مقالات
بعيدا عن الكراسي قريبا من المسؤولية بقلم الدكتور وَائِلْ اَلْقَيْسِي
بقلم الدكتور وَائِلْ اَلْقَيْسِي -العراق-

بعيدا عن الكراسي قريبا من المسؤولية
بقلم الدكتور وَائِلْ اَلْقَيْسِي -العراق –
لقد كنا أمة الجهاد والنضال والأفعال لكننا اليوم ، نحن بارعون بالدعاء والحوقلة والسبحنة والنواح وكتابة المرثيات… وإن العاجزين والمستسلمين أمثالنا والمنبطحون والمرجئة لا يستجاب لهم دعاء ولن ترتفع لهم راية… لقد أضحت اليوم سيوفنا الخشبية تقاتل الهواء كما في طاحون الشياطين لدون كيخوتيه ، وصولاتنا الكيبوردية تقودها جحافل أبطال من هذا الزمان ، فضح بطولاتها ميخائيل ليرمنتوف قبل قرن من الزمان . ليس يأسا ، ولا ضعف إيمان ولله الحمد ، لكن الأمة التي صار سوادها الأعظم ينتظر وينظر ويحمل المحمول والكاميرات لتصوير حفلة ذبحنا ممن كان قبل عقدين فقط ، يخاف من مهابة ظل فرساننا ، اضحت أمة بارعة في النعي والمراثي والبكاء على الأطلال فقط . إن الأرض ذات الأرض والسماء ذات السماء ، والماء والهواء لم يتغيرا منذ أن خلقها الله، وهي نفسها التي انتصر فيها وحكم عمر بعدالته أقوى الإمبراطوريات شرقا وغربا ، وشهدت نخوة المعتصم ، وانتصار الناصر صلاح الدين على الصليبيين ، وصولا إلى قاهر الفرس ومرعب الصهاينة القائد العربي المسلم صدام حسين المجيد الشاهد والشهيد ، فما حدا مما بدا لِتُحْتَل اليوم بلدانا وتسقط صوامع وتُستباح أوطان وتُغتال كرامات والقوم في حيص بيص من أمرهم؟!! غزة تُنْحَر واهلها جياع وعراة ونحن نتسابق في التحسر عليها، ونستحلف فاقدي الإيمان بالدعاء لها ونتبادل صور اشلائهم على وسائل التناطح الاجتماعي في الإنترنت مثلما نتبادل بطاقات المعايدة ؟!! والعراق الذي كان مشعل الأمة وسيفها منشغل اليوم في مظاهر تقبيل وغسل أقدام العجم والتفاخر برفع اعلام إيران ، والذل والهوان قد استباح الأرواح والأفئدة ، والعجيب والغريب ان البعض من العراقيين والذي كان بالأمس يرتدي ” الزيتوني ” صار اليوم أشد وطأة على بني جلدته بعد أن التحق بالذيول ممن يسبحون بحمد إيران بكرة وعشيا ؟!! . اما بقايا المعتقلين من خيرة رجال الحكم الوطني قبل الغزو الأميركي والاحتلال الايراني للعراق في 2003 ومعهم مئات الآلاف من المقاومين والابطال الذين يرزحون خلف قضبان زنازين البغاة فلا يكاد يذكرهم احد ولو من باب الوفاء او المجاملة سوى عوائلهم المنكوبة واهليهم الصابرين . ألا يجدر بمن يستذكر ويتذكر امجاد عظماء امتنا ومآثرهم وبطولاتهم وتضحياتهم من قادة ورموز ، ان يقتدي بما قدموه من اجلنا؟! ، فهم لا يكفيهم تخليدنا لهم فهم مخلدون عند الله وفي صفحات التأريخ . فهل ” البطولة العربية كذبة ، أم مثلنا التأريخ كاذب” ؟!! . إن الشعب العربي بكل مكان يفور ويمور ، وهو لا يحتاج سوى قدحة زنادا ليثور ، وهذه القدحة بحاجة إلى قيادة حقيقية ، وليست إلى رويبضات متسلقة أو أشباه رجال انتهازيين ، لا تأريخ ولا حاضر لهم سوى بضع صفحات ذبابية على الإنترنت لتصنع منهم أبطالا وتفبرك لهم بطولات ، وهم في الحقيقة مجرد إمعات قاءها الزمن الرديء ، وكل ما يملكونه هو أنهم يتعكزون على ماضي ومآثر النظام الوطني في العراق قبل الغزو الأميركي والاحتلال الإيراني للعراق في 2003 . وهذا التوصيف يشمل الجميع ولا أستثني فيهم منهم أحدا. فهم اذا استمرو على هذا الحال المهلهل سينطبق عليها وصف أصحاب دكاكين للإرتزاق لا أكثر . ان الحل الأقرب للواقع من أجل تحرير العراق وخلاص شعبه من هذا الذل والهوان الذي لحق به من إيران وامريكا وكل شذاذ الآفاق هو ان يلتقي جميع أصحاب الدعوات الوطنية من أحزاب وتجمعات ومجالس وحركات ومنظمات وتنظيمات وائتلافات وأفراد وتشكل جحفلا حقيقيا من رؤسائها فقط ، بمعنى ان يضم هذا الكيان الموحد رئيس او امين او قائد كل حزب او مجلس او حركة وطنية حقيقية من هذه الكيانات فقط ، ويتم انتخاب رئيسا ونائبين للرئيس من بينهم والباقون كلهم يكونون اعضاءا في هذا المجلس او الكيان الموحد . ويكون هذا التنظيم هو القائد ، والممثل الوطني الشرعي والوحيد للشعب العراقي ، وبذلك يستطيع أن يخاطب العالم والعرب قاطبة بصوت واحد موحد . عندها سيجد العالم نفسه مضطرا للتعامل معه بإحترام وجدية ، وسيلتف الداخل من العراقيين الأحرار حوله . أن قوتنا لن تتحقق إلا بالوحدة ولو بحدها الأدنى. ولكن ضعفنا سيستمر طويلا بفرقتنا وتشتتنا وكثرة زعاماتنا الخلبية المريضة ، فإما أن تكونوا على قدر المسؤولية وتتخلون عن دكاكينكم من أجل العراق وشعبه واما ان تكفونا شروركم التي لا تقل عن شرور الأعداء ، فلم يعد في القوس منزع وما عاد للصبر من مُتّسع.