مقالات

في سبيل الإصلاح والإنقاذ : السباق مع الوقت وحذارِ من كلِّ دعسةٍ ناقصة . بقلم نبيل الزعبي -طليعة لبنان-

بقلم نبيل الزعبي -طليعة لبنان-

في سبيل الإصلاح والإنقاذ : السباق مع الوقت وحذارِ من كلِّ دعسةٍ ناقصة .
بقلم نبيل الزعبي -طليعة لبنان-
ليس هِياماً بالعهد الجديد وحكومته الاولى العتيدة وانما هو الشعور بالمسؤولية الوطنية التي تقتضي اعطاءه الفرصة لينطلق ، اولاً : لانه جديد ، وثانيا: كي يتسنى له ان ينفَّذ ما استطاعه من عهد القسم ووعد البيان الوزاري ، سيّما وان من يطلق السهام على حكومة العهد ورئيسها ينحصرون بفئتين لا اكثر ، الاولى :
دعاة الفدرلة اصحاب التآريخ المشبوهة في ارتباطاتهم وافكارهم التقسيمية ، والثانية : المتضرّرون من بعض رموز الدولة العميقة من الاقطاع المالي والمذهبي تحديداً وممن تولُّوا المسؤوليات في العهود السابقة فزادوا من ثرائهم على حساب إفقار الناس والإمعان في تجهيلهم وإغراقهم في مشاكل وصراعات جانبية لم تسلم منها منطقة او اخرى .
غير ان حرصنا على استمرار عمل هذه الحكومة بالشكل المرحَّب به دوماً من اللبنانيين يدفعنا إلى انتقادها بشدة إزاء كل دعسةٍ ناقصة تُقدِم عليها وقد اخطأت فعلاً اوائل هذا الشهر في الزيادات المعلنة على صفيحتي البنزين والمازوت بما يزيد عن العشرة بالمئة للبنزين والعشرين للمازوت على سعر الصفيحة الواحدة وكان عليها ادراك مدى انعكاس ذلك على التضخُّم الحاصل وما يشكل من عبءٍ ماليٍ على المستهلك وبالتالي نضم صوتنا إلى كل التشكيلات النقابية والعمالية والشعبية للمطالبة بالرجوع عن هذه الزيادات باعتبار ان غلطة ألشاطر بالف والرجوع عن الخطأ فضيلة وهذا ما يجب ان يتحقق في اقرب وقت ، ومن هنا نبدأ :
ربَّما هي المرة الاولى في تاريخ الجمهورية اللبنانية يغمر فيها اللبنانيون هذه الكمية الفائضة من التفاؤل بوجود رئيسين جديدين يحملان من الوعود على قدر آمال الناس ومن التفاؤل ما يتساوى مع القلق لما على العهد الجديد وحكومته الاولى من تحدّيات ومهام مصيرية قد لا يكفي الزمن القصير جداً بتنفيذ كل بنود البيان الوزاري في ظل الرشقات الهجومية المتتالية التي تطال الحكومة وإن بدأت خجولةً في ايام ولادتها الاولى ، غير انها بدأت تنحو إلى التصعيد والوقاحة والتشكيك مما لم يعد مستغرباً ان يصدر ذلك عن رموز الدولة العميقة ومرتكزاتها المتشعبة في مختلف أوصال الدولة اللبنانية برعايتها للفساد ومحاربتها لكل اصلاحٍ وانقاذ على مدى العقود والسنين .
هذه الحكومة بعمرها القصير المحدد بإجراء الانتخابات النيابية في العام المقبل ، مقدرُّ لها ان تحارب على جبهتي الإصلاح والخلاص التدريجي من نفوذ وفساد الدولة العميقة معاً ، وبدون الخلاص من تلك الثنائية لن يكتمل اي إصلاح مرتقب وسيستغل المتضررون فيها كل ثغرة وهفوة ودعسةٍ ناقصة ليكونوا لها بالمرصاد ويجهضوا ما تحقق وما يجب ان يتم استكماله في الأشهر المقبلة من إنجازات .
هل هي مصادفةً ام استشعاراً بثقل وفداحة المساءلة ، هذا الإذعان المستجّد للمثول امام قاضي التحقيق في قضية انفجار مرفأ بيروت بعد طول امتناع وتطاول على القضاء ومخاصمة القاضي وإجهاض التحقيقات بالالتفاف على مطالب اهالي الضحايا عبر شق صفوفهم وتمييع قضيتهم ، فلا صوت يجب ان يعلو بعد اليوم فوق الشرعية الدستورية ، سيّما وان قانون استقلالية القضاء قد أُقِّرَّ بعد طول مصادرة سياسية للعدالة في لبنان ،ولا”جنرالات”
ممنوع استدعاءهم او وزراء فوق القانون بما فيهم الرؤساء وكل من وُجِد مقصّراً او امتلك معلومات وأخفاها فلم يصرّح عنها في حينها بعد ان ولّى زمن الاستقواء على الدولة او هكذا يجب ان نفهم من كل ما يصدر من مواقف وتصريحات سيادية لم نتعوَّد عليها في الماضي القريب جداً ،
اما الوقت فهو السيف القاطع هذه الايام ، ان لم تقطع به الحكومة كل ما يعترضها من عقبات ومطبّات ، فسينقلب عليها ويتحوّل إلى غير صالحها حتماً ، وان لم تستشعر الحكومة بثقل الوقت عليها ، فاللبنانيون يستشعرون ، وهم ينتظرون الخلاص بعد طول معاناة .
لا يعني ما تقدّم استبدال حالة الاستقواء بالخارج بمنطق الوصاية الداخلية وادّعاء “اُبُوَّة وتمنين” هذا العهد والوصاية عليه وكأنه نتاج مجموعة معيّنة او مكوّن سياسي دون الآخَر متحاشين الاعتراف ان التغيير كان ولم يزل المطلب الشعبي الوحيد العابر للطوائف والمذاهب والمناطق وبالتالي صار ملكاً مكتسباً لكل اللبنانيين ومن غير المسموح مصادرته او إجهاضه من قِبَّل اية جهة او مكوّن او ايّةِ طائفة حتّى .
ندرك تماماً ان عاماً افتراضياً كاملاً لعمر هذه الحكومة لن يتيح لها تحقيق المعجزات غير انها تستطيع ان تضع قطار التغيير على السكة الصح ودّك المداميك الاولى المطلوبة لكل المشروعات الإصلاحية وما تعتمده اليوم من سُلّمِ اولويات يعزّز مصداقية خطابها والثقة بانها ستنجح لا محالة .
إلى ما تقدم ، ينبغي التطرُّق إلى الجوانب الأخرى الأساسية التي لا تقتصر على الامن والسلاح غير الشرعي المطلوب معالجته من قِبَل الدولة مباشرةً لنشير إلى ما يصدر عن جهات إعلامية معيّنة تعبّر عن مواقف مصارف وسياسيين يتحمّلون المسؤولية الأساسية في تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية وهؤلاء يتناولون الازمة كوجهة نظرهم الخاصة التي تقابلها وجهات نظر اخرى متناقضة تزيد جميعها من منسوب الخوف والقلق لدى اللبنانيين والمودعين بشكل خاص ويشكلون في ممارساتهم ما هو اخطر على البلد من النواحي الامنية والعسكرية ويضربون بمواقفهم اللامسؤولة كل امن اجتماعي واقتصادي واستقرار منشود في هذه المرحلة يجب ان يرافق العهد الجديد في مشروعه الانقاذي لا التشويش عليه واضعاف صورته امام اللبنانيين .
يحدو الجميع الامل ان لا تتوقف مسيرة الإصلاح والإنقاذ مع انتهاء السنة الافتراضية للحكومة وتشكُّل الانتخابات النيابية في العام المقبل دفعاً جديداً يكمل مسيرتها ويجعل من خطاب القسم منهاجاً مستمراً للمجلس النيابي المقبل وما سينتج عنه من حكومات تجعلنا نطمئن بان الوقت معنا ، لا علينا .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب