
حول الحرب على إيران
بقلم الدكتور يوسف مكي
هذا النص كتبته لصحيفة الشروق التونسية
اعتقد أن قضية الصراع مع العدو الصهيوني أمام مرحلة مفصلية، بعد العدوان الأخير على الجمهورية الإسلامية.
صحيح أن خديعة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي أكدت على انعقاد جلسة لوكالة الطاقة الذرية، بوساطة عمانية مع ممثلين عن الحكومة الإيرانية لمناقشة مستوى تخصيب اليورانيوم، على أن تعقد يوم الأحد من هذا الأسبوع، بعد يومين من العدوان الاسرائيلي على ايران، مع اعطائه الضوء الأخضر للكيان الغاصب ببدء العدوان. ذلك بالتأكيد كان خديعة كبرى ما كان لها أن تنطلي على القادة الإيرانيين.
لقد خبرت شعوب العالم الثالث، ومن ضمنها ايران حجم الخداع والتآمر الأمريكي ضد مصالح الشعوب، وكان من المفترض أن تكون القيادة الإيرانية في أقصى درجات الحذر والتحسب من أي غدر صهيو- أمريكي، ولكن ذلك لم يحدث للأسف. والنتيجة أن الخسائر كانت فادحة جدا في القيادات والمؤسسات الأمنية والاستخباراتية والنووية والاقتصادية.
لكن فات على العدو الصهيوني أن ايران ليست لقمة سهلة، وأن الجغرافيا إلى جانبها. فاسرائيل لا يتعدي حجمها 20700 كيلو متر مربع في حين ان حجم إيران يتجاوز 1650000كيلو متر مربع. ذلك يعني أن حجم اسرائيل هو اقل من 1,5 من حجم ايران. معنى ذلك أن الايرانيين يملكون من العمق الاستراتيجي عشرات اضعاف ما يملكه الكيان الغاضب،
وينبغي أن ناخذ بعين الإعتبار أن إيران تملك ترسانة كبيرة من الصواريخ فرط الصوتية القادرة دون عناء على ضرب اي موقع وإصابة الأهداف بالكيان الغاصب. هذا الامر ليس بمقدور اسرائيل رغم الاعتراف بتفوقها تكنولوجيا تطبيقه فوق الأراضي الايرانية بذات الدقه التي تنفذها ايران ضد اسرائيل. بسبب عمقها الاستراتيجي الكبير. وينبغي ان يؤخذ بالاعتبار أن ايران تقوم بتصنيع اسلحتها، ولا تعتمد على الخارج في تأمين احتياجاتها منه، بما يلغي فاعلية أي حصار يفرض عليها. أما اسرائيل فإن ما تمتلكه من أسلحة استراتيجية هو في معظمه مصنع في الخارج. يضاف إلى ذلك أن بيئة الجوار الإيراني في غالبها ليست معادية ، على النقيض من ذلك أن بيئة الجوار للكيان الصهيوني وبالأخص على المستوى الشعبي هي بييئة معادية وتنظر للصراع مع الصهاينه باعتباره صراع وجود.
ان اسمرار الحرب بين ايران والكيان الصهيوني ضمن الحقائق التي اشرنا إليها لن تكون نتائجها في صالح اسرائيل. وفي اليقين فإن اي تدخل اميركي أو أوروبي لن يكون بمقدره هزيمه الجغرافيا والأيام القادمه كفيلة بتأكيد هذه النتائج.