«سبايدرمان» الصغير انتصر على الشرير!

«سبايدرمان» الصغير انتصر على الشرير!
عند متابعتنا لمسلسل «لام شمسية» (إﺧﺮاﺝ: كريم الشناوي ــ ﺗﺄﻟﻴﻒ: مريم نعوم) في شهر رمضان الفائت، كنا أمام مشهدية الصدمة رغم أن الجميع يعي أنّ هناك جرائم تحرش تحصل بحق الطفولة.
جزء كبير من المتابعين بحسب ردود الأفعال التي شوهدت على مواقع التواصل الاجتماعي، قال إنّ حكم المؤبد ضروري للمتحرش، ولكنّ هناك شكوكاً حول تطبيقه.
ولم يكد الجمهور يستوعب النهاية المؤثرة حتى تحولت إلى واقع في محافظة البحيرة (شمال القاهرة) في مصر.
وكان المسلسل بمنزلة توعية شاملة للأهل قبل الأطفال عن التحرش، وساعد الناس في استيعاب قضايا التحرش بالأطفال وجعلها تتعاطف مع الضحية علناً بعدما كان الموضوع يشكل «تابو» في المجتمعات العربية، خصوصاً المصرية.
المشهد بعد النطق بالحكم كالآتي: طفل يرتدي زي «سبايدرمان» وقناعه يشير بيده إلى علامة النصر، وبجانبه والدته التي رفضت السكوت عن حق ولدها تبكي وتشير بالنصر إلى الأطفال الذين وقفوا خارج المحكمة ليساندوا ياسين، ويؤكدوا له أنه بطل.
ليس غريباً أن تنتشر جرائم البيدوفيليا إلى العلن بعد انتهاء عرض المسلسل، فقصة الطفل ياسين أكدت للجميع أن جرائم تحرش ليست جديدة حصلت بحق أطفال عدة، ولكن ظهرت إلى العلن بعد انتهاء عرض المسلسل مثل قصة الطفلة التي تم التحرش بها من قبل رجل دين في المسجد وصولاً إلى جريمة التحرش بالطفل ياسين.
في الثلاثين من نيسان (أبريل) الماضي، أصدرت محكمة جنايات مصر حكماً بالسجن المؤبد على المتهم ص.ك (79 عاماً) وهو مراقب مالي في إحدى المدارس الخاصة في مصر بعد إدانته بـ «هتك عرض الطفل ياسين»، الذي كان عمره 5 سنوات عند وقوع الجريمة، داخل حضانة المدرسة أثناء الدوام المدرسي. هناك، تعرض الطفل لاعتداءات جنسية وجسدية متكررة، وكان المتهم يهدّد الطفل بقتله هو وعائلته في حال الإفصاح عما يفعله به.
وجاء الحكم في أعقاب استجابة المحكمة لطلبات الدفاع عن الطفل ياسين وتعديل القرار إلى «الاعتداء بالقوة تحت التهديد».
وكانت والدة الطفل ياسين قد ناشدت المحكمة بالسماح لها بالحديث عن معاناة أسرتها بسبب حفظ التحقيق وعدم التعامل مع الشكوى بجدية، قبل أن يُعاد النظر في القضية وتُحال إلى محكمة الجنايات بأمر من النيابة العامة.
والجدير بالذكر أنّ الطفل وصل إلى قاعة المحكمة مرتدياً قناع «سبايدرمان» حفاظاً على خصوصيته. كما التزمت وسائل الإعلام بعدم تصويره هو وأسرته استجابة لطلب الأسرة.
وحُكم بالسجن المؤبد على المتهم الرئيسي في القضية وفقاً لما صرح به محامي عائلة الطفل. حضور ياسين مع عائلته بهذا الزي يعدّ بحسب رأي أهل الاختصاص «نوعاً من التأهيل النفسي، والحفاظ على خصوصية وطفولة ياسين، والتأكيد له بأنّه بطل وصاحب حق وما حصل لا يمكن السكوت عنه، بل مواجهته بكل بطولة، ما يسهم في عملية الشفاء النفسي للطفل».
عدم معرفة الناس لشكل وملامح ياسين جعله رمزاً للقوة لكل طفل تعرض للاعتداءات المماثلة ويعطيه أملاً بأنّ حقه لن يضيع، وأهمية عدم معرفة شكل وجه الطفل أو أي معلومات شخصية عنه منح الأهالي شعوراً بأن ياسين ابن كل عائلة منهم، ما جعل القصة قضية رأي عام.
أما الآن، فهناك بطل يتجول في الأرجاء مرفوع الرأس بعد قضائه على «الشرير». قصة مسلسل «لام شمسية» واقع مرير لمجتمعاتنا العربية إذ تشكل قضايا التحرش بالأطفال «محظورات ومحرمات» يخاف الضحية وأهله التكلم عنها، ما جعل عدداً من الضحايا يستسلمون ويكتمون أصواتهم فأتى المسلسل كصرخة مدوية بوجه الخوف وضد جريمة بحق براءة الطفولة.
السؤال المهم الآن: كم من قضايا تحرش بالأطفال ستكشف بعد؟ وهل كنا فعلاً بحاجة إلى مسلسل صادم لنتجرأ على رؤية واقعنا؟