ترامب يغيّر معالم تجارة رقائق الـ AI

ترامب يغيّر معالم تجارة رقائق الـ AI
شكّلت خطط إدارة الرئيس دونالد ترامب لإلغاء قاعدة «الانتشار العالمي للذكاء الاصطناعي» (AI Diffusion Rule) تحوّلاً جذرياً في نهج الولايات المتحدة تجاه تجارة الرقائق الإلكترونية المتقدمة، مع الإبقاء في الوقت ذاته على موقف صارم تجاه الصين. هذا التبدّل، الذي قد يُعلن عنه رسمياً قبل زيارة ترامب المرتقبة إلى الشرق الأوسط، يُعيد رسم الخريطة العالمية لصادرات الذكاء الاصطناعي ويضع كثيراً من الدول والشركات أمام مرحلة جديدة عنوانها: المقايضة المباشرة بدل القيود الشاملة.
وداعاً للبيروقراطية ومرحباً بالمفاوضات الثنائية
اعتمدت القاعدة التي أقرّها الرئيس السابق جو بايدن في نهاية ولايته، إطاراً ثلاثي الطبقات لتنظيم تصدير الرقائق من شركات مثل «إنفيديا»، وشملت أكثر من 40 دولة ضمن نظام ترخيص معقّد، بهدف منع وصول الصين إلى تلك التكنولوجيا عبر وسطاء. إلا أن إدارة ترامب ترى أن هذه القاعدة بيروقراطية ومثبّطة للابتكار الأميركي، وقررت استبدالها بنهج أكثر «بساطة»، يقوم على مفاوضات مباشرة مع دول مثل الإمارات والسعودية، بدل فرض قيود شاملة عليها مسبقاً.
تشدّد مع الصين ومرونة مع الحلفاء
في حين ستُلغى القاعدة العالمية، إلا أن القيود المفروضة على الصين لن تتغيّر، علماً أنّها عُزّزت أخيراً عبر حظر بيع شريحة H20 من «إنفيديا» إليها، ما كلّف الشركة خسائر تتجاوز 5.5 مليارات دولار.
لكنّ المتغيّر في النهج الجديد للإدارة الحالية هو أن الدول الأخرى، مثل الهند وماليزيا وتايلاند، ستخضع لتقييم جديد بحسب سلوكها في منع التحايل على العقوبات الأميركية.
-
سيبقي ترامب على قيود التصدير الصارمة إلى الصين
من الشركات الكبرى إلى التحدي الجيوسياسي
لم يكن القرار معزولاً عن الضغط الهائل من شركات التكنولوجيا العملاقة، وعلى رأسها «إنفيديا»، التي رأت أن القيود الواسعة على الدول الثالثة تدفعها أكثر نحو الصين، بدل أن تحدّ من نموها.
في هذا السياق، أكّد الرئيس التنفيذي لـ«إنفيديا»، جينسن هوانغ، أنّ السوق الصينية قد تصل إلى 50 مليار دولار في رقائق الذكاء الاصطناعي في سنوات قليلة، وهو رقم يصعب تجاهله في الحسابات الأميركية.
إلى جانب ذلك، يبدو أن الاعتبارات الجيوسياسية لعبت دوراً حاسماً، إذ برزت الاستثمارات الضخمة من دول الخليج كورقة تفاوضية مؤثرة. الإمارات، مثلاً، تعهّدت بضخ 1.4 تريليون دولار في التكنولوجيا والبنية التحتية الأميركية خلال العقد المقبل، ما جعلها في موقع تفاوضي أقوى بكثير.
لمعرفة المزيد بشأن قيود التصدير الأميركية، اقرأ أيضاً: خلل كبير يضرب قوائم العقوبات التكنولوجية الأميركية
ومن سيربح ومن سيخسر؟
يُعدّ الفائزون حالياً هم الدول التي كانت ستخضع للقيود، مثل الإمارات، والسعودية، وماليزيا، والهند، إذ ستحصل على فرصة للتفاوض على شروط خاصة، ما يفتح أمامها باباً لتوسيع قدراتها في مجال الذكاء الاصطناعي.
من جانب آخر، ستستفيد الشركات الأميركية الكبرى من تخفيف القيود لاستعادة أسواق كانت مهدّدة، مثل مشاريع مراكز البيانات العملاقة في ماليزيا من قبل Oracle وغيرها.
أمّا الصين، فرغم أن الإجراءات ضدها باقية، إلا أن انهيار النظام الشامل قد يُضعف فعالية العزل إذا فشلت واشنطن في فرض التزام صارم عبر الاتفاقات الثنائية.
لكنّ الضبابية الحالية للنهج الجديد تحمل تهديدات للنظام الدولي، إذ يخلق الاستعاضة عن نهج شامل بنظام «كل بلد واتفاقه» فوضى تنظيمية وتفاوتات تُرهق الشركات العالمية في الامتثال لسياسات متباينة.
يبقى المعيار الأساسي لمدى نجاح النهج المزمع إعلانه قريباً، هو في مدى قدرة إدارة ترامب على عقد اتفاقات فعّالة وسريعة مع عشرات الدول، وسط هواجس الولايات المتحدة في تحقيق التوازن بين حماية الأمن القومي من جهة، وفتح الأسواق العالمية أمام شركاتها الكبرى من جهة أخرى، وهو أمرٌ بالغ الأهمية لتحفيز الابتكار الأميركي والحفاظ على الريادة العالمية والقدرة التنافسية لعمالقة التكنولوجيا الأميركيين.