رواية «صيد العصاري» … محنة الضحايا التي لا تنتهي

رواية «صيد العصاري» … محنة الضحايا التي لا تنتهي
«لكم تأملت في الليالي، بعد هدوء قصف المدافع، كلمات صلاة الإيمان، ووقفت عند (لا فناء لملكه)، لا فناء لملك الله، إذن ما الذي أُفني، بالقصف اليومي لمئة يوم ويوم، أليست هذه ثمار تعب وعرق أبناء الله، لماذا لم يحمِ الله أبناءه، وتركهم يواجهون مصيرهم. تقود المحن العظيمة يا بشير إلى أسئلة قد توصلنا إلى الكفر. من يحمي حلب إذن، من يحمي أهلها؟». (صيد العصاري)
يواصل الكاتب السوري عزيز تبسي، البحث في التاريخ السوري، خاصة مدينته حلب ـ من مواليد حلب 1962 ـ وهو ما ينتهجه في روايتيه السابقتين «أطباق المشمش» 2022 مستعرضاً التاريخ السوري في سبعينيات القرن الفائت، حيث الجو المخابراتي والقبضة الأمنية للنظام السابق، وأثر ذلك على حياة عائلة سورية. وقبلها رواية «روائح عنبرية» 2018 مترصداً حياة أهل حلب وتقلباتهم، خاصة بعد جفاف نهر (قويق) مصدر الحياة بالنسبة لهم. وهنا في روايته «صيد العصاري» الصادرة مؤخراً عن مؤسسة ميسلون للثقافة والترجمة والنشر، حيث يعود تبسي إلى سوريا/حلب القرن التاسع عشر، لتصبح ضفة نهر (قويق) هي نقطة الانطلاق، وهو المكان الذي جمع بين المعلم (بشير) وتلميذه (سليمان)، الذي سيسافر برفقة قافلة تجارية إلى بغداد، يروي فيها المعلم بشير قصة حياته، التي تتسلسل بمتواليات على ضفاف النهر وعلى تخوم بساتينه، تاريخه ومشاغله وهمومه الشخصية والعائلية بالتوازي مع تاريخ المدينة في ثورتها على الوالي العثماني خورشيد باشا بلحظات صعودها وإخفاقها، وفترة دخول جيش إبراهيم باشا، والمذبحة التي تعرض لها مسيحيو حلب وحرق كنائسهم. فمدينة حلب هنا وتاريخها وحوادثها تمثل الكثير من المدن العربية التي عانت من ويلات السلطة والغزو والحروب، فمهما تغيّر الزمن فالضحايا لا يختلفون.