مايك والتز خارج الإدارة: ترامب يمهّد لـ«تطهير» أوسع؟

مايك والتز خارج الإدارة: ترامب يمهّد لـ«تطهير» أوسع؟
منذ الساعات الأولى التي تلت فضيحة «سيغنال غايت»، أصبح مصير مستشار الأمن القومي الأميركي، مايك والتز، محطّ تساؤلات كثيرة، ولا سيما أنّ مسؤولية إضافة رئيس تحرير مجلة «ذي أتلانتيك» الأميركية إلى مجموعة الدردشة، والتي بحث عبرها مسؤولون كبار من الإدارة الأميركية خططاً تفصيلية للهجوم على اليمن، أُلقيت، في وقت لاحق، على عاتقه. على أنّ الفضيحة المشار إليها لم تفعل، على ما يبدو، أكثر من «تسريع» مغادرة والتز، الذي كان يقف على «قمة جبل جليدي رفيع جداً»، على حدّ تعبير أحد المسؤولين الأميركيين آنذاك، نظراً إلى التحديات التي كان يواجهها منذ اليوم الأول لتولّيه منصبه.
وأعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الخميس، إقالة والتز ونائبه أليكس وونغ من منصبهما، على أن يتولى وزير الخارجية، ماركو روبيو، مهام مستشار الأمن القومي بالوكالة عنه خلال الفترة الانتقالية، فيما أفادت صحيفة «بوليتيكو»، نقلاً عن مصادر مطّلعة، بأنّ المبعوث الخاص لترامب، ستيف ويتكوف، الذي يشرف على المفاوضات مع روسيا وإيران و«حماس» في غزة، هو من بين الخيارات الأكثر ترجيحاً لتولّي المنصب.
وعلى الرغم من أنّ والتز سيشغل منصب سفير بلاده لدى «الأمم المتحدة»، فإنّ ذلك الدور يعني، طبقاً لمراقبين، فقدان «النفوذ» في المناقشات التي تجري داخل البيت الأبيض. وعقب إقالة مستشار الأمن القومي، تأكّد، بالنسبة إلى المراقبين المطّلعين على «المناوشات» الداخلية في البيت الأبيض، أنّ مغادرة الرجل لمنصبه كانت «مسألة وقت فقط».
وفي هذا السياق، تفيد صحيفة «بوليتيكو» الأميركية بأنّه على الرغم من أنّ فضيحة «سيغنال غايت» شكّلت نقطة تحوّل بالنسبة إلى والتز، إلا أنّ سقوطه كان قد «بدأ قبل أن يضيف عن طريق الخطأ صحافياً إلى محادثة خاصة»، ولا سيما أنّ كبار المسؤولين في الإدارة كانوا «منزعجين من نهجه»، وبعضهم اعتبره «مغروراً» لأنّه كان «موظفاً يتصرف كالمدير»، طبقاً لأحد المسؤولين الأميركيين. ويرجّح البعض أنّ السبب «الأعمق» خلف إقالته وعدداً من المحيطين به، هو تبنّيه سياسات «شرسة» إزاء إيران وروسيا والصين، في وقت تحاول فيه الإدارة الأميركية شقّ مسار دبلوماسي مع تلك البلدان. كما أنّ والتز شكّل هدفاً لجناح تاكر كارلسون ودونالد ترامب جونيور طوال الفترة الماضية، فيما تحدّثت مصادر أيضاً عن أنّه «اشتبك» مع رئيسة الأركان، سوزي ويلز.
وعلى الضفة المقابلة، وعلى الرغم من مشاركته في تسريب المعلومات على مجموعة الدردشة، لا يزال وزير الدفاع، بيت هيغسيث، في منصبه، الأمر الذي يرجعه مراقبون إلى كون الأخير قد حظي بدعم البيت الأبيض أكثر من والتز، فضلاً عن أنّ إقالته تتطلب موافقة مجلس الشيوخ، وهو ما لا ينسحب على منصب مستشار الأمن القومي. وفي هذا الإطار، تنقل صحيفة «بوليتيكو» عن أحد المصادر المطّلعة قوله: «أعلم أن بيت لديه أصدقاء في (الجناح الغربي) أكثر بكثير من مايك». أمّا السبب الكامن خلف «التأنّي» في إقالة والتز، على الرغم من مرور أشهر على فضيحة «سيغنال غايت»، فهو أنّ ترامب يرى في وسائل الإعلام، بما فيها مجلة «ذي أتلانتيك«، عدواً شرساً، ولم يرغب، بالتالي، في منح مدير تحريرها، جيفري غولدبرغ، صورة «انتصار» من خلال إقالة والتز فوراً.
وفي مؤشر إضافي إلى أنّ والتز وفريقه كانا مستهدفيْن منذ مدة ليست بقصيرة، استنفدت عملية «تطهير» لموظفي الأمن القومي، في أوائل نيسان، موظفي الرجل، ما جعله في موقف «ضعيف».
وفي خضمّ سلسلة الاستقالات الأخيرة، عاد اسم «المحرّضة اليمينية المتطرفة وصاحبة نظريات المؤامرة»، لورا لومر ليبرز، إلى الواجهة بشكل كبير، ولا سيما أنّ الأخيرة تحظى، منذ اللحظة الأولى، باهتمام ترامب، وتؤثّر، على ما يبدو، بشكل حاسم في قراراته؛ إذ أفادت صحيفة «نيويورك تايمز»، بالتزامن مع تصاعد وتيرة الإقالات في الأول من نيسان، بأنّ «السيدة لومر جلست في المكتب البيضاوي وهي تحمل مجموعة من الأوراق التي تتضمّن سلسلة من الاتهامات الملصقة بأعضاء مجلس الأمن القومي (غير المخلصين) بما فيه الكفاية لجناح (ماغا)»، على حدّ تقييمها، بينما لم يستطع والتز الذي وصل، آنذاك، متأخراً، سوى مشاهدتها وهي تهاجم موظفيه. وعقب الاجتماع، أمر ترامب، بالفعل، بطرد عدد من الموظفين من «مجلس الأمن القومي».
وأخيراً، وبعد دقائق من الإعلان عن إقالة والتز، كانت لومر من بين الذين أشادوا بخطوة الرئيس، ولا سيما أنّها كانت قد سعّرت من انتقاداتها لوالتز عقب فضيحة تطبيق «سيغنال»، معربةً في منشور عبر «أكس»، عن أملها في رؤية المزيد من الأشخاص يغادرون. وفي وقت سابق، كانت لومر قد اتّهمت وونغ، نائب والتز، بأنه على ارتباط بـ«الحزب الشيوعي الصيني».
واللافت، أنّ العديد من المصادر الأميركية التي تحدّثت إلى وسائل الإعلام عقب عمليات الطرد الأخيرة، أفادت بأنّه «بعد أشهر من ضبط النفس النسبي، يبدو أن ترامب بات مستعداً لطرد مسؤولين آخرين»، بدءاً من «الأسبوع المقبل». وداخل «الجناح الغربي»، بدأ بعض مساعدي الرئيس يشيرون إلى التغييرات المحتملة باسم «The Purge»، أي «التطهير»، متوقّعين عمليات طرد جماعية في وقت واحد، بدلاً من القيام بذلك على «مراحل».