مشاركة، ومساعدة الجزائر للجيش المصري في حرب 1967

مشاركة، ومساعدة الجزائر للجيش المصري في حرب 1967
الحلقة الأولى– معمر حبار
“RECUEIL DES MEMOIRES DU GENERAL KHALED NEZZAR. 1Ma carrière militaire،” Deuxième édition revue et corrigée، CHIHAB EDITION, 2semestre, 2017، Bab EL Oued, Alger, ALGERIE , Contient 406 Pages.
مقدمة القارئ المدني:
أعترف أنّي وجدت صعوبة في شرح، وترجمة بعض المصطلحات العسكرية الدّقيقة جدّا. ولا أدّعي ملكا ليس لي. وبعض المصطلحات التي لم أستطع فهمها، ولا ترجمتها ألغيتها من الترجمة. ولأن يقال ضعيف أفضل من أن يقال ما لا يليق بالحرّ الأصيل.
ماي 1967، في صحراء سيناء 296:
خمسة عشر يوما قبل كارثة جوان، كنت ضمن بعثة عسكرية توجّهت للعريش، في سيناء، للحضور إلى مناورات عسكرية ضخمة. كنت في مصر للمرّة الثّالثة.
المرّة الأولى لأجل نقل عتاد الجيش الوطني الشعبي على ضفاف النيل.
المرّة الثّانية بناء على دعوى مصرية موجّهة للدول الأعضاء في المنظمة العسكرية الإفريقية. حيث مقرّها في أكرا بغانا.
وثالث سفري لمصر، في ماي 1967، تحديدا قبل اندلاع حرب السّتّة أيّام، وسمحت لي الفرصة بزيارة مدارس تدريب ومتابعة العتاد في سيناء، قرب العريش. 296
الجزائر تغلي: 299
قبل أن يسدل الستار، أعطيت الأوامر. بالاستعداد للالتحاق بالمشرق العربي. مجموعة تحت قيادة الرّائد عبد الرزاق بوحارة، تطير لمصر، مسبوقة بالرائد زرڨيني على رأس فريق الضّباط. 299
الإجراءات الأولية تعني التعهد العسكري للجزائر في المشرق العربي.
كنّا نملك يومها ثلاثة ألوية مشاة متحرّكة، تحت قيادة عبد القادر عبد اللاوي، وأنا، ومحمد علاڨ. 299
بالإضافة لهذا العتاد، أرسلت الجزائر أهم ما تملكه من طائراتها. 299
النقيب محمّد بوزغوب طار من قاعدة جنوب-شرق الجزائر بسربين من ميغ-17. و15 طائرة من نوع ميغ-21 التي تحصّلنا عليها للتّوّ. ووضعت تحت تصرف طيارين مصريين.
وبمجرّد هبوط طائراتنا من نوع ميغ-21 تمّت تهيئتها ووضعت في الخدمة.
طائرتين اضطرتا للهبوط الاضطراري بالحدود الجزائرية-التونسية لأسباب فنية.
طائرة ميغ-21 من طائراتنا، أسقطت فوق العاصمة الصهيونية. وما يزيد في المرارة أن لا طائرة مصرية وصلت عاصمة الصهاينة. (يريد أن يقول: بينما الطائرة الجزائرية وصلت وتمّ إسقاطها). 299
ودعما لمجموع بوحارة، مفرزة دعم وإسناد بقيادة الرائد سليم سعدي، مدير النقل، تبعهم عبر البرّ. وعند وصولهم لليبيا، تلقى سعدي الأمر بالعودة، لأنّها تأكدت أنّ المعركة انتهت. 299
في أكتوبر 1968 تلقيت الأمر بالاستعداد لمساعدة فرقة الرائد عبد القادر عبد اللاوي. بينما مجموعة بوحارة، وفرقة عبد اللاوي التحقتا منذ ستّة أشهر. وقرّر بومدين أن تكون إقامة جنودنا في المشرق العربي لمدّة عام. والعتاد يبقى في مكانه. 302
جنود الفرقة الثّانية كانوا متحمّسين لمعرفة مصر. والحرب لا تخيفهم. والمعارك التي خاضوها في الجبال أيّام الثّورة الجزائرية كانت حافزا لهم. 302
تتكوّن فرقتي من ثلاثة كتائب من 600 جندي، و كتيبة من 31 مدفع T-55، ومجموعة مدفعية، وبطاريتين ذات مدى بعيد عيار 122 ملم، وبطارية قذائف من 152 ملم، وفرقة دفاع مضادة للطيران تتكوّن من بطاريتين 35ملم، وبطارية من 24 رشاش 145 ملم.
تضم 5 سرايا لللاسلكي، والاستطلاع، والقيادة، والخدمات. وفيما بعد، ستلتحق بهم فرقة الهندسة. 302
اتّجهنا إلى مصر عبر طائرة Antonov-12، مدعمة بـسّتّة طائرات التي نملكها يومها، يقودها طيارين جزائريين: طرابلسي، والجيلالي تومولڨي، وسليم بن عبد الله، ورشيد بوتلة، ومحمد بولحرز، ومصطفى جاودي، ودراجي، وصويلح. 304
وحين كانوا بالمشرق العربي كانوا يعملون ليل نهار، ويحلقون في ظروف صعبة، ويطيرون على بعد 4000 علو وهو أقصى علو تصل إليه الطائرة يومها. 304
كلّ أسبوع تصل طائرة Antonov-12 إلى القاهرة محمّلة بالبريد، والتموين. 305
خلال تواجد قواتنا بمصر، من 1967 إلى 1975، كان التّكفل بهم من طرف الحكومة الجزائرية. وللجيش الجزائري رصيد بالمصرف المصري مموّل من طرف الخزينة الجزائرية. والمنحة التي تقدّم لهم وهم بمصر هي نفسها المنحة التي تقدّم لهم بالجزائر. 305
على الجبهة: 305
في 11 مارس 1969، أعلنت مصر وبشكل رسمي عن وقف إطلاق النار. وفي الحقيقة، الاعتداءات الصهيونية لم تتوقف منذ جوان 1967. وقال عبد الناصر: “لا أستطيع اقتحام سيناء، لكن يمكنني تحطيم نفسية الصهاينة عبر الاستنزاف”.
الجيش الصهيوني ضرب بقوّة عبر الضربات الجوية وعمليات النخبة في العمق، قاصدا بذلك تدمير البنية التحتية أو الحصول على معلومات. 305
استمرّت المعارك الخاطفة لغاية وقف إطلاق النار في أوت 1970. المفروض على الفريقين من طرف الولايات المتحدة الأمريكية. استغلّ الصهاينة الوضع لتعزيز مواقعهم عبر إنشاء خطّ ثاني من الدفاع. 306
انفجر لغم فاستشهد جندي جزائري. ولم نعثر على شيء من جسده غير بعض قطع متناثرة من جسده. حتّى أمرنا المكلّفون بنقل جثمانه إلى عائلته ألا يفتح الصندوق، ويدفن مباشرة. 308
الجندي المصري شجاع، وخاصّة مطيع. لكن نقص الوسائل، دون شكّ أيضا، وتكوين ضعيف يعيقه. 309
أعجب الجنرال شاهين أمام الجنود المصريين بالتّنظيم الدقيق لنقاط الارتكاز للجيش الوطني الشعبي. 309
أعلن الجنرال شاهين أنّ الجيش المصري الثّاني أعاد تنظيمه استجابة لطلب الأخ خالد، وأضاف: “أنا ضامن للأخ خالد لأنّي رأيته في الميدان”.
طلبت في وقت مضى تموقع يؤدي مباشرة إلى قناة السويس لمشاركة فرقتي في العمليات القتالية. لأنّنا لم نقطع آلاف الكيلومترات لنبقى على بعد 14 كلم بعيدين عن العدو. أن تبقى في مكان وأنت مهموم ليس من عاداتي، ولا من جنودي. 310
أثناء الاجتماعات مع شاهين. اندهش المصريون من كوني كنت أكتب باللّغة الفرنسية ما يقوله بالعربية. واقترحت عليهم تقليد الجزائريين سنوات 1950: “جيلي لم يتعلّم اللّغة العربية، لكن هذا لم يمنعهم من طرد الفرنسيين إلى ديارهم”. 311
كازمة ملازم رزقي: 314
قصف الصهاينة موقعا يبعد عن مقرّ القيادة بعض الأمتار فقط. وتفاجأ الجنود المصريين من قدوم طائرتين صهيونيتين قادمتين من الشرق. وهي تحطّم الدفاعات الجوية المصرية بالكامل.
انتقلت للموقع، والوضع كان رهيبا، والضّباط المصريين بملابس النوم، وأكثر من ستين 60 قتيل، ومئات الجرحى حسب الملازم فاروق.
أتساءل عن عدم مسؤولية الضباط المصريون الذين أمروا جنودهم بالتموقع في مكان واحد، وبهذا العدد الكبير على بعد أمتار من الصهاينة. الكتيبتين المصريتين لم يكن لهما الوقت لحفر الملاجئ. 314
اندهش قادة مصر العسكريين من قيام الجنود الجزائريين من تهيئة خنادق متين ةعلى عمق 3 أمتار، وتحت إشراف الملازم رزقي. واندهش أبو غزالة المصري قائلا: “من أين تعلمتم كلّ هذا؟”.
والجزائر هي التي دفعت ثمن المواد لتهيئة الخنادق المتينة لحماية الجنود المصريين. واستعنا بقطار قديم قد أصيب. لتحويل المواد لخنادق متينة.
وبعد الانتهاء من العمل، وتهيئة الخندق بالحجارة. قال لي القائد العسكري، ورئيس الدفاع الجوي للجيش المصري الثّاني: “تملكون مهندسين لصناعة كلّ هذا؟”. أجبته: “لا، في الجزائر، أي أحد يمكنه التهيئة بهذه المواد”. 315
الجيش الوطني الشعبي يشارك في كلّ العمليات العسكرية التي تحدث في الجبهة للجيش المصري الثّاني، كالمضادة للطيران، والمدافع، والبطاريات. 315
الفرقة الجزائرية تصيب الصهاينة: 319
كثّف الصهاينة هجوماتهم الجوية ضدّ الفرقة الجزائرية 319.
كانت ترمي علينا عشرات أجهزة الهجوم على الأرض، والميراج، والفانتوم.
مجموعتنا المضادة للطيران، بقيادة النقيب حسين أوصديق تضم بطاريتين ذات 6 مدافع 37 ملم، و24 رشاش 14،5 ملم، موضوع على أربعة ذات 6 أعمدة متحرّكة.
لا يوجد طائرة صهيونية أصابت أهدافها مادامت نيراننا مشتعلة ودقيقة.
العاملين في مضادات الطيران الجزائرية، المنتمين لصفوف الجيش الوطني الشعبي، يبرهنون هذا اليوم، أنّهم لم ينسوا أبدا ما تعلّموه خلال حرب التحرير. 319
أصيب بعض جنودنا بسبب الصدمات التي أصابتهم عبر واقي الرأس.
أقول: تحدّث الكاتب عن هجمات صهيونية جوية عديدة حاولت أن تصيب المضادات المدفعية الجزائرية. لكن وبفعل النيران الجزائرية كانت القنابل الصهيونية تصيب أماكن بعيدة بحوالي 100متر، و800 متر. 319
ويعود نجاحنا في ذلك إلى التدريب الجيّد، والتهيئة التي قمنا بها، والتي شكّك فيها بعض قادة الجيش المصري. وفي الأخير قلّدنا الجيش المصري مستعملا الوسائل الكبرى. 319
بعد نجاح مسؤول فرقة المضادات الجوية الجزائرية تلقى تهاني قادة مصر، والفلسطينيين، والسودانيين. وبعدما اتّصل بومدين ليقف على حالة الجيش الوطني الشعبي. 320
أعلمني قائد الجيش المصري الثّاني المصري أنّ طائرة صهيونية ثالثة سقطت (مايعني أن الدفاعات الجوية الجزائرية أسقطتها). وبعدما هنّأ رجالي على ما قاموا به. سألني: كم عدد خسائركم؟ أجبت: لم يمسّ أيّ أحد من رجالي. صاح متعجبا: “أۤزۤاي۟”. 320
أقول: من الأخطاء القاتلة التي ارتكبها الجيش المصري أنّ البطارية المضادة للطيران غير محمية ببطارية أخرى. وهذا من “الناحية الفنية انتحار”. ووعدهم الجزائريين أن يساعدوهم في هذا الجانب. 321
أقول: وهذا ما جعل بطارياتهم، ومدفعيتهم، وجنودهم هدفا سهلا أمام الطائرات الصهيونية.
وبمجرّد ما نصّبنا بطارياتنا. فاجئنا الطائرات الصهيونية. وأعمدة الدخان تدلّ على أنّ طائرة صهيونية سقطت. 321
تعجّب الجنرال شاهين من الخنادق التي هيّئناها وتسمى حفرة-الزجاجة الموروثة عن عهد الاستدمار الفرنسي، والتي ورثها عن الفيتناميين. ويكفي حفر ثقب على شكل فم الزجاجة، ضيّقة في البداية ثمّ تتّسع لتستقبل إنسان. وتحمي الجندي ضدّ كلّ قنابل العدو. خاصّة البطارية. وتمكّنه من استعمال سلاحه وهو في مكانه آمن”. 322
وأخبرني الجنرال شاهين أنّ الجيش المصري تبنى بشكل رسمي “النموذج الجزائري لتثبيت الأفراد ضدّ القنابل”. 322
طيلة المشاركة في حرب الاستنزاف بمصر، الكتيبة الجزائرية أصابت الصهاينة بأكثر ممّا تلقته. والخسائر في صفوفنا مقارنة بخسائر العدو الصهيوني، لا تتعدى خسائر حوادث المرور أو التي كانت بسبب الأخطاء إطلاق النار بالصدفة. 322
العودة إلى الوطن: 326
بعد العودة إلى الجزائر بتاريخ: أكتوبر 1969، واستخلافنا من طرف أربعة فرق جديدة محمّد علاهم.
كانت لحظات حزينة ونحن نودّع إخواننا المصريين. وأخذت عطلتي من الجنرال مصطفى شاهين، الرجل الذي اعتبرني دوما أحد رجاله، ويدعوني لحضور كلّ الاجتماعات مع ضباطه، ويعلمني بأدقّ التّفاصيل التي تحدث في الجبهة. 326
عدت إلى مصر للمرّة الرّابعة في بدايات سنوات 1970. وكنت عضو لجنة مكلّفة بتسليم عتاد عسكري للقوّات العسكرية المصرية. واللّجنة تحت قيادة العقيد محمّد صالح يحياوي.
حملنا رسالة من هواري بومدين والتي يعلم فيها وزير الدفاع المصري محمود فوزي، أنّ الجزائر تضع تحت تصرّف مصر:
60 طائرة حربية.
150مدرعة مصفحة.
100 دبابة قدّمت لنا من الاتحاد السوفياتي، وتمّ دفع ثمنها من طرف الجزائر. 327
رجالي وأنا غادرنا مصر في حالة حرب مع الإيمان أنّنا أدينا دورنا. كنا إلى جانب الجيش المصري الذي كان يسير نحو هزيمته شيئا فشيئا. 327
الحلقة الثّانية:
ترقبوا الحلقة الثّانية.
الإثنين 20 ذو القعدة 1446هـ، الموافق لـ 18 ماي 2025
الشرفة – الشلف – الجزائر