مقالات

رسالة عباس إلى ماكرون.. تأييد لِنزع سلاح حماس وعدم مشاركتها في حكم غزة.

رسالة عباس إلى ماكرون.. تأييد لِنزع سلاح حماس وعدم مشاركتها في حكم غزة.

بقلم / علي او عمو.
كاتب من المغرب.

جاء في صحيفة القدس العربي أنّ: الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد أعرب عن تأييده لقيام حماس "بإلقاء
السلاح" و"التوقف عن حكم غزة" كجزء من دولة فلسطينية مستقبلية، في رسالة وجّهها إلى الرئيس الفرنسي
إيمانويل ماكرون قبل مؤتمر الأمم المتحدة بشأن حل الدولتين، وفق الإليزيه.

وفي رسالة وجهها الاثنين إلى ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي سيشارك في رئاسة المؤتمر
حول حل الدولتين من 17 إلى 21 حزيران/ يونيو في نيويورك، قال عباس أيضا: إنه "مستعد لدعوة قوات عربية
ودولية للانتشار كجزء من مهمة الاستقرار/الحماية بتفويض من مجلس الأمن".

و أضاف عباس أنّ: "ما فعلته حماس في تشرين الأول/ أكتوبر 2023 من قتل وأسر مدنيين أمر غير مقبول"، داعيا
الحركة إلى "الإفراج الفوري عن جميع الرهائن"..

• محمود عباس… حين يُدين المقاومة.
في واحدة من أكثر الرسائل السياسية إثارة للجدل، بعث الرئيس الفلسطيني محمود عباس برسالة إلى نظيره الفرنسي
إيمانويل ماكرون، أعلن فيها استعداده لنزع سلاح "حماس"، وإقصائها من الحكم، وقبوله بنشر قوات عربية ودولية
في غزة، في مقابل المضي نحو إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح..
قد تبدو هذه الرسالة في ظاهرها محاولة لإنقاذ ما تبقى من "حل الدولتين"، لكنها في حقيقتها تمثل انحرافًا خطيرًا عن
الثوابت الوطنية، وتنازلًا جديدًا يتجاوز حتى اتفاق أوسلو، الذي ثبَت فشلُه، ومع ذلك لا يزال محمود عباس يُراهن عليه
رغم مرور أكثر من ثلاثة عقود من خيْبة الأمل.

•المقاومة ليست مشكلة… الاحتلال هو المشكلة.
حين يُحمّل الرئيس الفلسطيني المقاومة مسؤولية تعطيل "الحل السياسي"، ويُدين ما أسماه "العنف"، فإنه يغفل جوهر
الحقيقة: أن المشكلة ليست في سلاح المقاومة، بل في وجود الاحتلال نفسه. فالمقاومة، بجميع أشكالها، حق مشروع
لكل شعبٍ واقعٍ تحت الاحتلال، وفق القانون الدولي، ولا يجوز تَجريمُها أو مُقايَضتُها بأي مكاسبَ سياسية مؤقتة.
إن دعوة عباس لتجريد غزة من سلاحها، وإخضاعها لحماية أجنبية، تعني فعليًا تفكيك آخر معاقل الإرادة الفلسطينية
المستقلة، وتحويل المقاومة من رافعة للمشروع الوطني إلى عِبْء يجب التخلُّص منه لإرضاء المجتمع الدولي.
•أوسلو… الاتفاق الذي خذل الفلسطينيين.
ليس سرًا أن عباس كان من مهندسي اتفاق أوسلو، وهو ما يجعل تمسكه به بعد كل هذه السنوات مثيرًا للتساؤل.
فالاتفاق الذي وُقّع عام 1993 على أمل إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية، لم يحقق أيًّا من وعوده. بل تحوّلت
السلطة التي أنشأها الاتفاق إلى كيان إداري هشّ، يخضع للابتزاز المالي والسياسي من قبل إسرائيل والمجتمع الدولي،
ويتحوّل تدريجيًا إلى أداة لضبط الأمن الداخلي أكثر من كونه كيانًا يقود مشروع التحرر.
وفي حين استمر الاحتلال في مصادرة الأرض وتوسيع الاستيطان وتهويد القدس، لم يبق من أوسلو سوى أوهام
السلام، وواقع استسلام تام.
•التنسيق الأمني… ضد من؟
من أكثر النقاط المثيرة للغضب في نهج عباس، هو إصراره على استمرار ما يُسمّى "التنسيق الأمني" مع الاحتلال،
وهو تنسيق لم يُستخدَم يومًا لحماية الفلسطينيين، بل لضمان أمن إسرائيل ومنع تنامي المقاومة، خاصة في الضفة
الغربية.
لقد تحوّل هذا التنسيق إلى عارٍ وطني، يتناقض تمامًا مع مفهوم السيادة، ويضع السلطة في موقع الخصم من شعبها،
بدل أن تكون ذراعًا لتحريره.
•شعب يقاوم… وسلطة تجرّم المقاومة.
ما بين الميدان والسياسة، تتكشف المفارقة الصارخة: المقاومة تحقق إنجازات ميدانية، وتُبقي القضية حيّة، بينما
يروّج عباس لحل سياسي ميّت. فالسلطة التي تُدين حماس اليوم، تجاهلت أن كثيرًا من رموز المقاومة سقطوا شهداء
من أجل قضية وطنية جامعة، لا من أجل فصيل أو حسابات ضيقة.
لقد خذل عباس الشعب الفلسطيني عندما أدار ظهره لخيار المقاومة، وراهن على تسويات لا تحترمها إسرائيل أصلًا.
وبدل أن يُجمّع القوى الوطنية في خندق واحد، اختار أن يكون خصمًا للميدان، لا حليفًا له.
•ختامًا .
القضية الفلسطينية اليوم في لحظة مفصلية، ولن تُنقذها الرسائل إلى باريس، ولا التنازلات للمجتمع الدولي، بل تحتاج
إلى مشروع وطني جامع، تُوضع فيه المقاومة، لا التفاوض، في مركز الفعل السياسي. فلسطين لا تُحرّر بخطب
المجاملة، بل بإرادة صلبة، تعرف أن الاحتلال لا يُزول إلا حين يُواجه، لا حين يُراد استرضاؤه.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي صحيفة صوت العروبه  وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب