يديعوت أحرونوت: مع دخول إسرائيل في “تسونامي سياسي”.. دبلوماسي غربي: بن سلمان وماكرون يضغطان نحو الدولة الفلسطينية

يديعوت أحرونوت: مع دخول إسرائيل في “تسونامي سياسي”.. دبلوماسي غربي: بن سلمان وماكرون يضغطان نحو الدولة الفلسطينية
إيتمار آيخنر
بعد 593 يوماً من نشوب الحرب، وصلت إسرائيل إلى قعر دبلوماسي: بعض من أصدقائها الأهم في العالم – بريطانيا، فرنسا وكندا – يسمحون لأنفسهم بنشر بيان يهدد إسرائيل بالعقوبات إذا ما واصلت الحرب في غزة. لم يسبق قط أن صيغ بيان بهذه الحدة ضد إسرائيل يجعلها دولة منبوذة. القسم الأكثر إقلاقاً: الولايات المتحدة، تلك التي استقلت منذ الأزل على الجدار من أجل إسرائيل، تصمت. لقد سبق أن اتهموا ترامب بأنه يلقي بإسرائيل تحت عجلات الباص، أما الآن فهذا يتلقى تعبيراً علنياً في الساحة الدولية. ماذا ستفعل الولايات المتحدة إذا ما وصلت المطالبات بوقف الحرب إلى مجلس الأمن؟ ألا يزال ذلك الفيتو التلقائي محفوظاً لنا؟ لقد صرحت إدارة ترامب في عدة مناسبات بأنها لن تسمح بالإساءة إلى إسرائيل في الأمم المتحدة وفي منظمات دولية، وستحميها.
أمس، أدخل إلى قطاع غزة عبر معبر كرم سالم 93 شاحنة مساعدات إنسانية، تضمنت الدقيق، وغذاء الرضع، وعتاداً طبياً وأدوية. بالتوازي، تحدثت وسائل إعلام في هولندا بأن الدولة حققت دعماً كافياً يسمح لها بإجراء بحث في الاتحاد الأوروبي في مسألة إلغاء اتفاق الشراكة بينه وبين إسرائيل. وثمة مثال آخر على التدهور، وهو الصحافي البريطاني فيرس مورغن، الذي يعتبر مؤيداً كبيراً لإسرائيل في الماضي وخرج جبهوياً ضد الحكومة والحرب. فقد اتهم الوزير سموتريتش أمس بتأييد الإبادة الجماعية، وكتب: ” سيطر أناس مثله على حكومة إسرائيل، ونتنياهو يسمح لهم بفعل ما يشاؤون. من سيوقفهم؟”. إضافة إلى ذلك، أعلنت بريطانيا عن فرض عقوبات ضد بضعة إسرائيليين، بينهم رئيسة حركة “نحالا” الاستيطانية دانييلا فايس، بدعوى أنهم أيدوا العنف ضد الفلسطينيين. وتضمنت العقوبات منع دخول الدولة وتجميد ممتلكات.
خطوة فرنسا
كيف وصلنا إلى مثل هذا الوضع؟ التفسير المنطقي الأول هو وقوف فرنسا خلف الخطوة. يستعد ماكرون للاعتراف بدولة فلسطينية في مؤتمر دولي مع السعودية يعقد في نيويورك الشهر القادم. ردت إسرائيل الدعوة الفرنسية للمشاركة في المؤتمر. وقال مصدر إسرائيلي رفيع المستوى إنه تدويل للنزاع، وإسرائيل لن توافق على ذلك. والتقدير أن ماكرون يعد لموجة اعتراف من عدد من الدول لدولة فلسطينية، استمراراً للموجة السابقة التي كانت في أيار 2024 حين اعترفت كل من النرويج وأيرلندا وإسبانيا بالدولة الفلسطينية. عقب هذه الخطوة، أعادت إسرائيل السفراء من الدول الثلاث. أغلقت إسرائيل سفارتها تماماً في أيرلندا، ونقلت رسائل حادة إلى باريس، تقضي بأن عليهم حساب رد فعل إسرائيلي حاد. بين الإمكانيات: إغلاق القنصلية الفرنسية في القدس، وفرض السيادة في الضفة. “يعرف الفرنسيون بأنهم إذا ما فعلوا هذا، فسيكون له ثمن”، قال مسؤولون في إسرائيل. كما أوضح وزير الخارجية، جدعون ساعر، هذا في حديثه مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو.
دبلوماسي غربي كبير قال إن السعوديين أرادوا الاعتراف بدولة فلسطينية في المؤتمر: “بن سلمان بحاجة إلى شيء ما. يريد أن يخطو خطوة، أن يستغل قوة فرنسا الدبلوماسية. والنية أن تشمل الدولة الفلسطينية غزة أيضاً. الفصل في هذا الموضوع بين غزة والضفة سيضعف قوة الحكومة الفلسطينية”. وعلى حد قوله، ستعترف فرنسا وبريطانيا وهولندا وبلجيكا بالدولة الفلسطينية، وربما تنضم لوكسمبورغ أيضاً. وأعلن رئيس وزراء بلجيكا مؤخراً بأنه لن يعترف بدولة فلسطينية، لكن ماكرون يضغط عليه.
وأضاف الدبلوماسي الكبير بأن “80 في المئة من الأعضاء في الأمم المتحدة فعلوا هذا على أي حال. لا تنظروا إلى الاعتراف بأنه الموضوع المركزي. تعالوا نحاول التذكير بشيء آخر يمنع النزاع لـ 30 أو 40 سنة أخرى. فكروا بالفضائل الاقتصادية للدولتين وباستئناف العلاقات مع دول أخرى. إسرائيل آمنت خطأ وأقنعت دولاً أخرى بعدم حل المسألة الفلسطينية وتركها تحت الطاولة، وأدارتها بفكرة أن حماس مردوعة”.
وثمة تفسير آخر، وهو لماذا تأتي خطوة بهذه الحدة الآن بالذات من جانب هذه الدول الثلاث، هل هو صور الأطفال القتلى والجوعى في غزة والتي تؤثر على جماعات عديدة في هذه الدول؟ يدور الحديث في بريطانيا وكندا عن حكومات يسار معروفة ناقدة جداً لإسرائيل. صحيح أن ماكرون ليس يسارياً لكنه يغمز لمصوتي الوسط واليسار، ونبرة فرنسا الآن هي أن يكون المرء ضد إسرائيل. محظور أن ننسى أن بريطانيا وفرنسا وكندا سبق أن أعلنوا عن حظر سلاح جزئي أو كامل على إسرائيل منذ نشوب الحرب في غزة.
الرأي العام في هذه الدول يحتدم ضد إسرائيل؛ فإلى جانب التقارير الآتية من غزة، فإن كل ما يسمعونه من إسرائيل هو تصريحات سموتريتش وبن غفير عن التجويع والحسم. لا يوجد صوت معتدل يعرض خطة كيفية إنهاء الحرب وتسوية الوضع، ولا توجد محاولة حتى وإن كانت تظاهرية، لإشراك الاتحاد الأوروبي لتسوية في اليوم التالي (في “الجرف الصامد” في 2014 أعلن الاتحاد الأوروبي بأنه سيؤيد ويساعد في تجريد غزة وتجاهلناه). وعليه، فإن الضغط المتزايد للإعلام والرأي العام يلزم الحكومات بعمل ما.
“إحباط الكمين الدبلوماسي”
ثمة تفسير إضافي: زعماء أوروبا يزقون إصبعاً في عين ترامب بعد أن قطع ارتباطه بهم. ربما يشخصون الفجوات بين نتنياهو وترامب مع تقدير بأن الولايات المتحدة لن تساند إسرائيل.
هل يصل هذا إلى إعادة سفراء وربما قطع علاقات؟ يبدو أن لا. حتى اردوغان لم يقطع العلاقات مع إسرائيل. لكن ربما نرى خطوات كإعادة السفراء للتشاور، وعقوبات إضافية ضد مستوطنين متطرفين وتهديدات بتعليق الاتفاقات التجارية، التي قد يمنع أصدقاؤنا في هنغاريا وتشيكا ذلك في الاتحاد الأوروبي. لكن التهديدات بالعقوبات قد تعطي ضوءاً أخضر لتعميق “المقاطعة الهادئة” ضد إسرائيل: الامتناع عن ارتباطات اقتصادية من القطاع الخاص دون تعليمات من فوق.
وقال مصدر في وزارة الخارجية “نحن أمام تسونامي حقيقي يحتدم، في أسوأ وضع نعيشه. العالم ليس معنا، هو لا يرى على شاشات التلفزيون منذ تشرين الثاني 2023 سوى أطفال فلسطينيين يموتون، وتدمير البيوت، وقد ملوا ذلك. إسرائيل لا تعرض حلاً ولا تسوية لليوم التالي، والمقاطعة الهادئة كانت هنا من قبل وستتعاظم، ومحظور الاستخفاف بذلك. لا أحد يريد أن يكون متماثلاً مع إسرائيل”.
ومع ذلك، ادعى مصدر سياسي أمس بأن “الكمين الدبلوماسي أحبط. كل ما رأيناه في الـ 36 ساعة الأخيرة هو جزء من خطوة مخططة، عرفنا بها واستعددنا لها جيداً. لغة القرار جد معتدلة في السطر الأخير. ليس لك لغة تعليق. لا يحطمون القواعد، بل يتحدثون بتعبير “المراجعة والمسيرة. النتائج استثنائية في نجاحها: 17 ضدنا، 10 معنا. والنوعية تقرر. ألمانيا، وإيطاليا، وتشيكيا، واليونان، وقبرص، وهنغاريا، وبلغاريا وكرواتيا معنا. وزير الخارجية ساعر، عمل بكد وأجرى ماراثون مكالمات هاتفية مع وزراء خارجية، ومثله فعل سفراء إسرائيل. على بريطانيا وفرنسا وكندا أن يخجلوا. حماس هي التي أيدت بيانهم كانت. وتأييد حماس دعوة صحوة لك”.
يديعوت أحرونوت 21/5/2025