مقالات
لعبة الأقليات في بلاد الشام* بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق –
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق -

لعبة الأقليات في بلاد الشام*
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين الدياب -استاذ جامعي -دمشق –
الحكم الذي تشكل غداة حركة شباط،الذي عصف بوحدة البناء الاجتماعي السوري،وهيأ البلاد لانقسامات وصراعات،وتفكك الرابطة الوطنية،ماكان لها أن تتوسع دائرتها وتذهب إليه ماذهبت من عنف خلال المرحلة الأسدية،التي دامت نصف قرن ونيّف،لولا الوازع الطائفي، الذي برز في وعي وعقليات،من صنع إنقلاب الثامن من آذار،الذي ارتدى ثوب البعث العربي الاشتراكي،ولو بنسب متفاوتة مابين الثلاثي:محمد عمران،وصلاح جديد،وحافظ الأسد.
وخلال المرحلة الأسدية تم خلط الأوراق بأسلوب ذكي ومتقن بقصد المحافظة على النظام،ضارباً عرض الحائط،ماضي الوحدة الوطنية السورية،وعقدها الاجتماعي،وروح المواطنةالسورية،التي تجلت في برلمان عكس بصدق سلامة الحياة السورية،وتوج الديمقراطية بعدد لا يستهان به من المحددات والعلاقات الاجتماعية والسياسية، التي كانت تظهر بقوة الوحدة الوطنية في المواقف الشعبية الوطنية والقومية،التي تجلت في
مشاهد عدة،أهمها الاجماع الوطني على أخذ القضية الفلسطينية،قضية عربية مصيرية،والموقف من الأحلاف،ممثلابحلف بغداد،ومنع الحكومات السورية الخروج عن إرادة الشعب في أي موقف من المواقف السياسية،وخاصة تلك المتعلقة بالقضايا العربية.
أتيتا بهذه المقدمة لنقول إن التغيير الذي قامت به المجموعات المسلحة في شهر كانون الأول من عام 2024
،بغض النظر عن الأسماء التي حملتها هذه المنظمات،ولاقى التغيير قبولاً شعبياً واسعا،مرفقاً بالحذر،وليس بالالتباس، من هول ممارسات الحقبة الأسدية،اضف إلى ذلك هموم الشعب السوري بتفكيك خلط الأوراق التي لعبها النظام الأسدي.تفكيكاً يعلي من المواطنة السورية،ويقوي نواميسها واهمها قيمة الإنسان العربي السوري،وإنسانيته،ويسرع خطى الوحدة الوطنية،ويحافظ على العقد الاجتماعي الشعبي الذي عرف بقوة الإخاء الاجتماعي،وثقافة المحبة المجتمعية.
وخلال الأيام والأسابيع الأولى من عمر التغيير بدأنا نسمع،إعادة طرح المفاهيم والمصطلحات من العدوانية الأوروبية الغربية-الأمريكية،التي كانت تطرحها في أعقاب نيل سوريا استقلالها،وحجة الاستعمار الفرنسي الذي كان يغطي سياساتهبحجة الخوف على الأقليات.
ان لعبة الأقليات لعبة قديمة جديدة،تعالت صيحاتها،كلما طرح موضوع عقوبات العدوانية الغربية-الأمريكية،بهدف تركيع النظام السوري الحديد،لمخططاته ومشاريعه في الوطن العربي عموماً،وخاصة المشرق العربي.
ولاشك إن النظام الجديد في سوريا،لما حمل في شخصياته من ولاءات وانتماءات دينية إسلامية،زد على ذلك تركيبته المليشياويه،وطريقته الأمنية في تشكيل السلطة السياسية وهيمنة نزعة الانتقاء على اختياراته في انتقاء الوزراء والمحافظين،والشخصيات السيادية العسكرية والأمنية،والتصرفات غير المسؤولة لبعض منظماته،وأفراد من هذا الفصيل وذاك،وخلو العمل السياسي الرسمي من التيار القومي والليبرالي،نعم كل هذا أعطى القوى الخارجية، حجة للدخول في لعبة الأقليات.واللُعبَةُ،كما هو معروف عنها في اللغة العربية،كُلُ مايلعب به،والعدوانية الغربية-الأمريكية المحمولة بهيمنة الصهيونية العالمية،ودولتها القوية،أرادت أن تلعب لعبة”الأقليات الطائفية،في كل مرة يقع الاختراق فيه للبناء الاجتماعي السوري،كما جرى في الساحل،ومن بعد في جرمانا وتوابعها وتصاعدت هذه الحملة،في أعقاب ادعاء الكيان الصهيوني،مؤازرته” للدروز” هذه المآزرة الصهيونية الكاذبة المرفوضة من جبل العرب،بكل مكوناته وقواه الشعبية،رفضاً من منطلق عربي
سوري يعبر عن الوحدة الوطنية السورية،الساكنة في الحياة السورية تاريخياً،فالحياة السورية كما أسلفنا معروفة بقوة وحدتها الوطنية،لإنّ هذه الوحدة مشفوعة بالولاء القومي العربي،وبوازع الوحدة العربية،التي تشكل المشترك لكل مكونات البناء الاجتماعي والسياسي السوري.
وإذا كان لنا أن نخاف،كشعب سوري .يقول من خلال قوة وحدته الوطنية،انه لايوجد لدينا أقليات، بل يوجد لدينا وحدة أهدافنا في التحرر من العدوان الصهيوني الذي نرى جرائمه النارية البشعة في الضفة الغربية وغزّة الجهاد وعلى تراب اليمن العربي،الذي شكل ولاّدة للعروبة،وإذا كان لنا أن نخاف فإننا نخاف من أخطاء النظام الراهن في سوريا المتمثل في عقليته الانتقائية السياسية والعسكرية وسيطرة الوازع الأحاديّ
في الاختيار،وفي التشكيلات التي أقامها،تحت مسميات لاتقنع إلاّ أصحابها في نهاية الأمر ،وحتى نزيل كل التباس رافق التغيير نريد نظاماً سياسياً لكل أبناء المجتمع العربي السوري،أو كما يقول الإعلام لكل السوريين حينها تكون لعبة الأقليات ،لعبة من يريد الشر في سوريا،وفي مقدمتها الصهيونية العالمية،التي تطرح نفسها
بديلا في الدور الحضاري للأمة العربية.ولعبة أذرع هذه الصهيونية،الممثلة في العدوانية الأوربية-الأمريكية.ونريد للمواطنة العربية السورية أن تجمعنا في بوتقة مجتمعية محلاة بثقافة المحبة التي تتحلى بها الشخصية الاجتماعية السورية.
*الحياة السورية ريانة بوحدتها الوطنية ولنتذكرها في فارس الخوري وسلطان باشا الاطرش، وإبراهيم هنانو وصالح العلي وشكري القًوتلي،والأحزاب الوطنية والقومية التي شكلت سكناً لكل أبناء سوريا العربية، وخرجت من بين صفوفها شهداء على الساحة الفلسطينية والعراقية والمصرية والجزائرية،وأسماء لامعة في الفكر القومي الذي شكلٍ إضاءة للنضال العربي.
د-عزالدين حسن الدياب