تحقيقات وتقارير

بوتين يهدد بالاستيلاء على سومي الأوكرانية ويقول إنه مستعد للقاء زيلينسكي

بوتين يهدد بالاستيلاء على سومي الأوكرانية ويقول إنه مستعد للقاء زيلينسكي

آدم جابر

الاتفاقُ على تبادل الأسرى الإنجاز الملموس الوحيد الذي خرجت به المفاوضات حتى اللحظة، حيث ترفض روسيا فكرة الهدنة غير المشروطة التي تطالب بها أوكرانيا، وحلفاؤها الأوروبيون.

 بينما تستحوذ الحرب التي تشنّها إسرائيل ضد إيران على الاهتمام وخصوصاً من جانب الولايات المتحدة، تخشى أوكرانيا من تهميش النزاع الذي تخوضه منذ ثلاث سنوات ضد روسيا.

ففي وقت يبدو فيه أن كلّ صراع جديد يطغى على سابقه، حولت الحرب الإسرائيلية الإيرانية أنظار قادة المجتمع الدولي بعيداً عن أوكرانيا، التي تستمر فيها المواجهات العسكرية مع روسيا للعام الثالث تواليا، وذلك في وقت يبدو فيه أن المحاولات الدبلوماسية من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين البلدين دخلت مجددا في نفق مظلم.
تعرضت مدينة خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، والواقعة شمال شرقي البلاد، هذا الأسبوع، لسلسلة من الضربات الروسية باستخدام الطائرات المسيّرة والقنابل الانزلاقية. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بعد تلك الضربات: «تواصل روسيا اتباع سياسة الإرهاب المتعمد ضد شعبنا».
كما لم يستبعد الرئيس الروسي أن تستولي بلاده على مدينة سومي الاستراتيجية، الواقعة على بُعد نحو 30 كيلومتراً من الحدود، في وقت حققت فيه القوات الروسية تقدماً في هذه المنطقة الواقعة شمال شرقي أوكرانيا. وقال بوتين خلال مناقشة في منتدى سانت بطرسبورغ الاقتصادي: «لا نسعى إلى السيطرة على سومي، لكن من حيث المبدأ لا أستبعد ذلك». وأضاف متحدثاً عن القوات الأوكرانية: «إنهم يشكلون تهديداً دائماً لنا، فهم يقصفون المناطق الحدودية باستمرار». وهدّد قائلاً: «هناك مثل يقول حيثما يضع الجندي الروسي قدمه، فإن تلك الأرض تصبح لنا».
ومنذ أسابيع، تعلن موسكو سيطرتها على قرى في منطقة سومي. ويؤكد الكرملين أنه يسعى إلى إنشاء منطقة عازلة هناك لمنع الجيش الأوكراني من تنفيذ هجمات جديدة داخل الأراضي الروسية، مثل الهجوم الذي شُن العام الماضي في منطقة كورسك الروسية، المحاذية لسومي.
وردت أوكرانيا على تصريحات الرئيس الروسي متهمة إياه بـ«ازدراء» عملية السلام التي بدأت الشهر الماضي بدفع من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وقال وزير الخارجية أندريه سيبيغا إن «تصريحات فلاديمير بوتين الخبيثة تُظهر ازدراء مطلقاً لمساعي السلام الأمريكية». وشدد الوزير الأوكراني على أن «السبيل الوحيد لحمل روسيا على السلام هو حرمانها من شعورها بالإفلات من العقاب».
وسط ذلك، أعلن الرئيس الأوكراني زيلينسكي أن بلاده نفذت يوم الجمعة عملية تبادل أسرى جديدة مع روسيا، بموجب الاتفاقات التي أُبرمت في إسطنبول مطلع حزيران/يونيو الجاري بين الطرفين المتحاربين، حيث اتفق البلدان على إطلاق سراح جميع أسرى الحرب من الجرحى أو الشباب، وعلى تبادل جثامين المقاتلين القتلى.
غير أن أيا من البلدين لم يفصح عن عدد الجنود الذين تم إطلاق سراحهم يوم الجمعة، على غرار ما حدث في التبادلات السابقة خلال الأسبوعين الماضيين. واكتفى الرئيس الرئيس الأوكراني بالقول: «رجالنا عادوا إلى وطنهم بعد أن تم أسرهم من قبل الروس». وأرفق زيلينسكي منشوره بصور لرجال تبدو آثار المعاناة على وجوههم، ورؤوسهم حليقة، ومعظمهم ملفوفون بالعلم الأوكراني. وأوضح وزير الداخلية الأوكراني، إيغور كليمنكو، من جانبه، أن هؤلاء الجنود «مصابون بجروح خطيرة أو يعانون من أمراض خطيرة»، وكان معظمهم قد وقع في الأسر عام 2022.
من جهتها، أكّدت وزارة الدفاع الروسية عملية التبادل، ونشرت صوراً لجنود روس يبتسمون ويلفّون أنفسهم بالأعلام الروسية. وقال الجيش الروسي في بيان: «بموجب الاتفاقات الروسية-الأوكرانية التي تم التوصل إليها مؤخراً في إسطنبول، عادت مجموعة من الجنود الروس من الأراضي الخاضعة لسيطرة نظام كييف». وأضافت أن مجموعة من «أسرى الحرب الأوكرانيين» تم تسليمهم بالمقابل. كما أوضحت أن «الجنود الروس حالياً موجودون على أراضي بيلاروسيا، حيث يتلقون الدعم النفسي والطبي الكامل».
ويُعد الاتفاقُ على تبادل الأسرى الإنجاز الملموس الوحيد الذي خرجت به المفاوضات حتى اللحظة، حيث ترفض روسيا فكرة الهدنة غير المشروطة التي تطالب بها أوكرانيا، وحلفاؤها الأوروبيون. وحددت مجموعة من المطالب من بينها أن تسحب كييف قواتها من أربع مناطق أعلنت روسيا ضمّها وأن تتخلى عن مسعاها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي وأن تقلص حجم جيشها.
من جهتها، ترفض كييف المطالب الروسية وتتّهم موسكو بتخريب جهود السلام عمدا لإطالة أمد الحرب. وأدت عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في بداية العام إلى إعادة تحريك المفاوضات بين الأوكرانيين والروس، والتي كانت متوقفة منذ ربيع عام 2022.
هذا الأسبوع، عبّر الرئيس الروسي عن استعداده للقاء نظيره الأوكراني لكن فقط في «المرحلة الأخيرة» من المفاوضات بين البلدين، والتي لم تسفر جولتاها اللتان عُقدتا حتى الآن في إسطنبول، بوساطة تركية، عن أي تقدم ملموس. غير أن فلاديمير بوتين شكّك مرة أخرى في شرعية فولوديمير زيلينكسي، الذي انتهت فترته الرئاسية في شهر أيار/مايو من العام الماضي، ولم تتمكن كييف من إجراء انتخابات رئاسية بسبب الهجوم الروسي وفرض الأحكام العرفية.
كما اعتبر الرئيس الروسي أن مساعي حلف شمال الأطلسي «ناتو» لزيادة الإنفاق الدفاعي لا تشكل تهديدا لروسيا، قبل أيام من توقيع التحالف خطة لتعزيز قدراته العسكرية في أنحاء أوروبا. وجاءت تصريحات بوتين قبل بضعة أيام من اجتماع حاسم، في لاهاي، للدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، لمناقشة زيادة الإنفاق الدفاعي إلى خمسة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء، تحت ضغط من الرئيس الأمريكي ترامب.
وتسعى كييف للحصول على ضمانات أمنية من حلف شمال الأطلسي كجزء من أي اتفاق لوقف القتال، بعد أكثر من ثلاث سنوات على بدء الغزو الروسي.

 ـ «القدس العربي»:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب