هجوم على سفينة مدنية في المياه الدولية.. هل سيكسر العالم صمته تجاه الاعتداءات الإسرائيلية على نشطاء الإغاثة الإنسانية؟

هجوم على سفينة مدنية في المياه الدولية.. هل سيكسر العالم صمته تجاه الاعتداءات الإسرائيلية على نشطاء الإغاثة الإنسانية؟
رائد صالحة
واشنطن- في الساعات الأولى من فجر يوم 2 مايو/ أيار الجاري، تحطم صمت الليل على متن السفينة “الضمير”، وهي سفينة مدنية كانت راسية في المياه الدولية على بُعد 17 كيلومترًا من سواحل مالطا. كان على متنها 18 من الركّاب وأفراد الطاقم، استيقظوا مذعورين على دوي انفجارين، ليتصاعد الدخان واللهب في الأجواء. وتقول شهادات الطاقم إن السفينة تعرّضت لهجوم بواسطة طائرات مسيّرة.
ميديا بنجامين: “تدين الولايات المتحدة جماعة الحوثي بسبب اعتراضها لسفن تنقل الأسلحة إلى إسرائيل، وتردّ على ذلك بقصف اليمن بلا رحمة، فهل ستدين إسرائيل حين تهاجم سفينة سلمية في مهمة إنسانية إلى غزة؟”
في اليوم نفسه، كان من المقرر أن يلتحق بالسفينة ركّاب آخرون من 21 دولة، ينتظرون في مالطا الانضمام إلى الرحلة. من بين هؤلاء كانت الناشطة البيئية السويدية الشهيرة غريتا ثونبرغ، والعقيد المتقاعد في الجيش الأمريكي آن رايت، والناشط المخضرم في منظمة كود بينك، تايغ باري.
وسفينة الضمير هي جزء من “تحالف أسطول الحرية”، وهو شبكة دولية من النشطاء الذين يعملون منذ عام 2008 على كسر الحصار البحري الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة.
وفي هذا السياق، قالت ميديا بنجامين، الكاتبة والناشطة الأمريكية البارزة، والمؤسسة المشاركة لمنظمتي “التبادل العالمي” و”كود بينك: نساء من أجل السلام”: “تدين الولايات المتحدة جماعة الحوثي بسبب اعتراضها لسفن تنقل الأسلحة إلى إسرائيل، وتردّ على ذلك بقصف اليمن بلا رحمة، فهل ستدين إسرائيل حين تهاجم سفينة سلمية في مهمة إنسانية إلى غزة؟”.
بنجامين: سفينة الضمير لم تكن تحمل أسلحة، ولم تشكل أي تهديد. جريمتها الوحيدة أنها تجرّأت على تحدّي حصار ووحشية وصفتها الأمم المتحدة نفسها بأنها غير قانونية وغير إنسانية. هذا ما تخشاه إسرائيل، ليس السفينة بحدّ ذاتها، بل التضامن العالمي الذي تمثّله
وقد وجّه التحالف المنظّم للرحلة اتهامًا مباشرًا لإسرائيل بالوقوف وراء الهجوم، وهو ما دعمته شبكة “سي إن إن” من خلال تحقيق استقصائي. ووفقًا للبيانات التي حصلت عليها الشبكة من موقع “ADS-B Exchange” المختص بتتبع حركة الطائرات، فقد أقلعت طائرة نقل عسكرية إسرائيلية من طراز C-130 هيركوليس بعد ظهر الخميس، وحلّقت على ارتفاع منخفض فوق شرق مالطا لفترة مطوّلة، قبل أن تعود إلى إسرائيل بعد نحو سبع ساعات. وقد رفض الجيش الإسرائيلي التعليق على هذه البيانات.
ورغم الأضرار الجسيمة التي لحقت بالسفينة، لم يُصب أي من ركّابها بأذى. وهو ما يختلف عن الهجوم الدموي الذي وقع قبل 15 عامًا على سفينة مافي مرمرة التركية، حين اقتحمتها القوات الخاصة الإسرائيلية في المياه الدولية بتاريخ 31 مايو/ أيار 2010، وقتلت عشرة أشخاص وأصابت العشرات، رغم أن السفينة كانت تقلّ أكثر من 500 ناشط ومساعدات إنسانية. حينها، تعرّضت إسرائيل لانتقادات دولية واسعة، وصدرت دعوات لتحقيق دولي، إلا أن تل أبيب تجاهلتها جميعًا.
وقد ظهر إسماعيل بهشتي، أحد منظّمي أسطول هذا العام، وهو نجل أحد ضحايا مجزرة 2010، في مقاطع فيديو انتشرت بعد الضربة الأخيرة، يتجوّل داخل السفينة المتضررة، وهو يندد بما وصفه بأنه “اعتداء إسرائيلي جديد على المدنيين في مهمة إنسانية”، مؤكدًا أن ما جرى “يمثّل استمرارًا لنهج العدوان ضد من يسعون لفك الحصار عن غزة.”
تايغ باري: منذ 8 أكتوبر 2023، وإسرائيل تنتهك القانون الدولي بشكل ممنهج، من قصف الأحياء المدنية إلى استخدام التجويع كسلاح عبر منع دخول الطعام إلى غزة، وهذا الهجوم ليس إلا مثالًا إضافيًا على الإفلات من العقاب
أما الناشط تايغ باري، فتساءل في تصريح أدلى به من ميناء مالطا: “كيف يمكن لإسرائيل أن تهاجم سفينة مدنية في المياه الدولية دون أن تُحاسب؟”، وأضاف: “منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وإسرائيل تنتهك القانون الدولي بشكل ممنهج، من قصف الأحياء المدنية إلى استخدام التجويع كسلاح عبر منع دخول الطعام إلى غزة، وهذا الهجوم ليس إلا مثالًا إضافيًا على الإفلات من العقاب.” وتابع قائلًا: “أين الغضب العالمي؟ الولايات المتحدة تدين الحوثيين لقصفهم سفنًا تحمل أسلحة لإسرائيل، وتشنّ غارات على اليمن… لكن هل ستدين هجومًا إسرائيليًا على سفينة سلمية تحمل مساعدات إنسانية؟”.
وطالب منظّمو أسطول الحرية ومنظمات مثل “كود بينك” الحكومات والهيئات الدولية بكسر صمتها واتخاذ إجراءات ملموسة.
وقالت ميديا بنجامين: “سفينة الضمير لم تكن تحمل أسلحة، ولم تشكل أي تهديد. جريمتها الوحيدة أنها تجرّأت على تحدّي حصار ووحشية وصفتها الأمم المتحدة نفسها بأنها غير قانونية وغير إنسانية. هذا ما تخشاه إسرائيل، ليس السفينة بحدّ ذاتها، بل التضامن العالمي الذي تمثّله”، مضيفة: “فهل سيتحدث العالم عن هذا الاعتداء الأخير؟ أم أن صوت الضمير سيغرق مرة أخرى في أعماق النسيان؟”.
“القدس العربي”: