ماذا وراء تعيين نتنياهو للواء زيني رئيساً لـ “الشاباك”؟

ماذا وراء تعيين نتنياهو للواء زيني رئيساً لـ “الشاباك”؟
بن كسبيت
بيان نتنياهو عن تعيين اللواء دافيد زيني رئيساً لـ “الشاباك”، بعد يوم من قرار محكمة العدل العليا في الموضوع والبيان المضاد من المستشارة القانونية وبموجبه لا يمكنه تعيين رئيس جديد للجهاز في هذه المرحلة، هو فعل جنون. يعرف نتنياهو أن التحدث مع عضو في هيئة الأركان من خلف ظهر رئيس الأركان، وإعلانه عن تعيينه لمنصب رئيس “الشاباك”، يعدّ مساً مباشراً للُباب الرسمية وأنظمة الحكم والسلطة في إسرائيل.
لقد خرق قرار المحكمة على رؤوس الأشهاد بكل فظاظة وبشبه فخار، ثم يعين شخصاً في منصب هو الأكثر حساسية في الديمقراطية الإسرائيلية، شخصاً بلا تجربة، وغير منتمِ، وغير مجرب. نتنياهو يفعل كل هذا لأنه يريد حرباً، لا حرباً في غزة حيال حماس فحسب؛ فهذه سبق أن حصل عليها، بل يريد حرباً هنا، في القدس، في تل أبيب، في داخل دولة إسرائيل، حرباً داخلنا.
تروي الأسطورة الرومانية بأنه حين نشب الحريق الأكبر في روما واشتعل لأسابيع طويلة، وقف القيصر نيرون على إحدى التلال التي تشرف على عاصمته وعزف الربابة. لا تأكيد للأسطورة، لكنها معروفة لنا جميعاً. ونحن الآن نشاهد الحريق عندنا. حريق الديمقراطية الإسرائيلية. وبخلاف القيصر، نتنياهو هو الذي أشعل الحريق. وبخلاف نيرون، لا نحتاج إلى أدلة تثبت أن نتنياهو يحتفل بهذا الحريق. فهو يفعل هذا أمامنا، علناً.
هذه المرة الثالثة التي يفشل فيها نتنياهو اللواء دافيد زيني؛ فقد حصل في المرة الأولى عندما قابله لمنصب سكرتيره العسكري. بعد المقابلة، نتنياهو نفسه هو الذي قرر عدم تعيينه. والسبب، كما يشهد مقربو نتنياهو، “مسيحانية زائدة”. نتنياهو شديد الحب لمعتمري “الكيبا” الذين في محطيه. هو نفسه ليس في أمر “الكيبا” والالتزام بالفرائض، لكنه يؤمن بأن معتمري الكيبا أكثر موالاة من العلمانيين، وأساساً عندما يدور الحديث عنه. إذا كان زيني “متديناً أكثر مما ينبغي” حتى بالنسبة لنتنياهو، فلا يتبقى إلا أن نتخيل عما يدور الحديث.
المرة الثانية كانت عندما طرح اسم زيني كمرشح لرئاسة الأركان بعد اعتزال هرتسي هليفي. وحسب المنشورات والمقربين، كان الترشيح من جانب السيدة نتنياهو. شقيق زيني، شموئيل، هو يد اليمنى لسايمون باليك، المحسن الكبير للعائلة.
المرة الثالثة هي الآن. فنتنياهو يعرف أن نسبة شطب محكمة العدل العليا لهذا التعيين مئة في المئة. فقد تقرر أنه في تضارب مصالح. تحقيق “قطر غيت” في ذروته. إذا أضفنا إلى كل هذا حقيقة أن زيني ليس رجل “شاباك”. ونربط هنا باقي التفاصيل المعروفة (العلاقة مع باليك، المفاوضات مع لواء في الجيش من خلاف ظهر رئيس الأركان والصدمة العامة لكل القيادة الأمنية من التعيين)، سنحصل على خطوة تقترب من الجنون. فهل هذا جنون مصطنع أم طبيعي؟ ننتظر بصبر لنكتشف.
معاريف 25/5/2025