مقالات

هل تسعى واشنطن إلى إنهاء الحرب في غزة ، أم إلى تغيير الحكومة في إسرائيل؟بقلم: مروان سلطان

بقلم: مروان سلطان

هل تسعى واشنطن إلى إنهاء الحرب في غزة ، أم إلى تغيير الحكومة في إسرائيل؟

 

بقلم: مروان سلطان

فلسطين – 13 أيار 2025

لا يحمل الجدل الدائر حول “الخلافات” بين الولايات المتحدة وإسرائيل أي قيمة سياسية حقيقية، إذ إن الرهان على هذا الخلاف هو في جوهره رهان خاسر. فالعلاقة بين الطرفين ليست مجرد تحالف استراتيجي، بل هي علاقة عضوية، أقرب إلى أن تكون علاقة “جسد واحد” – لا يمكن أن تتوقف يداه أو قدماه عن الحركة، حتى إن مرض جزء منه، تُعالج المسألة طبيّاً ولا يُبتر العضو. هذا بالضبط ما نشهده حالياً بين إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو.

الولايات المتحدة لطالما نظرت إلى إسرائيل على أنها الولاية الـ51 غير المُعلنة، وربما الأهم. ولكن عندما تشعر واشنطن بأن السلوك الإسرائيلي بات محرجا لها على المستوى الدولي، أو يهدد مصالحها الاستراتيجية، فإنها لا تتردد في التدخل – ليس من منطلق العداء، بل من باب “تصويب المسار”.

المثير في المشهد الأخير أن حركة حماس أفرجت عن الرهينة الأمريكي–الإسرائيلي عيدان ألكسندر، دون مقابل، عبر وساطة قطرية، فيما اعتبرته واشنطن بادرة حسن نية. وفي الوقت ذاته، تشير تسريبات إلى أن مبعوث ترامب المقرّب، ويتكوف، يعمل على وضع تصور لهدنة طويلة الأمد في غزة – خلافاً لسلسلة الهدن القصيرة التي لم تحقق نتائج سوى إطالة أمد الأزمة.

الولايات المتحدة، في ظل إدارة ترامب، تبدو اليوم منزعجة من التصعيد الإسرائيلي المتواصل في غزة، لا سيما بعد الإعلان عن عملية “عربات جدعون” ذات الطابع التوراتي، والذي تزامن مع زيارة مرتقبة للرئيس ترامب إلى الشرق الأوسط، مما سبب له حرجاً دبلوماسياً وأربك جدول تحركاته الدولية.

من جانب آخر، يبدو أن استمرار الحرب في غزة يخدم هدفاً رئيسياً لحكومة نتنياهو، وهو الحفاظ على تماسك الائتلاف الحاكم، الذي قد ينهار في حال توقفت العمليات العسكرية. لذلك، فإن تل أبيب تسعى جاهدة لإبقاء جبهة غزة مشتعلة، حتى وإن كلّفها ذلك ضغوطاً أمريكية متزايدة.

وفي تطور لافت، شهدنا تحركات أمريكية مستقلة عن إسرائيل: مفاوضات مع طهران بوساطة عُمانية، وأخرى مع حماس بوساطة قطرية – وكل ذلك من دون تنسيق معلن مع الحكومة الإسرائيلية. بل إن إدارة ترامب أقالت مستشار الأمن القومي مايكل والتز ونائبه وونغ سيتركان، إثر محاولاتهما التنسيق مع تل أبيب بشأن التصعيد العسكري، بعيداً عن الرئيس.

كل هذه المؤشرات لا تعني أن العلاقة الأمريكية–الإسرائيلية وصلت إلى طريق مسدود، لكنها قد تدل على تحول تكتيكي أمريكي يهدف إلى إعادة ضبط السلوك الإسرائيلي بما يخدم المصالح الأمريكية أولاً. ما تريده واشنطن اليوم ليس فقط إنهاء الحرب في غزة، بل إعادة هندسة المشهد الإسرائيلي الداخلي، أو على الأقل كبح جماح الحكومة الحالية. فالإدارة الأمريكية لم تعد تحتمل تكلفة الدعم غير المشروط لحكومة تتصرف بعقلية المعركة الوجودية تمر وفق الحسابات الشخصية، فيما تتطلع واشنطن إلى تهدئة إقليمية تُعيد ترتيب أوراقها في الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب