مقالات

هذه الورقة مزوّرة، وإليكم الدليل القاطع بقلم مصطفى كامل 

بقلم مصطفى كامل -العراق -

 هذه الورقة مزوّرة، وإليكم الدليل القاطع

بقلم مصطفى كامل -العراق –

لم يعد العراقيون يجادلون اليوم في عمالة حزب الدعوة وخيانته وخسّة أعضائه

فضلاً عن خيانة الأوطان يتميز أعضاء حزب الدعوة الشيطانية العميل بأربع خصال، أولها الغباء وثانيها الوقاحة وثالثها قلة الأدب ورابعها الكذب السمج.

ولأنه عضو في هذا الحزب الذي يتولى مسؤولية تنفيذ مخطط تدمير العراق بامتياز منذ احتلاله سنة 2003 فإن محمد شياع السوداني يحوز هذه الخصال الأربع، ويحمل معها وزر الخيانة بالتأكيد.

فقد نشرت وسائل الالإعلام المرتبطة بالعصابات المتحكمة بالعراق صورة لورقتين مكتوبتين بخط اليد زعمت أنها قرار الحكم الذي أصدرته محكمة الثورة في العراق سنة 1980 والقاضي بإعدام والد السوداني بتهمة الانتماء لحزب الدعوة، موضحة أن السوداني اطّلع على هذه الورقة خلال افتتاحه معرض الكتاب في بغداد يوم الأحد 17 أيلول 2023 وأنه همّش عليها بآية من القرآن الكريم.

وحتى مع كون المعرض مخصّص للكتب الطائفية بالدرجة الأولى، إلا أن وجود هذه الورقة ضمن معروضاته غريب ولافت للنظر ويؤكد أن وجودها مقحم بشكل فجّ ولأغراضٍ استعراضية، فهو معرض للكتاب وليس للمنشورات القضائية التي تخصّ سجناء بصرف النظر عن الموقف من عدالة الحكم القضائي الصادر بحقهم.

بدءاً نشير إلى أن الخبر الشائع بخصوص والد السوداني يفيد أن الرجل تعرض إلى حادث مروري أدّى إلى وفاته ولم يُعدم لأسباب سياسية كما يتاجر ولده، وهذا ما يعرفه أبناء الحي السكني الذي كان يسكن فيه حينها.

وما يجعلنا نصدّق هذا الخبر الشائع هو أن محمد نفسه واصل بعد وفاة أبيه تعليمه في المدارس والجامعات العراقية وحصل على شهادتي البكالوريوس والماجستير في الهندسة الزراعية من جامعة بغداد وتعيّن في وزارة الزراعة وتدرّج بشكل طبيعي في المواقع الوظيفية حتى وصل إلى درجة رئيس القسم الزراعي في أكثر من منطقة من مناطق محافظة ميسان وفي مقر المديرية بمدينة العمارة مركز المحافظة، وأنه كان المهندس المشرف في البرنامج الوطني للبحوث مع منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “فاو” وهذه مواقع وظيفية تتطلب أنواعاً من الموافقات الأمنية، والعمل مع جهات دولية يتطلب موافقات من جهاز المخابرات أيضاً، فكيف حدث ذلك وهو يزعم الآن إعدام والده بتهمة الانتماء لحزب الدعوة، ويؤكد أنه شارك شخصياً في صفحة الخيانة والغدر المدعومة من إيران سنة 1991 (يسميها العملاء الانتفاضة الشعبانية) مع ملاحظة أن إعدام والده لم يكن سراً بعيداً عن معرفة الجهات الأمنية في محافظته بل هو، كما يزعم محمد شياع، معروف وموثّق لديهم كما يرد في الورقة التي نشرها والتي نحن بصددها اليوم.

ومع ذلك فقد فعل السوداني حسناً لأنه أتاح لنا فرصة تحليل هذه الورقة والتفصيل في الحديث بخصوصها، وكشف ما يعتريها من مشاكل تطعن في صدقيتها بل تنسفها تماما.

الورقة المزوّرة كما نشرها السوداني.

والحقيقة أنني لم أكلّف نفسي عناءً كبيراً في تفحّص هذه الورقة والتدقيق فيها، لأن الأمر لا يستحق كبير عناء على الإطلاق، فما توصلت إليه من قراءة سريعة، ولكن فاحصة، لمضمونها يكفي تماماً لنسف كل المزاعم بصدقيتها، وإليكم ما توصلت إليه:

  1. ترسل مثل هذه القرارات بكتابٍ رسمي وأصولي من محكمة الثورة الى وزارة العدل مباشرة ولا ترسل إلى جهات أخرى، أي أن قرار الحكم لا يُرسل إلى مديرية أمن محافظة ميسان حتى تضع عليه ختم الوارد، كما جاء في الورقة.
  2. صدر قرار الحكم كما تزعم الورقة في الشهر السادس، حزيران 1980، ووصل إلى مديرية أمن محافظة ميسان، وقلنا إنه لا يرسل لها، في الشهر الثاني عشر من نفس السنة، كانون الأول، ويبدو أنه كان يمشي على سلحفاة من بغداد إلى مدينة العمارة!
  3. بافتراض أن الجهة التي أصدرته أرادت اطلاع مديرية أمن محافظة ميسان على قرار الحكم لأرسلته فور صدوره لكي تعرف مديرية أمن المحافظة أن أحد الأهداف الأمنية ضمن محافظتها جرى تنفيذ حكم الإعدام بحقه وتتولى إجراءات متابعة الموضوع لاحقاً، ومنها منع إقامة مجلس عزاء كما يروّج العملاء المتحكّمون الآن.
  4. لو افترضنا أن الجهة التي أصدرت الحكم أرادت إبلاغ مديرية أمن محافظة ميسان عليه لقامت بإرساله إلى مديرية الأمن العامة التي تتولى هي، أي مديرية الأمن العامة وليس محكمة الثورة، إبلاغ مديرية أمن المحافظة، وبالتالي فإن الكتاب الذي يرسل إلى مديرية أمن محافظة ميسان يصدر من مديرية الأمن العامة ويرفق به كتاب محكمة الثورة، أي أن ختم الوارد، المؤشر في تاريخه بعد ستة أشهر من صدور الحكم، يجب أن يكون على أصل كتاب مديرية الأمن العامة وهذا ما لم يحصل، حيث نجد الختم على أصل كتاب محكمة الثورة وليس على كتاب مديرية الأمن العامة غير الموجود أصلا.
  5. لا يحمل قرار الحكم بالإعدام أي توقيع من قبل هيئة المحكمة، وحتى إذا كان صورة طبق الأصل من كتاب محكمة الثورة فيجب أن يحمل عبارة “صورة طبق الأصل” وهذا غير موجود.
  6. لمحكمة الثورة مقر واحد في العاصمة بغداد ولا يوجد لديها فروع في المحافظات وبالتالي لم تكن تدرج كلمة بغداد في ترويستها لأنها كلمة زائدة لا داعي لها فهي في بغداد أصلا.
  7. لم يكن الختم الثماني الموجود على الورقة معتمداً في سنة 1980 وانما اعتمد في سنوات لاحقة، وكان الختم المعتمد حينها بيضوي الشكل أو مستطيلا.
  8. لا توجد أختام في مديرية الأمن العامة مكتوب فيها عبارة “الشؤون السياسية” لأن المديريات والشعب والأقسام تحمل أرقاماً رمزية ولا تكتب باسم صريح (مثال: المديرية الأولى الشعبة الأولى القسم الأول، وهكذا).
  9. ما هو سبب إضافة ختم ثاني، الثماني، طالما يوجد ختم واردة؟!
  10. لماذا جرى تشويه الختم الثماني بحيث لا تظهر العبارة المكتوبة عليه؟!

ومن الواضح أن التشويه متعمّد وليس بسبب التلف، حيث بقيت حدود الختم الثماني واضحة فيما أخفيت الكتابة في داخله.

  1. في الورقة الأولى، العلوية، تبدو المسافة بين السطر الذي ورد فيه اسم شياع صبار حاتم وتحته خط والسطر الذي يليه أكبر من المسافات بين الأسطر الأخرى، وهذا يعني أن هذا السطر جرت إضافته لاحقا.
  2. لماذا لم تظهر ترويسة الكتاب الأول، العلوي، لنعرف جهة الصدور ورقم الكتاب وتاريخه؟!
  3. تقول الفقرة الأخيرة من الكتاب الذي لم تظهر ترويسته عمداً إن مديرية الأمن لم تتوصل إلى صحة المعلومات بشأن المعنيين وأن المعلومات الأخرى (!) لم تتأكد في الوقت الحاضر، فإذا كان الكتاب يقول إن المعلومات غير صحيحة فكيف أحيل المعنيون إلى محكمة الثورة وأعدموا؟!
  4. في الكتاب الأول، العلوي، يشير منصب الشخص القائم بالتوقيع باعتباره يوقّع نيابة عن مدير الأمن العام، وهذا يعني أنه مدير مديرية، فلماذا كان عنوان منصبه وكلمة “سري” في أسفل الكتاب مطبوعة بالآلة الطابعة فيما نص الكتاب بخط اليد، المفروض أن يكون الكتاب كله بخط اليد أو بالآلة الطابعة، ويجب أن يدرج تاريخ توقيع الكتاب أسفل التوقيع.
  5. يذكر الكتاب الأول، العلوي، كلمة “زمرة” وبحسب السياقات المعتمدة في مخاطبات الأجهزة الأمنية العراقية في العهد الوطني فإن الحديث عن هذا الحزب المجرم يكون بعبارة “حزب الدعوة العميل” وليس بكلمة “زمرة الدعوة”.
  6. أما التعمّد في نشر الصورة بشكل غير واضح فهذا دليل إضافي على تشويه مقصود لإخفاء حقيقتها وطمس معالمها، ولكن هيهات أن تمرّ على عيون فاحصة نذرت نفسها لمحاربة هؤلاء العملاء.

هذه بعض الملاحظات التي وردت إلى خاطري وأنا أستعرض على نحوٍ سريعٍ، ولكن دقيق أيضاً، هذه الورقة التي يريد الدعوجي محمد شياع السوداني المتاجرة بها الآن ليقول إن والده أعدم لانتمائه إلى هذا الحزب، والحقيقة أن إعدام المنتمين إلى هذا الحزب الشيطاني العميل ليس سراً، فالقانون العراقي كان يقضي بإعدام كل من يثبت انتماؤه لهذا الحزب المجرم الذي لم يعد العراقيون يجادلون اليوم في عمالته وخيانته وخسّة أعضائه بعد كل ما ارتكب من جرائم منذ غزو العراق سنة 2003، وقبل ذلك أيضا.

وأجدني هنا أوجّه نصيحة للعميل السوداني باختيار مزوّرين محترفين بارعين يتولون تزوير ما يريد ترويجه من أوراق حتى لا ينفضح كذبه، ولكن من أين للدعوجي ذلك وهو يتميز بخصال الغباء والوقاحة وقلة الأدب والكذب السمج، بالإضافة إلى خيانة الأوطان طبعا؟!

المصدر :وجهات نظر 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب