اتفاق هجين بين دمشق والسويداء | إسرائيل تضرب في العاصمة: هذه “مطالبنا”

اتفاق هجين بين دمشق والسويداء | إسرائيل تضرب في العاصمة: هذه “مطالبنا”
بالتزامن مع محاولات عقد اتفاق مع أهالي السويداء ووجهائها، للتخفيف من حدّة الاحتقان الذي تسبّب به هجوم فصائل متشدّدة على أهالي المحافظة، وعلى صحنايا وجرمانا في ريف دمشق، شنّت إسرائيل اعتداءً استهدف محيط القصر الرئاسي، حيث يقطن الرئيس السوري، أحمد الشرع، في ما يظهر إصرارها على مزيد من التدخل في الملف السوري، تحت ذريعة “حماية الدروز”. وتخلّل العدوان الذي سبقه تكثيف غير مسبوق لنشاط المسيّرات الإسرائيلية فوق دمشق، والمنطقة الجنوبية، استهداف لفصائل كانت محتشدة قرب أشرفية صحنايا في ريف دمشق، بدعوى “إجهاض هجوم للمسلحين المتشدّدين”، ليتبعه استعراض إسرائيلي بالعدوان، والرسائل التي يحملها.
وتعليقاً على ذلك، دانت الرئاسة السورية الهجوم، الذي قالت إنه “يشكّل تصعيداً خطيراً ضدّ مؤسسات الدولة وسيادتها، ويعكس استمرار الحركات المتهوّرة التي تسعى إلى زعزعة استقرار البلاد وتفاقم الأزمات الأمنية، ويستهدف الأمن الوطني ووحدة الشعب السوري”، مطالبةً “المجتمع الدولي والدول العربية بالوقوف إلى جانب سوريا في مواجهة هذه الاعتداءات العدوانية”.
كذلك، أعلنت كلّ من قطر والسعودية، في بيانَين منفصلَين، إدانتهما للاعتداء؛ وجددت المملكة “رفضها القاطع للاعتداءات الإسرائيلية التي تستهدف سيادة سوريا وأمنها واستقرارها”، في حين عدّت المندوبة الدائمة لقطر لدى الأمم المتحدة، علياء أحمد بن سيف آل ثاني، الغارات الإسرائيلية على سوريا “اعتداءً صارخاً على سيادة سوريا ووحدتها، وانتهاكاً سافراً للقانون الدولي”، داعية المجتمع الدولي إلى “تحركٍ عاجلٍ يلزم إسرائيل بامتثال قوانين والأعراف الدولية، ووقف الاعتداءات المتكرّرة على الأراضي السورية”.
ثمّة حالة تحريض طائفي منفجرة في الشارع السوري، يمكن التماس أثرها عبر وسائل الإعلام الموالية للسلطة
وممّا بدا لافتاً أن هذا العدوان حصل بعد تحميل وجهاء ومشائخ عقل السويداء، في بيان مقتضب، السلطات، مسؤولية حماية المحافظة وجميع مكونات الشعب السوري، ومطالبتهم بتفعيل دور الضابطة العدلية، ووزارة الداخلية، ليتبع ذلك إعلان عن اتفاق بين محافظ السويداء والوجهاء، على انضمام مقاتلين من أبناء المدينة إلى كوادر “الأمن العام” بهدف تنظيم عملية حمايتها. وبدا هذا الاتفاق بمثابة حلّ وسط بين مطالب إقامة فدرالية درزية، ومحاولة السلطات الانتقالية إنشاء نظام حكم مركزي، علماً أنه يتضمن تشكيل لجنة مشتركة من الطرفين لمتابعة أي خروقات محتملة وإحالة المخالفين إلى القضاء.
لكن ملف السويداء، والدروز عموماً، إضافة إلى أنه كشف عن هشاشة مؤسّسات السلطات الانتقالية القائمة، وعجْزها عن احتواء الفصائل المتشدّدة التي يفترض أنها حلّت نفسها وانخرطت في هيكلية وزارة الدفاع الناشئة، حمل في ثناياه دفعةً كبيرة للمشروع الإسرائيلي الذي يهدف إلى فدرلة سوريا، وإنهاء وحدة التراب السوري، الأمر الذي يسرّعه المتشدّدون، السوريون منهم والأجانب، والمنضوون منهم في الأجهزة الأمنية والعسكرية وغير المنضوين، والراغبون في القضاء على الطوائف السورية غير السنيّة، بذريعة أنهم “فلول” تارة (كما حدث في الساحل والمنطقة الوسطى حيث لا تزال الانتهاكات مستمرة)، أو يتطاولون على النبي محمد تارةً أخرى (كما حدث بالنسبة إلى الدروز بعد انتشار تسجيل صوتي مجهول).
وفي موازاة استمرار سفك الدماء مع تواصل هجمات الفصائل المتشدّدة على أطراف السويداء، وقيامها بعمليات اغتيال وانتهاكات في جرمانا وصحنايا، ثمّة حالة تحريض طائفي منفجرة في الشارع، يمكن التماس أثرها عبر وسائل الإعلام الموالية للسلطة الانتقالية، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. ويرسّخ ما تقدَّم، حالة التقسيم التي ترغب فيها إسرائيل، الرابح الأكبر من الحرب السورية، منذ اندلاعها في العام 2011، في ظلّ تصاعد حالة الغليان في الجنوب، وتتابع الانتهاكات وعمليات القتل على خلفية طائفية في الساحل وفي وسط البلاد (حمص وحماة)، حيث تجري بشكل يومي حوادث خطف وإعدام، بعيداً من وسائل الإعلام، المنشغلة بملفّ السويداء المستجد.