
الحرب على إيران: سيناريو نتنياهو المتكرر في الهروب إلى الأمام
وهو الباروميتر الذي أراد ترامب من خلاله لنتنياهو أن يعزز شعبيته وامورا اخرى ، ولسان حال الإسرائيليين يقول: إلى أين يأخذ نتنياهو إسرائيل؟
بقلم مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸
14.6.2025
————————————-
لم يختلف الأسلوب الذي يتبعه نتنياهو لتحقيق المكاسب الشخصية والشعبية في إسرائيل وفي قدرته على إسكات المعارضة من خلال الهروب إلى الأمام وفتح جبهات جديدة يحقق فيها ضربات نوعية، فيظن من الوهلة الأولى أنه أنهى أعداء إسرائيل وأجهز عليهم، ليخرج منتشيًا بذلك الإنجاز، مقدّمًا نفسه كحامي دولة إسرائيل، وعند أقدامه يجثو أعداؤها.
منذ الولوج إلى الحرب على غزة، والضربات التي وجهها إلى المدنيين الفلسطينيين، واستطاعت أجهزة المخابرات الإسرائيلية الوصول إلى قادة فلسطينيين ولبنانيين من الصف الاول والثاني الشهيد إسماعيل هنية في طهران ، ويحيى السنوار، ومحمد السنوار، وكذلك الكثير من قادة حماس، إما بالعمل الاستخباراتي أو بالصدفة، أو الوصول إلى الشهيد حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية من بيروت، ومن قبله الشهيد صالح العاروري ايضا رحمهم الله جميعًا وكل الشهداء. لا شك أن ذلك يدل على عمل دؤوب لتحقيق لاجهزة الامن الاسرائيلية تلك الإنجازات التي تعتبر نوعية في انجازها. كما أظهر ايضا الهجوم الإسرائيلي على إيران وضرب المواقع الإيرانية الهامة ، سواء النووية أو غيرها، والتي طالت القادة الإيرانيين واستشهاد الصف الأول في القيادة الإيرانية وعلمائها في التخصصات النووية، نتنياهو وكأنه طاووس ظهر أمام الشعب الإسرائيلي منتشيًا بتحقيق إنجاز كبير من شأنه أن يحقق الأمن لإسرائيل ويحميها ممن يُسمّون أعداءها. وفي اعتقادي ان نتنياهو والرئيس ترامب الذي منح نتنياهو الضوء الاخضر بالهجوم لم يقدروا العواقب جيدا وان الصواريخ الايرانية سوف تزعج اسرائيل، هذا ما نستطيع قراته من خلال تصريحات المسؤولين الاسرائيلين.
إذا قرأنا مسيرة إسرائيل منذ نشأتها وحتى اليوم، نستطيع أن نقول إن إسرائيل، إذا نجحت في شيء، فقد نجحت في خلق أعداء لها في محيطها. فأين هي النجاحات الحقيقية التي حققتها إسرائيل؟ وأستثني هنا ما تعرّض له الشعب الفلسطيني من تشتيت وتهجير وقتل وتدمير وملاحقة ومصادرة أمواله وممتلكاته وقرصنة عوائده… إلى غير ذلك من البرامج التي تهدف إلى فنائه. هل استطاعت إسرائيل تحقيق سلام حقيقي مع المصريين أو السوريين أو اللبنانيين أو العراقيين؟ الشعوب العربية ما زالت ترى ان اسرائيل دولة معادية ولم يتحقق السلام معها بالرغم من تحقيق السلام مع دولها. مبدأ “الأمن مقابل السلام” لم يجلب الأمن ولا السلام لإسرائيل، ولن يجعلها دولة طبيعية في الشرق الأوسط كما أراد من قاموا على إنشائها. بالمختصر المفيد، الدولة الرسمية والتطبيع معها لا يحققان الأمن والسلام لإسرائيل، ولا يمكن شراء الشعوب أو فرض التطبيع معها بالقوة والترهيب.
على مدار أكثر من عشرين شهرًا، وإسرائيل بقيادة نتنياهو والأحزاب اليمينية والصهيونية الدينية، تقود البلاد من حرب إلى أخرى دون أن تضع الحرب أوزارها لفرض ما يسمى السلام بقوة السلاح. يريدون تحقيق حلم “إسرائيل الكبرى” والتوسع على حساب الدول المجاورة، وإنهاء الوجود الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة. وأخيرا أرادوا إنهاء البرنامج النووي الإيراني. أراد نتنياهو أن يصنع لنفسه هالة كبيرة أمام الإسرائيليين بوصفه حامي الدولة العبرية، والقادر على تخليصها من أعدائها، فشن حروبه باحثًا عن نصر يتوج فيه ملكًا لإسرائيل.
لا ننكر مدى الخسائر التي لحقت بكل من شنت إسرائيل الحرب عليهم، والآلام التي أصابت الشعوب، والتدمير الذي أصاب الممتلكات، وخاصة في قطاع غزة. لكن أيضًا، إسرائيل أصابتها خسائر كبيرة في القطاعين العسكري والمدني. دون أدنى شك، وصلت الحالة في إسرائيل إلى درجة لم يعد معها الرجوع إلى الوراء، ولسان حال المعارضة والشعب الإسرائيلي يقول: إلى أين يأخذنا نتنياهو واليمين الإسرائيلي الذي اختطف إسرائيل؟! فالحروب ليست نزهة، والحرب على دول أخرى ليست كالحرب على الشعب الفلسطيني الذي يخضع للحصار والخناق، ولا يملك إلا كرامته التي يدافع عنها بصدره العاري.
امام موجة السياسات والهجوم الاسرائيلي الجامح ، من المهم تضافر القوى المحلية والاقليمية لمواجهة سياسة نتنياهو في الاستفراد بدول وشعوب الاقليم ، وهذا يعزز فرص تضيق الخناق على انتشار الحرب وتعزيز امن وسلامة المجتمعات في المنطقة العربية والاسلامية. ومما لا شك فيه امام كل المحاولات التي تستهدف فيها اسرائيل الشعب الفلسطيني فان اهم استراتيجية يمكن ان يعتمدها الفلسطينيون هي تعزيز مفهوم الجبهة الداخلية وبناء منظومة تعزيز الصمود ، وهيكلية المؤسسات المقاومة للاحتلال من اجل محاصرة سياسات الاحتلال في التهجير والنزوح الذي تحاول ان تفرضه على الضفة الغربية وغزة. تعزيز العلاقات مع الفلسطينين في الداخل ، واليسار الاسرائيلي المناهض لسياسات نتنياهو وكل المتضررين من هذه السياسات له من الاهمية بمكان من اجل الحفاظ على صمود شعبنا في وجه المد الصهيوني الديني واليميني لنتنياهو وحكومته، واخماد وتيرة الحرب.