الولايات المتحدة، «من المرجّح أن تلحق ضرراً كبيراً بالبرنامج النووي الإيراني وتعيده إلى الوراء، وهو أمر جيد»، إلا أنّه نظراً إلى قلة المعلومات التي تمتلكها واشنطن بشأن مستوى التطور النووي الإيراني، فسوف يكون من الصعب معرفة حجم الضرر الذي قد تسببه القنابل الأميركية، «وما سيتبقّى لطهران من البرنامج».

كذلك، وفي حال كانت أجزاء كبيرة من مواقع الأبحاث النووية الإيرانية مخفيّة ومدفونة تحت الأرض، وبالتالي، بعيدة عن متناول الأسلحة الأميركية، فمن المرجّح أن تشجّع الضربة الأميركية النظام على «تسليح نفسه وتسريع جهوده النووية»، فيما قد تجد الأطراف «المعارضة له في الداخل» نفسها في موقف «صعب»، في حال اضطرت طهران إلى الرد على الاعتداءات، طبقاً للمصدر نفسه. وعليه، يرى أصحاب الرأي المتقدّم أن الحل الأمثل يكمن في «الإبقاء على العقوبات المفروضة على إيران، ومنع النظام ووكلائه من زعزعة استقرار المنطقة، والردّ عليهم عندما يحاولون ذلك، فضلاً عن تقديم الدعم المعنوي للمعارضة الإيرانية».

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب