تحقيقات وتقارير

المحامية سلام ارشيد: هدف “قانون الجمعيات” تكميم الأفواه المدافعة عن الفلسطينيين

المحامية سلام ارشيد: هدف “قانون الجمعيات” تكميم الأفواه المدافعة عن الفلسطينيين

 

قالت المحامية في مركز “عدالة”، سلام ارشيد، إنه “في حال تشريع القانون بصيغته الحالية فسيكون له تأثير كبير على دور منظمات المجتمع المدني، وستضطر الجمعيات إلى تقليص عملها وحتى بعضها سيضطر للإغلاق”.

يسعى الائتلاف الحاكم وحزب الليكود إلى خنق الحريات وتكميم الأفواه المعارضة للاحتلال الإسرائيلي، وتلك التي لا تغرد في تيار التحريض اليميني المتطرف، إذ قدم عضو الكنيست أريئيل كيلنر مقترح “مشروع قانون الجمعيات (تعديل – التبرعات من كيان دولي أجنبي)، لسنة 2024″، المعروف باسم “قانون الضرائب على المنظمات غير الحكومية”.

وينص مشروع القانون، الذي أُقرّ بالقراءة التمهيدية في الكنيست في شباط/ فبراير 2025 ويجري حاليًا الإعداد لعرضه للقراءة الأولى، على فرض ضريبة بنسبة 80% على أي تبرّع تتلقّاه منظمة غير حكومية من كيان دولاني أجنبي.

ويتضمّن مشروع القانون بعض الاستثناءات، من بينها المنظمات التي تحصل على تمويل من دولة إسرائيل، أو التي تتلقّى إعفاءً خاصًا من وزير المالية بتسلئيل سموتريتش.

كما ينصّ مشروع القانون على أنه “لا يجوز للمحكمة النظر في التماسات تقدّمها جمعية يكون مصدر تمويلها الأساسي من كيان دولاني أجنبي، إلا إذا كانت الجمعية تتلقى تمويلا من الدولة.

سلام ارشيد

ويشكل القانون، سواء في الإعلان أو المناقشة، إعلان حرب على المنظمات التي تحاول كسر جدار الصمت الإسرائيلي حول جرائم الحرب والتمييز العنصري ضد الفلسطينيين تحت الاحتلال، وأيضا يمس القانون بشكل صارخ بجميع الجمعيات العربية الفاعلة من أجل مناهضة التمييز العنصري والدفاع عن حقوق الأقلية العربية الفلسطينية داخل اسرائيل.

حول هذا القانون وانعكاساته على الجمعيات حاور “عرب 48” المحامية في “عدالة – المركز القانوني لحماية حقوق الأقلية العربية في إسرائيل”، سلام ارشيد:

“عرب 48”: ما هي أبرز النقاط التي تثير قلقكم في مشروع القانون الجديد، ولماذا تعتبرونه تهديدا مباشرا لمنظمات المجتمع المدني؟

ارشيد: كما أشرتم اقتراح القانون يفرض ضريبة 80% على تمويل من كيان أجنبي دولي، كما يمنع الجمعيات من التوجه إلى القضاء الإسرائيلي للاعتراض على القانون، والتمويل المعرف يشمل أيضا ائتلاف دول مثل، الاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة، أو حتى جمعيات أغلب تمويلها من حكومات، وهدف القانون الأساسي إخضاع جمعيات المجتمع الدولي لسيطرة الحكومة، وتجفيف مصادر تمويل منظمات المجتمع المدني، ما يؤدي إلى إيقاف عمل الجمعيات التي لا تخدم مصالح الحكومة وحتى تتحداها.

“عرب 48”: تحدث القانون عن بعض الاستثناءات.. هل يمكن توضيح طبيعة هذا التمييز القانوني وآثاره؟

ارشيد: نعم، القانون يستثني جمعيات تحصل على ميزانيات من الدولة، وهذا معناه أن جمعيات حقوق الإنسان لا يشملها الاستثناء لأن أي جمعية حقوق إنسان لا يمكنها قبول تمويل من الحكومة كي تحافظ على استقلالية قرارها ونزاهتها، فجُلّ عملها متابعة انتهاكات حقوق الإنسان وممارسات أجهزة الدولة، فالقانون صُمّم خصيصا للتضييق على الجمعات التي تعالج انتهاكات حقوق الإنسان والممارسات الحكومية والتشريعية التي تخالف حقوق الإنسان، كما يستثني القانون جمعيات منحها وزير المالية إعفاء دون أي إشارة للمعايير، لذا فإن التوقع أن وزير المالية لن يمنح إعفاء لجمعيات حقوقية، وأصلا المبادرون للقانون قالوها بشكل واضح وصريح في لجنة التشريع بالكنيست بأنهم غير معنيين بمنظمات حقوقية تتوجه للمحكمة العليا أو تلك التي تعمل على مواجهة ممارسات تنتهك حقوق الأنسان في المناطق المحتلة.

“عرب 48”: هذا يعني أن الحديث عن تأثير على منظمات حقوق الإنسان التي تعمل في المجتمع الفلسطيني داخل إسرائيل أو في الأراضي المحتلة، أما جمعيات تنسجم مع سياسات الحكومة فستواصل عملها كالمعتاد؟

ارشيد: نعم، يمكن لوزير المالية أن يمنحها إعفاء، أو حتى تحصل أيضا على دعم وتمويل من حكومة إسرائيل، فهذه الجمعيات في معظمها تمويلها خاص، واقتراح القانون يسري على منظمات تمويلها دولي، بينما معظم تمويل المنظمات اليمينية هو تمويل خاص ولا يستهدفها القانون، وحتى إن تلقت تمويلا من كيان دولي يمكنها الحصول على إعفاء من وزير المالية، بينما جمعيات تعمل على كشف ممارسات الحكومة أو الأذرع الأمنية أو حتى المستوطنين لن تتمكن من الحصول على إعفاء بطبيعة الحال، لأنها أصلا تشكل تحديا للحكومة، وهذه المنظمات أصلا لا تقدم طلبات للحصول على تمويل من الدولة للحفاظ على الاستقلالية وقدرة توجيه النقد للحكومة أو أصحاب المناصب الحكومية.

وفوق ذلك كان واضحا في جلسة الكنيست استهداف المنظمات الحقوقية، وأعطيت أمثلة لما يحتاجون لمثل هذا القانون، على سبيل المثال تلك الالتماسات التي قدمت بعد السابع من أكتوبر 2023 لتحسين ظروف الأسرى الأمنيين.

“عرب 48”: هل هناك سوابق على مستوى الدول أو أنظمة مشابهة في دول ديمقراطية يتم فيها فرض هذا النوع من الضرائب أو القيود، وكيف تقارنون بينها وبين ما يحدث في إسرائيل؟

ارشيد: حسب معرفتي لا يوجد أي نظام ديموقراطي قدم فيه قانون مماثل بهذا التطرف. لا يوجد قانون مماثل لهذا القانون، وأصلا ضريبة 80% لا تعني أن يبقى للجمعيات 20%، فمعظم الدول في حال وجود ضريبة لتبرعها فلن تقدم على تقديم تبرع، فالهدف منع التمويل ومنع عمل الجمعيات العاملة في مجال حقوق الإنسان حسب أقوال مقترحي القانون. القانون يمس الحريات الأساسية للمواطنين، منها حرية الرأي، وحرية التنظّم، وحرية التعبير عن الرأي، وحرية التوجه للمحاكم، وسينعكس القانون سلبا على الفئات المهمشة لأنها الفئات المستفيدة من عمل الجمعيات الحقوقية.

“عرب 48”: كيف يمكنكم مواجهة القانون، وما هي الخطوات القانونية التي تنوون اتخاذها خاصة وأن القانون يأتي أيضا ببند منع التوجه للمحكمة من قبل هذه المنظمات؟

ارشيد: في الغالب جمعيات أخرى ستقوم بالتوجه للالتماس ضد هذا القانون في حال تم تشريع هذا القانون.

“عرب 48”: هل هذه المحاولة قديمة أم حديثه بعد أحداث 7 أكتوبر 2023، خاصة ونحن نعلم أنه بات من الممكن تقريبا تشريع أي قانون في ظل التحريض، وهل هناك حلول بديلة لمنظمات المجتمع المدني؟

ارشيد: هي محاولات قديمة، ولكن يبدو أن الظروف الآن مهيئة لتشريع مثل هذا القانون. في الجلسة الأخيرة قال المبادر للقانون إنه من غير المقبول أن تذهب التبرعات إلى من هم خارج الإجماع الإسرائيلي، وفي حال تشريع القانون بصيغته الحالية فسيكون له تأثير كبير على دور منظمات المجتمع المدني، وستضطر الجمعيات إلى تقليص عملها وحتى بعضها سيضطر للإغلاق، وكونه قانون مرتبط بتبرعات خارجية فهذا تطرف غريب في فرض هذه القيود، ويمكن أن تتشكل حالة ضغط بسبب هذا القانون.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب