مقالات
الطائفية والتنوّع الثقافي بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين حسن الدياب. – استاذ جامعي -دمشق –
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين حسن الدياب. - استاذ جامعي -دمشق -

الطائفية والتنوّع الثقافي
بقلم الاستاذ الدكتور عزالدين حسن الدياب. – استاذ جامعي -دمشق –
توجهات نحو رؤية ثقافية عربية
متى تتحول الطائفية إلى مشكلة بنائية،نسبة للبناء الاجتماعي،ومتى تتحول من ظاهرة ثقافية،تتداخل مع جملة من الظواهر التي يتشكل منها النسق الثقافي،إلى ظاهرة إشكالية،ينبري الفكر للوقوف أمامها،طارحاً أسئلته عليها،ليتعرّف على الأسباب والعوامل البنائية،التي حولتها من ظاهرة ثقافية صحيحة وسليمة،تأتي في إطار التنوع الثقافي الذي يغني البناء الاجتماعي،ويقوي وحدته،ويثري وعيه،ويقوي وحدته المجتمعية،ويزيد من عوامل التضامن،ويمهد لحيوية اجتماعية ثقافية،تزيد البناء الاجتماعي،تآلفاً وتألقاً،ويجعل الوعي الاجتماعي يزداد معرفة بهمومه وتطلعاته وتحدياته،وتجد فيه الثقافة مبتغاها بأن يكون للمحبة المجتمعية القاسم المشترك والرئيس ،في الأمن الثقافي الذي يصبح الرهان قوة الوحدة الاجتماعية،غاية من الغايات الرئيسة،التي تحظى بالتوافق العام عليها،وعلامة ثقافية تفتح الأبواب أمام تنوع ثقافي،،يتحول إلى سلاح اجتماعي،في ممانعة ومغالبة الوازع الجهوي والمذهبي ،الذي يخرج عن وحدة المجتمع وتماسكه وشيوع ثقافة المحبة والإخاء الوطني.
إذن؛ أسئلة توجهات هذه الدراسة لها مشروعيتها،في معرفة تحول الـطائفية من ظاهرة تعكس أهمية التنوع الثقافي في وحدة المجتمع،ومن ظاهرة مشروعة مالكة لمستحقاتها البنائية،إلى ظاهرة معتلة،تمارس دورها الانقسامي،وتسوغ لمهاترات ثقافية محسوبة على ثقافة الكراهية والبغضاء،وذريعة للحروب والنزعات الانفصالية .القول السليم الخالي من الوازع الفردي والجهوي والوطني الطائفي،يحسب على توجهات العودة إلى اللغة العربية،في مسعاها لمعرفة نقاط الضعف في الطائفية،ومالها من ولاءات وانتماءات،ومدى مشروعية هذه الولاءات والانتماءات،إذا خرجت عن حدود الوحدة الوطنية،وراحت تنتمي إلى ثقافة الفرقة والغلو الطائفي،ومصاحباتها من ثقافة الخوف والكراهية والتصادم مع ثقافة المحبة والألفة والوحدة الاجتماعية،والتمسك بالعقد الاجتماعي،وماله من عوامل مساعدة،تشكل سنداً لوحدة المحتمع وقوته،وسيره خطى إلى الأمام في معركةوجوده وحضارته.
الطائفية لغة:
المجموعة من الشيء.و-: جماعة من الناس يجمعهم مذهب واحد،أو رأي يمتازون به. -و (في علم الأحياء
وحدة تصنيفية كالحشرات من الحيوان .وذوات الفلقتين من النبات.(ج)طوائف(الطائفية) التعصب لطائفة معينة.المعجم الوحيز-مجمع اللغة العربية-ص397)
وتسأل التوجهات سؤالها المنهجي،هل الولاء للطائفة من الولاءات المرفوضة،وعلامة تعصب يقوّي الفرقة،أم أن الولاء والانتماء سنة اجتماعية مشروعة،ولا غبار عليها،ومتى ينزاح الولاء والانتماء عن مشروعيته،ويتحول إلى مسبة مجتمعية تفرق ولاتوحد،تقسم وتجزأ.
تجيب توجهات هذه الدراسة عل أسئلتها،بالقول المبني على استطلاعات وإصغاء هادف للحوار الجاري بين الناس،وتتبع للعواطف المعلنة والمكبوتة أن الانتماء الطائفي حق إنساني تعترف به شعوب العالم وأممه.وعلى آراء ومناظرات واجتهادات،ولا عيب في الًولاء والانتماء الطائفي إذا علّت هذه الولاءات والانتماءات عن الولاء للوطن وللوحدة الوطنية،ومدخل الطائفية للمجتمع،من خلال قبولهاواحترامها،للطوائف الأخرى،على طريقة أن تكون الطائفية جزء من أجزاء التنوع الثقافي،بما له من وظيفة بنائية توحيدية،ًما له من حسن في لوحة التنوع الثقافي،الذي يشكل علامة في قوة المجتمع وإزدهاره .
وما حال الطائفية في وطننا العربي،في حال قوة البناء الاجتماعي العربي،الطائفية عنوان من عناوين التنوع الثقافي الذي يظهر في المواقف والولاءات والانتماءات،التي تدور في فلك المواطنة والوطنية،وعندما تكون هذه الأخيرة مالكة لشروطها ومؤشراتها في الولاء للعقد الاجتماعي بكل مضامينه وشروطه،وعندما تكون حقوق الانسان العربي محمية بدولة مدنية ديمقراطية،تطبق مبدأ السواسية،والمساواة.
وعكس هذه الشروط مجتمعة تصبح الطائفية بولاءاتها وانتماءاتها مغالبة ومتصارعة مع الولاءات الطائفية التي تشكل معها التنوع الثقافي،في المجتمع العربي،وتصبح مسرحا للتجاذب الفئوي الذي يشكل بدوره ساحة ثقافية للصراع والحروب، والارتهان للأجنبي . الطائفية تصبح ظاهرة مرضية معتلة عندما يضعف التنوع الثقافي،وتغلب فيه التناقضات،وتتفكك لحمته الثقافية.
إذن، الطائفية المشروعة في مجتمعنا العربي ولاء وانتماء،وواحدة من النسيج الاجتماعي،الذي يحقق الغلبة للوحدة الاجتماعية ولقوةًالمواطنة،وثقافة شعبية تحيي كل مايستجد من عناصر قوة مجتمعية،الغلبة فيها لحقوق الإنسان ولوطنيته ومواطنته،ولحوار إجتماعي مجتمعي بناء،الباحث عن كل ما يقوي إنسانية الإنسان العربي،وانتماء للعروبة بمسوغها الذي يقول “العروبة تجمعنا،فهي البيت الأمين والقوي ا
للولاءات ًالانتماءات الجهوية والطائفية المشروعة،التي تنحني إجلالاً ً واحتراما للوطنية في بعدها القومي العربي،فبقدر ما أكون جهوياً ووطنياً أكون عربياً.
مهداة إلى رفاقي من الحبلين وأخص أنموذجاً أحمد إسكندر وواكد حامد.
د-عزالدين حسن الدياب.