عربي دولي

هدوء حذر في السويداء: «أزمة الثقة» مع دمشق تتعمّق

هدوء حذر في السويداء: «أزمة الثقة» مع دمشق تتعمّق

عاد الهدوء النسبي ليخيّم على محافظة السويداء، بعد أسبوع من الاشتباكات بين فصائل من أبناء المحافظة من جهة، ومسلحين وصفتهم السلطات بـ«العناصر المنفلتين» وآخرين من قوات «الأمن العام» من جهة أخرى، والتي أسفرت عن سقوط ضحايا ومصابين من الطرفين، في أحداث انسحبت أيضاً على كل من جرمانا وصحنايا وأشرفية صحنايا في ريف دمشق.

وانعكست ملامح الهدوء من خلال عودة حركة الأسواق والتجارة إلى المدينة، جنباً إلى جنب فتح طريق السويداء – دمشق، بعد تأمينه من جانب قوات «الأمن العام» وعدد من فصائل المدينة. كذلك، انتشر عناصر من تلك القوات على الحدود الإدارية الفاصلة بين محافظتي درعا والسويداء، بهدف منع تجدد الهجمات على القرى المتداخلة بين المحافظتين، وخلق طوق أمني في محيطها.

على أنّ الإجراءات المشار إليها لم تمنع وقوع اشتباكات «داخلية» في قرية الدور القريبة من درعا، بين فصيلين من السويداء، أسفرت عن مقتل شخصين وإصابة آخرين، قبل أن تنجح مساعي شيوخ المحافظة ووجهائها في إخماد الاشتباكات ومنع تمدّدها إلى بلدات أخرى. وفي خضمّ التجييش الإعلامي ضدّ أبناء الطائفة الدرزية، استغلّ أكثر من 300 طالب وطالبة، في الجامعات الحكومية والخاصة في حلب وحمص، إعادة فتح طريق دمشق- السويداء، لوقف دراستهم الجامعية والعودة إلى مدنهم وبلداتهم في السويداء، تخوّفاً من أي أعمال انتقامية.

ويؤكد ذوو الطلاب رفضهم عودة أولادهم إلى الكليات الجامعية في بقية المحافظات، قبل تلقّي وعود صارمة بضمان سلامتهم وعدم الاعتداء عليهم، ومنع تكرار حادثة الاعتداء على طلاب السويداء في محافظة حمص، التي وقعت الأسبوع الفائت، على خلفية التسجيل المسيء إلى النبي محمد.

وفي هذا السياق، نقلت «شبكة السويداء 24» المحلية عن أحد الطلاب قوله: «نأسف أن نترك مقاعدنا الدراسية بسبب العنف الطائفي. لم نستوعب بعد أي كارثة حلّت على بلدنا»، مردفاً: «كنا ننتظر موقفاً حازماً من الدولة ضد هذه الاعتداءات، إلا أنّها كانت للأسف منحازة إلى الأطراف التي اعتدت علينا في الجامعات». ويلفت الطالب إلى أنّ «حرمان الطلاب من تعليمهم غير مبرّر على الإطلاق»، مشيراً إلى أنّ «صمت وزارة التعليم ووزارة الداخلية إزاء هذه الأحداث، جعل الطلاب يشعرون بخطر أكبر على حياتهم وعلى مستقبلهم»، مؤكّداً أنّه لن يعود إلى الدراسة «من دون أن يشعر بالأمان».

كذلك، انتشرت، على مواقع التواصل الاجتماعي، رسالة باسم طلاب محافظة السويداء، موجّهة إلى وزارة التعليم وإدارات الجامعات والشخصيات الاجتماعية والدينية، تدعوهم فيها إلى اتخاذ «قرارات صارمة» لحماية الطلاب والسماح لهم باستئناف دراستهم وتعويضهم عن المواد التي حُرموا من تقديمها.

عاد أكثر من 300 طالب وطالبة إلى السويداء خوفاً من الأعمال الانتقامية

وبصورة أعم، وعلى الرغم من المناخ الإيجابي الذي تشهده السويداء، مع استعداد شيوخ المحافظة ووجهائها لتطبيق آلية ضمّ أبنائها إلى صفوف «الأمن العام»، وتفعيل شرطة محلية مؤلّفة من أبناء السويداء حصراً، إلا أن القلق والحذر لا يزالان سيدَي الموقف، وسط مخاوف من تجدد الهجمات على قرى وبلدات في المحافظة. وفي هذا الإطار، تؤكد مصادر مطّلعة، لـ«الأخبار»، أنّ «الفصائل المحلية في السويداء، والمدعومة من متطوعين من أبناء المحافظة، لا تزال في حالة استنفار يومية، استعداداً لأي طارئ يمس أيّ مدينة أو قرية فيها»، مشيرة إلى أنّ «هواجس الاعتداءات الوحشية والإبادة حاضرة في أذهان أبناء السويداء، وسط مخاوف من تكرار مجازر الساحل على أيدي جماعات متطرفة قد تنفلت تجاه المحافظة بأي لحظة، خاصة بعد الجرائم التي ارتُكبت في أشرفية صحنايا، ذات الغالبية الدرزية».

وتضيف المصادر أنّ «مشايخ العقل استفادوا، على الأرجح، من تجربة أهل الساحل المريرة، ما جعلهم يتمسكون بعدم تسليم السلاح وتنظيمه، أو القبول بأي حماية للمحافظة إلا من قبل أبنائها»، وسط حالة «إجماع أهلي عامة» على رفض التدخلات الإسرائيلية أو التعاون مع العدو.

وتحظى بنود الاتفاق الذي أعلن عنه شيوخ العقل الثلاثة بتأييد غالبية أبناء المحافظة، «وهي تهدف إلى حقن الدماء، ونقض حملات التضليل ضد السويداء وأهلها»، طبقاً للمصادر نفسها، التي تتابع أنّ «التطبيق الصحيح لبنود الاتفاق سيضمن استقرار المحافظة، وتبديد هواجس أبنائها تدريجياً». لكنها تحذّر من «محاولات لزرع الفتنة تعمل عليها بعض الجهات، لخلق صراعات داخلية بين الفصائل العسكرية من أبناء المحافظة، بهدف إضعافها»، معتبرة أنّ «حالة التلاحم التي تعيشها السويداء، ستمضي بها نحو الأمان، إلى حين تشكيل دولة قادرة على إدارة شؤون البلاد وتوحيدها بعيداً عن التطرف، وعلى أساس المواطنة والعدالة».

الاخبار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب